سماد الدود يمهّد الطريق لإقامة نظام زراعي صديق للبيئة بمتطلبات بسيطة
دمشق- بشار محي الدين المحمد
تعد تربية ديدان الأرض للحصول على سماد عضوي “فيرمي كمبوست” من المشاريع الزراعية والتجارية الهامة، خاصة مع التوجّه العالمي وحتى المحلي نحو الزراعات العضوية الخالية من استخدام الأسمدة الكيميائية، والمبيدات بمختلف أنواعها، وذلك للحفاظ على البيئة والصحة العامة للكائنات الحية الموجودة على كوكب الأرض، إضافة لحل مشكلات غلاء الأسمدة التي تواجه الفلاح، وصعوبة إيجاد بديل بتكلفة قليلة ومواد محلية.
طرق بسيطة
تحمل فضلات الديدان جزءاً من الأنزيمات التي تطرح خارج جسمها، وهذه الفضلات غنية جداً بالأحماض العضوية، والأمينية، والفيتامينات المفيدة في الزراعة العضوية، فوجود ديدان الأرض من أهم الدلائل على أن التربة ذات خصائص زراعية ممتازة، ولا تحتاج للأسمدة، ويرى الدكتور المهندس بسام إبراهيم السيد أنه من المرجح أن يصبح مشروع “فيرمي كمبوست” من المشاريع الوطنية بامتياز، حيث تصل نسبة الربح والقيمة المضافة إلى أكثر من 300%، حيث يباع الكيلوغرام الواحد من السماد بسعر 1500-2000 ليرة، كما يمكن بيع الديدان بعد فصلها عن السماد لصيادي الأسماك، أو كعلائق للدجاج بسعر 200 ليرة للدودة الواحدة، وبذلك تصبح الفرصة مواتية لنكون أحد المنتجين لهذه المادة على مستوى العالم، فالديدان يمكن تربيتها بطرق بسيطة داخل المطبخ، أو أية زاوية ضمن المنزل، وفي حال تطور الخبرة يمكننا تربيتها على مستويات أوسع كالمزارع، وتتغذى الديدان على كل المواد العضوية النباتية بمختلف أنواعها، وعلى مخلفات الحيوانات، باستثناء مخلفات تربية الطيور، حيث تستخدم بعد معالجتها بطرق خاصة، وتقوم الدودة باستخلاص المواد النافعة من النفايات العضوية الناتجة من المنازل، أو المزارع، أو المطاعم، أو حتى مجمعات القمامة، وتدوير هذه المواد واستخلاص المفيد منها، بل يساعد ذلك أيضاً في القضاء على جزء من مشاكل النفايات التي تسبب أرقاً للبلديات، كما أشارت بعض الأبحاث إلى أن ديدان الأرض يمكنها استخلاص المعادن الثقيلة السامة، بما فيها الكادميوم، والرصاص من النفايات، وهذا أمر هام جداً ويخفف من التلوث.
شروط
يجب أن يلم المربي ببضع قواعد بسيطة لإنجاح مشروعه، والكلام للخبير السيد، فوزن 1000 دودة حوالي 2500 غرام تقريباً، وتعيش الدودة على سطح التربة ضمن عمق 15-20سم، وهي لا تحب الضوء، وتتراوح درجة الحرارة التي تفضلها بين 18– 25 درجة مئوية وإلا سيخمل نشاطها، ويمكن استخدام أية آنية بلاستيكية أو معدنية (باستثناء النحاسية)، أو صناديق الفلين، ويجب أن تكون واسعة، ولا يتجاوز عمقها 30–35 سم، ويملأ الوعاء بالمواد العضوية التي سبق ذكرها حتى النصف وذلك بعد عصرها من الماء الزائد، ويمكن إضافة قليل من الكمبوست الجاهز، ووفق معادلة “الدودة تأكل نصف وزنها من الطعام يومياً”، علينا أن نعرف أن إضافة واحد كيلوغرام من الديدان يحتاج نصف كيلوغرام طعام يومياً، ويجب الحذر من كل مشتقات الحليب، الدهون، اللحوم، العظام، والطعام المطبوخ بمواد دسمة كالزيوت والسمنة بجميع أنواعها، كما يجب أن نقطع المواد العضوية المضافة إلى مزرعة الديدان للمساعدة في سرعة استهلاكها وتحويلها إلى سماد عالي الجودة، وعموماً فإن التقيد بذلك يساهم في حصولنا على الكمبوست في غضون 3- 6 أشهر، ووفقاً للمهندس السيد فإنه في حال أردنا التوسع في المشروع نحتاج لمخزن يتم إنشاء الأحواض فيه، ولعمال مدربين على تربية الديدان والعناية بها، وماكينة مخصصة لفرز الشرانق والديدان، ومكيفات صحراوية.
هذا وتختلف كمية الكمبوست المراد استعمالها كسماد للتربة الزراعية حسب نوع المحصول، واحتياجاته الغذائية، وعموماً يضاف بمعدل (0,5-1,5) طن في الفدان، وبالنسبة لأشجار الفاكهة تتعلق إضافته بنوع الأشجار وعمرها، وتزداد الكمية المضافة بزيادة عمر الأشجار، وتتراوح من (1- 8) كغ.
أهمية الفيرمي كمبوست
يرى السيد أن استخدام هذا السماد يغني عن استخدام الأسمدة الكيماوية تماماً في الأراضي المستصلحة، والأراضي الفقيرة، وله أثر تراكمي يزداد عاماً بعد عام بشرط استخدام مبيدات عضوية صديقة للبيئة تحافظ على البكتريا النافعة، ويزيد محتوى التربة من غنى التربة ببكتريا (Azotobacter) التي تثبت النيتروجين الجوي وتعطيه للنبات بدفعات ثابتة وبشكل متزن، كما يساعد في التحول إلى الزراعة العضوية النظيفة مع توفير كبير في التكاليف، وتحسين جودة الأرض الزراعية، كما يقلل بقدر كبير من استخدام مياه الري بحدود 30% لأنه يحتفظ بقدر كبير من الماء لفترات طويلة بسبب وجود حامض الهيوميك والفوليك أسيد، ويرفع معدلات الإنبات والتجذير بسبب احتوائه على هرمونات ومنظمات نمو، وهو غني بالعديد من العناصر الغذائية مثل NPK إضافة للكالسيوم والمغنزيوم والكبريت، والعديد من العناصر الصغرى المفيدة للنبات، ويحتوي على بكتريا نافعة، وأنزيمات فعالة جداً في مكافحة الآفات الزراعية، وآفات التربة.
وطالب السيد بتسهيل إجراءات ترخيص المزارع الخاصة لإنتاج هذا السماد، ومنحها اسماً تجارياً يمكن تداوله في الأسواق كون ذلك سيساهم في زيادة حركة تصديره للخارج، فثمن الكيلوغرام الواحد منه خارج القطر يصل إلى أربعة دولارات، وهناك دول مثل مصر أصبحت من أكبر منتجي هذا النوع من السماد الذي مثّل لها مصدراً جديداً من القيم المضافة، مستبعداً وجود أية محاذير أو سلبيات لهذا المشروع.