الحرب الباردة ضد الصين
ترجمة وإعداد: هيفاء علي
بعد المغادرة المذلة من أفغانستان، تتحه الأنظار في واشنطن إلى “الحرب الباردة” ضد الصين، حيث باتت قاعدة التركيز على عرقلة الصين بمثابة الخطوة الأساسية للصقور الأمريكيين المحرضين على المزيد من التدخلات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم.
مؤخراً صدر كتاب جديد لبريدج كولبي، الذي كان يعمل في البنتاغون في عهد ترامب للمساعدة في تصميم إستراتيجيته للدفاع الوطني، بعنوان “إستراتيجية الإنكار: الدفاع الأمريكي في عصر صراع القوى العظمى”. ينادي الكتاب بـسياسة خارجية تترك بوضوح وحزم حقبة ما بعد 11 أيلول. ويقول إن التركيز على إيران وكوريا الديمقراطية هو أمر مضلل، لأن الهدف هو الصين. وفي معرض تعليقها على هذا الكتاب، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن هذا الكتاب يركز على محاولة الصين ترسيخ مكانتها في آسيا باعتبارها أكبر تهديد للقرن الحادي والعشرين، أما جميع التحديات الأخرى ثانوية، بحيث تكون الصين هي التي تهدد المصالح الأمريكية، من خلال توطيد القوة الاقتصادية في آسيا التي تعرض الازدهار الأمريكي للخطر. لذلك، يجب تنظيم سياسة الولايات المتحدة بطريقة تحرم بكين من الهيمنة الإقليمية وتردع أي مغامرة عسكرية، وقبل كل شيء ، من خلال التزام أقوى بالدفاع عن جزيرة تايوان، بحسب الصحيفة.
ووفقاً للكتاب فإن أفضل طريقة للولايات المتحدة لإضعاف الصين هي جعل “العالم ضد الصين” من خلال مواجهتها بتحالف عابر للحدود، قائم على صراع القيم بين الديمقراطية والاستبداد، وعدم تكرار الخطأ الذي كان وراء سياسات 11 أيلول. لذلك سيكون من الصعوبة بمكان أن تتخيل واشنطن أن “العالم” يمكن أن يقف إلى جانبها ضد الصين. وللتذكير ، فقد تلطخت الديمقراطية الأمريكية في عيون العالم في ضوء انتخابات عام 2020 وقد شارك في هذا الرأي ما يقرب من 70 إلى 80 مليون أمريكي.
يتساءل مؤلف الكتاب، ما الذي يمزق أمريكا؟. وسرعان ما يجيب على هذا التساؤل بالتأكيد أنه بعد أحداث 11 أيلول، غزا بوش الابن أفغانستان والعراق، ومن ثم هاجم الرئيس باراك أوباما ليبيا، وأغرقنا في الحرب السورية واليمنية. لذلك خلال 20 عاماً كنا مسؤولين عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وتهجير مئات الآلاف من منازلهم وبلدانهم. هل الأمريكيون حقاً غافلون؟ كثير من هؤلاء الناس يريدون منا مغادرة بلدانهم لنفس السبب الذي دفع الأمريكيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى المطالبة بمغادرة الفرنسيين والبريطانيين والإسبان بلادنا ونصف الكرة الأرضية.
ويضيف، هل المعركة ضد الصين منطقية؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة، التي يعتبر نظامها الاقتصادي والمالي غير مستقر للغاية اليوم، تحمل دفع الصين إلى وضع اقتصادي غير موات؟ هل تستطيع الولايات المتحدة، التي نقلت قدراً كبيراً من طاقتها الإنتاجية إلى الصين لتحقيق ربح قصير الأجل، تحمل تبعات هذا العداء؟ و هل يشارك قادة الأعمال الأمريكيون حقاً الرأي القائل بأن التوحيد (الحتمي) للقوة الاقتصادية في آسيا يهدد الازدهار الأمريكي، وأن مثل هذا الاندماج يمكن أن يحطم النظام الإمبراطوري القائم على الدولار؟.