امتلاك السوريين حوالى 1200 سفينة لم يشفع لهم لإقامة مناطق صناعية بحرية..!
اللاذقية – مروان حويجة
لم تتمكن مدينة اللاذقية من إقامة سوق للمهن البحرية التي تعد سوقاً بديهية وضرورية بآن معاً في مدينة بحرية من حقها أن تحظى بمثل هذه السوق لتقدم طابعها البحري للزائر، ولتوظيف هذا الطابع اقتصادياً وسياحياً وتشغيلياً.
وللأسف، فإن هذا المشروع الحيوي لم يلقَ الاهتمام منذ سنوات و عقود من جهات عديدة أهمها مجلس المدينة بالنسبة لسوق المهن والحرف البحرية – كسوق حاضن لهذه المهن – ولم يمدّ يد المساعدة والعون لجهات حاولت العمل على المشروع ولاسيما اتحاد حرفيي المحافظة، إذ كان المطلوب من مجلس المدينة عبر دورات متعاقبة تأمين موقع يحتضن سوق المهن البحرية، لكن التسويف وإطلاق الوعود وتشكيل اللجان وعقد الاجتماعات كان السقف الأعلى لتعاون بلدية اللاذقية، وهذا ما تسبّب بضياع فرص استثمارية وترويجية واقتصادية وتشغيلية على مدى سنوات طويلة مرت دونما أية خطوة على أرض الواقع.
كنّا نتمنى أن استقصاء رأي رئاسة مجلس مدينة اللاذقية عن هكذا مشروع، إلّا أن التغيير المستمر في مكتبه التنفيذي، و آخره قبل أيام قليلة، يجعل ذلك الاستقصاء غير دقيق لأن مجلس المدينة يشهد حالة من عدم الاستقرار منذ قرابة خمس سنوات تم خلالها تغيير مكتبه التنفيذي ثمان مرات..!.
أما مشروع الحلم الأكبر الذي كان مطروحاً بقوة قبل الحرب، فهو المشروع الاقتصادي بامتياز، والمتمثل بإقامة مناطق صناعية بحرية تخدّم كل السفن التي ترفع العلم الوطني إضافة الى غيرها من السفن.
وحول المآل الذي وصل إليه المشروع المقترح لسوق المهن البحرية، سألنا رئيس اتحاد حرفيي المحافظة، جهاد برو، فأكّد أنه لم تكن هناك أية خطوة جدّية على أرض الواقع لإقامة مثل هكذا سوق تعدّ بالغة الأهمية لمدينة اللاذقية المشهورة بالمهن البحرية التي توائم موقعها وطابعها البحري والملاحي، مبيّناً أن اتحاد حرفيي المحافظة لا يستطيع إقامة مثل هذا المشروع إذا لم يتمكن من الحصول على الموقع اللازم له، وقد كانت هناك محاولات كثيرة من خلال المراسلات والكتب والاجتماعات واللقاءات واللجان مع مجلس المدينة لأجل تحديد الموقع، وتخصيص المساحة التي تسمح بمثل هذا المشروع الذي يعتبر حاجة حقيقية لمدينة اللاذقية للحفاظ على مهن بحرية تراثية ملتصقة بتاريخ وبطبيعة المدينة ونشاطها الملاحي، ومنها المراكب البحرية و أدوات و معدات الصيد وحتى المجسمات التزيينية لمثل هذه المكونات والتي تشغّل الكثير من الحرفيين وأصحاب المهن وتستقطب أيضاً الكثير من الزائرين.
وحول مدى أهمية إنشاء مشروع لدعم المهن الصناعات البحرية قال مدير عام المؤسسة العامة للتدريب و التأهيل البحري المهندس محمد أحمد إن المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري تقوم بتأهيل وتدريب وتخريج كوادر بحرية مؤهلة بمجموعة من الاختصاصات المختلفة، وتحتاج هذه الكوادر الى وجود سوق عمل بحرية متنوعة ليس فقط على متن السفن التجارية ولكن في المناطق الصناعية البحرية ومناطق المهن البحرية والأحواض وغيرها، وأهم نقطة أساسية لوجود سوق مهن بحرية هو وجود مدينة صناعية بحرية أو أحواض للسفن.
وأشار أحمد إلى إسهام هذا المشروع في إجراء الصيانات الدورية للسفن والتحويض الإلزامي للسفن مرتين كل خمس سنوات وهذا يكلف أعباء كبيرة. لملّاكي و أصحاب السفن.
وأضاف مدير مؤسسة التدريب والتأهيل اللحري: يحتاج العمل البحري إلى تنظيم واستثمارات ويجب المباشرة بهذه الأعمال بشكل سريع جداً لأنها رافد للاقتصاد الوطني وجاذب للاستثمارات بشكل كبير جداًً وهذا يجعل القطاع البحري السوري ينطلق ويعمل بشكل فعال أكثر.
وحول عدد السفن المسجّلة التي يملكها سوريون أوضح أحمد أن الإحصائيات متفاوتة حيث تفيد أن السوريين يمتلكون ما بين 800 إلى 1200 سفينة مسجّلة ضمن أعلام دول أخرى وهذه السفن تحتاج الى تحويض دوري تقوم بتنفيذ هذه الأعمال وهذه الصيانات تتم بدول مجاورة ومناطق مختلفة، ومبدئياً الأرقام الأولية تشير الى أن تحويض كل سفينة خلال سنتين أو سنتين ونصف يحتاج من 100 إلى 200 ألف دولار ليصل إلى نصف مليون دولار وهذه الأموال يمكن أن تأتي إلينا عائدات وإيرادات فلدينا الخبرات والكفاءات والكوادر ولكن تنقصنا الإرادة والقرار الفعلي والإدارة الفعالة لذلك.
و عن التأثيرات البيئية المحتملة لمثل هذه المشاريع على منطقة ساحلية سياحية مثل اللاذقية أكد أحمد أن هناك ضوابط كثيرة لمنع ومكافحة التلوث البحري وأن هذه المشاريع لها اشتراطات دولية وكما أنّ دول العالم تقيم أحواضاً على شواطئها مع متابعة ومعالجة ومنع الظواهر غير البيئية ومنع الصيانات غير الشرعية والملوثة للبيئة البحرية بشكل كبير جداً.
وأكد أحمد أن هناك الكثير من المهن البحرية المهمة التي يمكن أن يستفيد منها الخريج و منها مهن الصيانات وهي غير المهن المرخصة لدى المديرية العامة للموانئ ولها علاقة بتموين السفن و مجموعة المهن الإضافية المرتبطة بالتصنيع والبناء والصيانة ويمكن لكل المؤهلين بها كما يمكن تأهيل من يرغب بذلك بمراكز التدريب والتأهيل، فالمؤسسة جاهزة لتأهيل الكوادر البحرية لكافة الاختصاصات والمهن في الإدارة والأعمال التجارية والتخليص الجمركي والشحن والتفريغ وغيرها من كافة الأعمال التي لا تقوم بها المؤسسة حالياً.