اتحاد كرة القدم.. الاستقالة لا تكفي ولابد من المحاسبة الجادة
ناصر النجار
حصيلة هي الأسوأ في تاريخ كرة القدم السورية على صعيد المنتخبين الأول والأولمبي في هذا الموسم السياحي، فالمنتخب الأولمبي لم يفز في مشاركته ببطولة غرب آسيا إلا على البحرين، وخسر مع السعودية، ومع الأردن، وكانت الخسارة مع الأردن قاسية في شكلها ومضمونها (5/2)،
ومنتخبنا الأول لم يكن بحال أفضل فتعرّض لثلاث خسارات مع تعادل وحيد مع الإمارات، وإذا كانت الخسارة أمام كوريا الجنوبية، وقبلها أمام إيران مفهومة، إلا أن الخسارة مع لبنان بحجم الكارثة التي يجب أن تقلع اتحاد كرة القدم من جذوره.
المسألة لم تعد مسألة حكم حرمنا من ركلة جزاء أو عارضة أطاحت بطموحنا، بل هي أكبر من هذه الجزئيات كلها، فالحقيقة لم تعد تحتمل أن نختبئ خلفها، فالتخبط والعشوائية والمصالح الشخصية، وأدت شخصية اتحاد كرة القدم وهويته إلى هذا المستوى المتدني بكل شيء، ولا يمكننا فصل العمل الإداري عن العمل الفني، لأن العمل الإداري هو نتاج التحضير، وتأمين المستلزمات، وتهيئة أجواء مريحة للمنتخبات بعيداً عن التجاذبات والمشاكل والخلافات.
رئيس اتحاد كرة القدم حوّل الاتحاد إلى مزرعة خاصة، فصار الموظفون والمرافقون للمنتخبات بتسميات عديدة ما أنزل الله بها من سلطان من أولئك الذين يلوذون به، وللأسف جاء هؤلاء ليحلوا محل خبراء أبعدوا قسراً عن كرتنا وعن منتخباتنا، ليس لسبب وجيه، وإنما لأنهم ليسوا من جماعتنا، وللأسف فإن رياضتنا كلها مازالت تحكمها مقولة: (هذا معنا وهذا ضدنا)،
وبذلك تدفع ثمن الأخطاء الفادحة لهذا الاتحاد منذ بداية استلامه لمهامه، ولعل أبرز الأخطاء الكبيرة تعيين المدرب التونسي المعلول والصبر عليه لمدة عام، وكان الفائز الوحيد في الصراع الذي لا ينتهي فنال ملايين الدولارات وطار بها إلى تونس، وأورثنا منتخباً عاجزاً متهالكاً دون أن يقوى اتحادنا على المواجهة أو محاسبة المدرب، وقد يكون سبب ذلك أن وراء الأكمة ما وراءها، وجاءت كل عقود الاتحاد الأخرى فاشلة بامتياز، ولعل عقد رعاية الدوري الكروي الممتاز خير دليل على ذلك، فالمستثمر يسرح ويمرح ويتاجر بالدوري، واتحاد الكرة يكتفي بدور المتفرج، ولم يقبض أي قرش من مئات الملايين المفترض أن يقبضها من المستثمر من الموسم الماضي والموسم الحالي، وكذلك عقد رعاية التجهيزات الرياضية، وغيرها من الأمور الأخرى التي أثبتت أن اتحاد الكرة غير جدير بتولي المهام، وقد أضاع على كرتنا مئات الملايين من العملة الصعبة، فضلاً عن أنه مسح هيبة كرتنا بالأرض.
اتحاد كرة القدم لم يبرع إلا بالسياحة والسفر والترحال والتسوق، ورئيس الاتحاد لم يترك “سفرة” للمنتخب أو مؤتمراً أو ندوة أو اجتماعاً إلا وسبق الجميع إلى المطار، وبقية أعضاء الاتحاد المقربين كانوا يسافرون معه أو مع بقية المنتخبات، ومثلهم الموظفون المقربون والمرافقون ليسهروا على راحة رئيس الاتحاد، ولو أن النتائج والأداء لهذه المنتخبات كانا مقبولين لربما تم غض النظر عن هذه السفرات السياحية، ولكن لم نجن منها إلا الخيبة والعار وإهدار المزيد من المال العام بلا طائل أو أدنى فائدة.
الأخبار غير الرسمية تتحدث عن إقالات واستقالات لاتحاد كرة القدم، وحتى الآن لم يصل إلى مسامعنا ما هو رسمي، نحن لن نقبل بالاستقالة لتكون صك براءة لهذا الاتحاد، بل نطالب بالمحاسبة والمحاسبة الجادة، وقبل هذا أو ذاك لابد من تغيير العقلية التي تدار بها كرتنا ورياضتنا، ولابد من آليات جديدة بعد أن فشلت كل الاتحادات السابقة بمهامها.