الجولان سوري.. وسيبقى
صلاح الدين ابراهيم
يبدو أن نفتالي بينيت رئيس وزراء الكيان الصهيوني أعماه الغرور والغطرسة والعدوانية عن إجراء قراءة صحيحة لتاريخ سورية وجغرافيتها والتطورات المتسارعة إقليمياً ودولياً، أثناء مشاركته في منتدى حول “مستقبل مرتفعات الجولان المحتلة”، جازماً بأن كيانه سيحتفظ بهذه المرتفعات حتى لو تغيّرت المواقف الدولية تجاه سورية، وواعداً ببناء المزيد من المستوطنات فيها.
لكن ما لا يدركه بينيت أن ظروف نكسة حزيران 1967 غير الظروف الراهنة سياسياً وعسكرياً، وأن الجيش العربي السوري الذي صمد أكثر من عشرة أعوام، ونجح في إحباط مؤامرة كونية شاركت فيها أكثر من 80 دولة بزعامة أمريكا، وكانت تهدف إلى تدمير سورية وتفتيت وحدتها قد استعاد معظم الأراضي التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية المدعومة صهيونياً ودولياً.
ومنذ احتلال الكيان الصهيوني هضبة الجولان وضمّها بموجب قانون صدر عما يسمى الكنيست في 14 كانون الأول 1981، أصدرت هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها قرارات عديدة أكدت تبعية هذه المنطقة لسورية، وطالبت تل أبيب بإلغاء قرارها واعتبرته لاغياً وباطلاً ودون أي أثر قانوني.
لكن أمام الجهود الجبارة التي بذلتها القيادة السورية في المحافل الدولية، استطاعت الحفاظ على حقها المشروع باستعادته وأن تنتزع قرارات من مجلس الأمن الذي أقر بأن الجولان أرض سورية، وأمام هذا المشهد استمرّت “إسرائيل” بالضغط عبر اللوبي الصهيوني للحصول على قرار شرعنة ضم الجولان السوري لمستوطناتها، وبقي هذا المطلب يقابل بالرفض تارة، وأخرى بالتريّث من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لأنه مطلب غير شرعي ويشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إلى أن وصل الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وحينها سارع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مستغلاً الحرب العدوانية على سورية إلى استدراج موافقة أمريكية على ضم هضبة الجولان إلى كيانه، ليحصل على هذا المطلب في عام 2019 عبر اعتراف أمريكي أحادي وغير شرعي من إدارة ترامب.
وقد أفادت وسائل إعلام بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتراجع عن قرار سلفه ترامب، وقال مسؤول في الخارجية رداً على أسئلة عن موقف إدارة بايدن إزاء وضع الجولان: “إن هذه الأرض ليست تابعة لأحد، والسيطرة عليها قد تتغير نظراً للديناميكيات المتغيرة في المنطقة”.
وسورية تؤكد باستمرار أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتعمل على إعادة كل ذرة من ترابه إلى الوطن بكل الوسائل المتاحة التي يكفلها القانون الدولي، وأن قضية الجولان لا تزال أولوية في السياسة الوطنية السورية باعتباره حقاً أبدياً لا يسقط بالتقادم، كما تؤكد دعمها لأهله في مقاومتهم الاحتلال الإسرائيلي ورفضهم سياسة نهب الأراضي والممتلكات التي يتبعها الاحتلال في الجولان بما في ذلك إقامته المستوطنات على أراضيه بهدف تهويدها وتغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي والقانوني.
إن سورية اليوم تخرج من أزمتها أكثر قوة وخبرة وصلابة في مواجهة المتأبّطين شرّاً بأمتنا، رغم حجم المعاناة والأزمات الاقتصاديّة التي يعانيها الشعب السوري، فالشعوب تصنع أقدارها، وتستطيع بالإرادة القوية والصمود والصبر، التصدي للتحديات والانتصار عليها، وهضبة الجولان عربية سورية، وستعود إلى حضن الوطن، مثلما عادت المدن السورية الأخرى، مهما طال أمد الاحتلال.