عودة العالم إلى سورية – الجوهر والمظهر !..
د. مهدي دخل الله
أظهرت مراكز البحوث في عدد كبير من الدول اهتماماً مركزاً بظاهرة « انفتاح العالم » على سورية من جديد . كثير من هذه البحوث رأت في هذه الظاهرة « تغيراً ذاتي المنشأ » في مواقف دول حاربت سورية ودعمت الإرهاب فيها لمدة عشر سنوات ..
من يطلع على هذه البحوث والتقارير التي تعد بالعشرات يشعر وكأن « هداية إلهية » نزلت على قلوب رؤساء وملوك ووزراء في دول عربية وغربية, بعد أن كانوا من ألد أعداء سورية وأكثر الداعمين لإرهاب دولي منفلت من عقاله ..
وهناك من لا يرى في هذه الظاهرة هداية وإنما يعدها مجرد نتيجة لارتباك متراكم في سياسات أعداء سورية وضعف في التنسيق بينهم . هذا كله يعني أن التغيير الطفيف في مواقف العداء لسورية هو « منّة » و« منحة » حصلت عليها سورية بسبب « الكرم » أو « الارتباك » أو كليهما لدى هذه القوى ..
ولو أحببنا الاستمرار في هذا التفسير الرومنسي للظاهرة لاعتقدنا جميعاً بأن سورية بلد محظوظ بسبب ما ظهر عند أعدائه من « هداية » أو « ارتباك » في السياسات ..
بالمقابل .. يساعدنا المنهج النقدي في تحليل الظواهر على معرفة الحقيقة بعيداً عن الخيال والرغبة . يؤكد هذا المنهج على أن الخطوة الأولى في تحليل الظاهرة اكتشاف جوهرها . ففي الجوهر يتموضع الفعل ، بينما يتموضع الأثر في المظاهر ..
لابد دائماً من البحث عن الفعل كي نفهم المظاهر وليس العكس كما تفعل مراكز البحوث المسيّسة ، وكذلك عدد كبير من المتابعين والصحفيين اللاهثين خلف تقرير أو خبر دون تمحيص ..
الفعل في ظاهرة « العودة إلى سورية » هو النجاح في « التصدي الكبير» الذي يعد من أهم معجزات العصر إذا أخذنا بعين الاعتبار حجم الإمكانات المحشودة ضد سورية ونوعها . أما الانعكاس فهو في عودة « أعداء الأمس » إلى سورية مطأطئي الرأس محنيي الظهر ..
لا شكر على عودتهم ، لأن الشكر يتوجه لصاحب الفعل ، شعب سورية العظيم ، فهو الذي فرض على الظاهرة انعكاساتها ومظاهرها .