الولايات المتحدة نمر من ورق
إعداد: عائدة أسعد
أجرى نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو هي، والممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي مكالمة فيديو قبل أيام، تناولت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية والتجارية، وحلّ المخاوف المشروعة لبعضهما البعض من خلال التشاور.
صحيح أن الولايات المتحدة خفّفت من موقفها في المحادثات، لكن موقفها العام بقي كما هو، أي “الإمساك بعصا كبيرة وطرح مطالبها وممارسة الإكراه ضد الصين”. قبل المكالمة، قال الجانب الأمريكي إن هذا اختبار لما إذا كان التواصل المباشر مع الصين سيساعد في تأمين أهداف واشنطن، لكن بعد المكالمة أعربت واشنطن عن مخاوفها فيما يتعلق بالسياسات والممارسات التي تقودها الصين والتي تضرّ بالعمال والمزارعين والشركات الأمريكية.
هذا الصراع بين الصين والولايات المتحدة حول التجارة بدأ في عام 2018 عندما فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية كبيرة على الواردات من الصين ما أدى إلى شنّ حرب تجارية واسعة النطاق مع الصين وتوسّع الصراع بين البلدين ليشمل مجالات أوسع بما في ذلك التكنولوجيا والسياسة، حيث أضرّت الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الإدارة الأمريكية السابقة ببكين وواشنطن، وبالتالي أدى ذلك إلى معارضة واسعة النطاق من مجتمع الأعمال والمستهلكين في الولايات المتحدة، وهنا يلوح في الأفق السؤال التالي: هل ستتخذ إدارة بايدن إجراءات حقيقية لرفع الرسوم الجمركية وإزالة الشركات الصينية من قائمة الكيانات الأمريكية؟. إن الجواب سيكون على ذلك بمثابة معيار لما إذا كانت مهتمة حقاً بتيسير العلاقات الصينية الأمريكية.
لكن من الواضح أن الولايات المتحدة تريد إضعاف الديناميكيات والقدرة التنافسية التي تتشكّل بشكل مستقل في الاقتصاد الصيني، وتفكيك السيادة الاقتصادية للصين، وهي تسعى إلى جعل الاقتصاد الصيني يخدم المصالح الأمريكية من جانب واحد، وتمزيق الاقتصاد الصيني، وجعله يندمج مجدداً في سلسلة التوريد التي تهيمن عليها الولايات المتحدة بشكل واضح. فواشنطن ترى أنه لا ينبغي لبكين تطوير أي تقنية عالية، ويجب أن تسمح لقدرتها التنافسية بالهبوط والبقاء في الطرف الأدنى من الطيف، والذي يمكن أن يضمن الأمن على المدى الطويل لمكانة الولايات المتحدة الرائدة في القطاع التكنولوجي بشكل عام.
ومع ذلك فقد مرت ثلاث سنوات ونصف منذ أن بدأت الولايات المتحدة حربها التجارية ضد الصين ولم تسحق واشنطن الاقتصاد الصيني، وبدلاً من ذلك نمت القوة الاقتصادية للصين وقدرتها على إجراء التجارة الدولية، حيث أصبح -بعد هذه المعركة- لدى المجتمع الدولي بشكل عام والصيني بشكل خاص فهم جديد للولايات المتحدة على أنها نمر من ورق، وأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين تتشكل من خلال الجغرافيا السياسية، فهي تدّعي أنها تهتمّ بحقوق الإنسان في الصين بينما لا تقبل الرخاء الجماعي للشعب الصيني. أما من المنظور الجيوسياسي، فترفض السماح للصين بأن تصبح قوية، مع العلم أن سياسة الصين لكلّ من الإدارات الحالية والسابقة ليس لها اختلافات جوهرية والمناخ السياسي الحالي في واشنطن لا يسمح بالتغييرات أيضاً.
برأي المحلّلين الصينيين على الولايات المتحدة أن تدرك أن سياستها الصارمة تجاه الصين لن تسفر عن أي نتائج مرغوبة، ولن تؤدي إلا إلى إضعاف نفسها على المدى الطويل، ولن يفيد حلّ المخاوف الإستراتيجية الرئيسية للولايات المتحدة في نهاية المطاف. كما أن الإيماءات المفتوحة الحالية لإدارة بايدن هي بلا شك نتيجة جهود الصين وإثباتها في الوقت نفسه لقدرتها على التطوير المستمر، وهذه الإستراتيجية الناجحة يجب أن تستمر دون أي شك.