مستر أولمبيا بين التاريخ وسيطرة “البيغ رامي”.. قصة رياضة مليئة بالفائدة والشائعات!!
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
استطاع اللاعب المصري ممدوح السبيعي، المعروف بـ “البيغ رامي”، حصد أرفع ألقاب رياضة بناء الأجسام، وهو لقب “مستر أولمبيا” للمرة الثانية توالياً، محققاً إنجازاً تاريخياً عربياً وشخصياً.. لقب استحقة رامي عن جدارة بعد منافسةٍ شرسة مع أقرانه ضجّت لها الصحافة العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل أن تبدأ المنافسة بأيام، نظراً للحظوة التي حصدتها هذه الرياضة في العقد الأخير، فهي الرياضة الفردية الأكثر شعبية ومتابعة والتي تحظى بضخ مالي كبير جدا.
“بيغ رامي” بات أول لاعب يفوز بالبطولة مرتين على التوالي منذ فيل هيث الذي حقق اللقب 7 مرات متتالية، ما بين 2011 و2017. وحصد رامي المركز الأول، يليه الأمريكي براندون كوري، ثم الإيراني هادي تشوبان، والأمريكي هانتر لابرادا، وفي المركز الخامس جاء الأمريكي الواعد نيك واكر. وظهر رامي في حلة مثالية رفقة تشوبان وكوري مما وضع لجنة التحكيم في حيرة وانقسام، لكن الكفة مالت أخيراً للاعب العربي.
ابن السادسة والثلاثين صُنع في بلد عربي، ولكن ليس بلده الأم وإنما الكويت التي بدأ فيها مسيرته الفعلية في اللعبة، حين توج بكأس الكويت الذهبية لكمال الأجسام عام 2012، وفي نفس السنة حصد أول بطولة أولمبيا ولكن للهواة، وشهد العام التالي قفزة قوية في مسيرته تمثلت في أولى مشاركاته في بطولات الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية، وتحديداً في منافسات “نيويورك برو أولمبيا” التي استطاع التتوج بلقبها، مؤكداً قدرته ورغبته في ترك بصمة قوية في تاريخ اللعبة، وفي نهاية العام شارك لأول مرة في “مستر أولمبيا” محرزاً المركز الثامن، والسابع في 2014، والخامس في 2015، والرابع في 2016، ثم وصيفاً في 2017، قبل أن يتراجع للمركز الثامن في نسخة 2018، ثم حل بالصدارة في 2020 و2021.
كما توج ببطولة “أرنولد كلاسيك” ثاني أقوى البطولات في رياضة بناء الأجسام عام 2015 و2017، وكذلك حل في المركز الثاني في بطولة “براغ برو” عامي 2015 و2016.
وبعد فوزه شغلت مواقع التواصل مسألةٌ فنية ظهر فيها رامي أثناء المنافسة، وهي اللون الداكن لبشرته. ومن المعروف أن لاعبي بناء الأجسام يقومون بدهن مادة خاصة الغرض منها إبراز شكل العضلات أكثر وإبراز التفاصيل الدقيقة لها، وقبل هذه المادة كان اللاعبون يلجؤون للحصولة على اللون البرونزي الطبيعي من أشعة الشمس، والسبب في هذه الظاهرة ملاحظة القائمين على البطولة اختلاف شكل ونسق الجسم بين أصحاب البشرة الفاتحة والداكنة، وبالفعل قامت مادة الـ “تان” بثورة لصالح أصحاب البشرة الفاتحة.
هذه البطولة الشهيرة، التي سلبت أخبارها ألباب الشباب حول المعمورة، هي أكبر لقب للمحترفين في الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية، وقد نشأت على يدي جو ويدر الذي رغب بإنشاء بطولة تكرم فيها أفضل رياضيي هذه اللعبة حول العالم، وسماها بـ “أولمبيا” تيمناً بالجبل اليوناني الذي كان ملهماً لكل الرياضيين قديماً وحديثاً، وأقيمت النسخة الأولى في 18 كانون الأول 1965 بأكاديمية بروكلين للموسيقى، في مدينة نيويورك، ونال الأمريكي لاري سكوت اللقبين الأولين، في عامي 1965 و1966، ثم تبعه الكوبي سيرجيو أوليفا فنال ثلاثة ألقاب متوالية من 1967 وحتى 1969، إلى أن أتى عصر أسطورة بناء الأجسام النمساوي أرنولد شوارزنيغر الذي حصد اللقب 6 مرات متتالية من عام 1970 وحتى عام 1975، ليتجه بعدها إلى التمثيل من أوسع أبوابه، فاعتزل المشاركة في البطولة، لكن تحدي العديد من أبطال هذه اللعبة والقائمين على البطولة بالتشكيك في قدرته على حصد اللقب، في ظل تطورها ووجود خامات جديدة أقوى، جعله يعود للمشاركة عام 1980 حاصداً لقبه السابع، أما أول إنجاز عربي في البطولة فجاء من قبل اللبناني سمير بنوت الذي نال اللقب عام 1983، كما أحرز المصري محمد مكاوي المركز الثاني في نفس السنة.
وكانت البطولة تلعب بنظام الوزن المفتوح إلّا بين عامي 1974 و1979، حيث عمل بنظام التنافس بين وزنين، هما الخفيف والثقيل، ثم بطل الأبطال للوزنين معاً، ثم أعيد الحال إلى ما كان عليه سابقاً من وزن مفتوح واحد فقط سنة 1980 وإلى الآن. أما الأكثر تتويجاً فهما الأمريكييان روني كولمان ولي هاني، وأكبر فائزٍ سناً بمستر أولمبيا هو شون رودين، وكان عمره 43 سنة، حين فاز بها سنة 2018، بينما أصغر منافس فيها هو الأمريكي هارولد بول صاحب المركز الثاني في أوليمبيا 1965 و1966، وكان عمره 21 سنة. ويعتبر فرانك زين الوحيد من بين حاملي لقب أولمبيا صاحب جسم من الشكل الرفيع.
أما أهم شروط التأهل لمنافسات هذه البطولة فهي أن ينال المتأهلون أحد الألقاب التالية: الستة الأوائل في بطولة أرنولد كلاسيك، أو أن يكون بطلا سابقا في مستر أولمبيا، لكن بعد مرور خمس سنوات لا بد من الحصول على موافقة الاتحاد الدولي، وهناك الخمسة الأوائل في بطولة نيويورك برو، والثلاثة الأوائل في أي بطولة أخرى للمحترفين ينظمها الاتحاد الدولي للعبة في الموسم السابق لمستر أولمبيا، والستة الأوائل في مستر أولمبيا للسنة السابقة، وأخيراً الأول في بطولة العالم للهواة للاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية.
وبعيدا عن البطولة، لابد من التأكيد على أن هذه الرياضة متعددة الفوائد رغم إثارة البعض لمخاوف غير دقيقة بحجة اللجوء إلى المكملات الغذائية والأبر الهرمونية والمواد البنائية غير الطبيعية، ولكن هذه ظاهرة تنتشر في أوساط اللاعبين الذين يرغبون في احتراف هذه اللعبة والمشاركة في بطولاتها، فهي تشكل ثقافة متجذرة في البلاد العربية رغم أن العاملين الأساسيين للنجاح فيها هما الاستمرارية والتغذية الصحيحة، فالأبطال الصغار في السن قليلون أي أن الجسم يحتاج بشكل طبيعي لسنوات حتى يبني تلك الكتل العضلية، ولا ضرورة لكل تلك المواد. وبغض النظر عن كل ذلك، لهذه الرياضة جانب أكثر إشراقاً وامتاعاً، فهي ضمن الشروط السليمة للممارسة؛ وبعيداً عن موضوع البطولات، فهي أكثر الرياضات مساهمةً في تخفيض الوزن وفي الوقت نفسه صقل وشد الجسم لتأهيله لممارسة أي رياضة أخرى، وتتطلب ممارستها بشكل عام الكثير من العناية والاهتمام خاصة للمبتدئين الذين يطلب منهم أن يتعلموا ضرورة الالتزام بالبرنامج الخاص بهم سواء في التمارين أو التغذية. وتقوم رياضة بناء الأجسام على تحفيز عضلات الجسم للنمو بشكل مثالي ومتناسق، وتظهر هذه النتائج عادةً بين ستة أشهر وسنة من ممارستها، ومن أهم قواعدها التي يجب إتباعها للوصول إلى النتائج المرجوة هي اتباع النظام الغذائي المطلوب والتدريب الدوري وأخذ قسط كاف من الراحة لتمكين العضلات من النمو.
ولهذه الرياضة العديد من الفوائد غير إنقاص الوزن وتنمية القوة البدنية والعضلية، فهي تعمل على تعزيز قدرة التحمل ومرونة المفاصل والعضلات، وتعمل على تقوية عضلة القلب وكذلك الأوعية الدموية حيث تمكن القلب من عملية ضخ كمية دم كبيرة في كل نبضة، وتخفض خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي والقلب، كما تتعدى فوائدها الجانب الفيزيائي لتصل للجانب النفسي.
أما أكثر الأخطاء الشائعة عند ممارسة بناء الأجسام فهي الشعور بالإحباط المبكر والتخلي عن مداومة التدريب بسبب بطء التقدم أو الوصول للجسم المطلوب نتيجة المقارنة مع محترفي هذه اللعبة وكأنهم حصلوا على أجسامهم بين ليلة وضحاها، إضافةً لاستخدام مواد كيميائية سواء بالحقن أو عن طريق الطعام.