منفذ سريع لشفط المليارات
ربما نسينا المليارات التي شفطتها حفنة من التّجار خلال فترة زمنية قصيرة عند السماح لهم منذ عدة سنوات باستيراد المازوت من لبنان. ولدى المصرف المركزي الأدلة لكيفية شفط هذه المليارات دون أن يدفع من حوّلوها إلى دولارات في السوق السوداء قرشاً واحداً من الضرائب المترتبة عليها لخزينة الدولة!
وما حدث وقتها أن اللجنة الاقتصادية فتحت حينها لحيتان المال والاستيراد، ولفترة محددة جداً، منفذاً سريعاً لشفط المليارات من الصناعيين المنتجين! المذهل بل والمريب أن ما من جهة حكومية باستثناء حاكمية المصرف سألت عن مصير المليارات الناجمة عن استيراد المازوت عن طريق لبنان ولم تكترث وزارة المالية بملاحقتهم ضريبياً.. فلماذا؟.
من المؤكد أن مستوردي المازوت، شافطي المليارات، يتصدّرون قائمة من أطلق عليهم رئيس الحكومة السابق المهندس عماد خميس (كبار المكلفين الضريبيين المحميين)، ومع ذلك لم يلاحقهم أحد حتى رئيس الحكومة السابق.. فلماذا؟!
نثير هذا الموضوع مجدداً بعد إثارة مشكلة تأمين مادة المازوت للصناعيين، أي تماماً مثلما حدث منذ أكثر من ست سنوات. وها هي غرفة تجارة دمشق تطالب بالسماح لهم باستيراده، أي تطلب من الحكومة إعادة فتح المنفذ السريع لقلة من حيتان الاستيراد لشفط المزيد من المليارات من الصناعيين. وتزعم الغرفة أن كلفة ليتر المازوت المستورد لن تتجاوز 1700 ليرة، في حين يبلغ سعره في السوق السوداء 2500 ليرة، أي بفارق 800 ليرة.
لا ندري إن كانت اللجنة الاقتصادية ستستجيب لمطلب التّجار وتسمح لحيتان المال باستيراد المازوت، لكننا نسألها مع ملايين المواطنين وفي طليعتهم الصناعيون والمزارعون: من يموّل السوق السوداء بالمازوت سوى وزارة النفط؟
لقد وعدت الحكومة السابقة بعد رفع سعر ليتر المازوت للصناعيين بتوفيره لهم بالسعر الجديد الذي بقي أرخص من السوق السوداء، لكنها لم تفِ بوعدها وبقي الصناعيون والمزارعون المقتدرون يشترون حاجتهم من السوق السوداء، مع ما يعنيه ذلك من زيادة التكلفة وتحميلها للمستهلك النهائي، فالصناعي بالمحصلة لن يبيع بخسارة.
وبدلاً من فتح منفذ سريع من جديد لحيتان الاستيراد، فلتنشغل وزارة النفط بوضع آليات فعّالة لمكافحة السوق السوداء للمازوت، وهي أكثر من قادرة في حال كانت جادة.
نعم.. اجتثاث المتاجرة بالمازوت والوصول إلى الرؤوس الكبيرة لمافيا المحروقات ليس بالمهمة المستحيلة. وإذا كانت عملية اجتثاث مافيا المحروقات متعذّرة فعلاً فهناك آليات تمنع تهريب المادة للمافيا.. فلماذا لا تُعتمد؟
بما أن وزارة النفط تحتكر تجارة المحروقات، فلماذا لا تقيم منصة إلكترونية تتابع من خلالها حركة انسياب المادة وتداولها ساعة بساعة، بدءاً من المستودعات فالصهاريج والمحطات فإلى المستهلكين.. إلخ.
الخلاصة: من الخطأ فتح منفذ سريع لحيتان المال لشفط المزيد من المليارات لتحويلها إلى دولارات سوداء وتهريبها إلى خارج البلاد، فالأجدى والأفعل تنفيذ آليات تمنع وصول المحروقات إلى السوق السوداء.
علي عبود