في الذكرى المئوية لتأسيس كلية طب الأسنان في جامعة دمشق.. 96 دفعة و12 عميداً
دمشق – لينا عدره
ستٌ وتسعون دفعةً من أهم أطباء الأسنان، تم تخريجها من أشهر وأعرق كليات طب الأسنان على مستوى الوطن العربي، خلال مئة عام.. مسيرةٌ من العلم والمعرفة والتميز تمكنت الكلية من تسجيلها من خلال جهود اثني عشرَ عميداً عاصروا الكلية عبر تاريخها الطويل والمشرِّف، بدأت مع الأستاذ الدكتور جمال نصار، لتستمر مع الأستاذ الدكتور أسامة الجبان، عميد كلية طب الأسنان.
وبمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الكلية، والذي يتزامن مع انعقاد “المؤتمر الدولي العلمي” الذي تقيمه كلية طب الأسنان مرة كل سنتين”، قدم الدكتور الجبان عرضاً بانورامياً عن المراحل التي مرت بها الكلية، مشيراً، في تصريح خاص بـ “البعث”، إلى أن أول دفعة من طلاب الكلية تم تخريجها، عام 1924، ليصل عدد دفعات الخريجين لما يقارب 96 دفعة على امتداد مئة عام، عاصر خلالها الكلية 12عميداً من أفضل أساتذة طب الأسنان، ليس على مستوى سورية فحسب وإنما على مستوى الوطن العربي، مضيفاً أن البداية كانت عبر أفكارٍ أوليةٍ تم ترجمتها بتأسيس قسم لطب الأسنان، في العام 1919، ليصار بعد ذلك، وتحديداً في 13 تشرين الأول 1921، لإحداث قسم طب الأسنان في المعهد الطبي، لتأخذ الكلية بعده وضعها الحالي باعتبارها كلية مستقلة عام 1958، ولتكون بذلك من أوائل الكليات في الوطن العربي، متقدمةً على أعرق الجامعات العربية، كجامعة القاهرة التي تأسست فيها كلية طب الأسنان في عام 1922.
ونوه الدكتور الجبان بالتطور الكبير الذي شهدته كلية طب الأسنان “جامعة دمشق” خلال سنواتها المئة، والتي استطاعت عبرها تحقيق مراكز متقدمة بجهود طلابها، خاصةً طلاب الدراسات العليا وأساتذتهم، محققةً المركز 13 على مستوى الوطن العربي، والمركز 26 على مستوى الشرق الأوسط، وهو مركز مهم لما يحمله من دلالاتٍ كثيرةٍ، منها تفوق الكلية على أهم الكليات العريقة الموجودة في بلدان مثل تركيا وإيران، ما انعكس إيجابياً على رفع ودعم تصنيف جامعة دمشق عبر مجموعة الأبحاث المهمة المنشورة في كلية طب الأسنان، حسب ما أكد د. جبان، مبيناً أن أهم ما يميز الكلية احتواؤها على مشفى تخصصي هو الوحيد لجراحة الفم والفكين في سورية، وتم تأسيسه عام 1995.
ولم ينس عميد الكلية الإشارة، بهذه المناسبة، إلى تأثر الكلية ومعاناتها وطلابها من مصاعب جمة لا تخفى على أحد، وتمثلت بالعقبات الكثيرة جرَّاء الحصار الظالم، وما خلَّفته الحرب الإرهابية على بلدنا من صعوبات بالغةٍ لجهة تأمين قطع الغيار والأدوات، مشدداً على قدرة القائمين على الكلية، ورغم كل العوائق، على الاستمرار بمتابعة الرسالة التعليمية للكلية، حيث يتم العمل في الوقت الحالي على تجهيز مخبر لطب الأسنان المجهري، مضيفاً أن اعتماد الكلية الأساسي على العنصر البشري، وطلاب الدراسات العليا الذين نكاد نجزم أنهم ليسوا إلا مشاريع باحثين علميين مميزين – والحديث ما زال للدكتور جبان – هو ما أعطى الكلية الدفع اللازم والضروري لتجاوز ما أمكن من تلك الصعوبات، خاصة مع مضاعفة العوائق بسبب فيروس كورونا، وما نتج عنه أيضاً من ظروف اقتصادية صعبة جداً؛ إلا أننا – كإدارة وطلاب – نحاول قدر المستطاع التأقلم والتكيف مع هذه الظروف الاستثنائية التي أثرت لا شك على المستوى التعليمي للطلاب بشكلٍ أو بآخر، خاصة في الجانب العملي، إلا أن القناعة التامة لدى الجميع هي أن بمقدورنا بالتعاون مع طلابنا لتجاوز، لا بل إنجاز أشياء مميزة مهما كانت الظروف، والاستمرار بمتابعة المهمة العلمية بسوية عالية من خلال برامج التعليم ودورات التدريب، مشدداً على أن استمرار التواصل مع محاضرين مميزين، سواء من مصر أو لبنان أو الأردن أو إيران أو إيطاليا وفرنسا، ليس إلا اعترافا صريحا بأهمية ما قدمته وما تقدمه الكلية رغم كل الصعوبات، وهو عمل مستمر على مدار العام، تسعى إدارة الكلية من خلاله لمتابعة النشاطات العلمية المميزة، إضافة إلى متابعة تأهيل الأجهزة وصيانتها بشكلٍ مستمر.
وفي سياقٍ متصل، لا بد من الإشارة إلى أن سورية تقليدياً كانت مقصداً لآلاف العرب، ومن مختلف الجنسيات للطبابة السنية، والاستشفاء المشهود لها به من حيث التمييز والتفنن والإبداع، ولكن ومن خلال مشاهدات يومية نلحظ تراجعاً كبيراً، لا بل انقلاباً في هذا المشهد، ولأسبابٍ كثيرة يأتي في مقدمتها ما عانيناه من حربٍ إرهابية سببت حصاراً اقتصادياً وارتفاعاً جنونياً في الأسعار، ما أحدث اختلالات كبيرة نجم عنها هجرة أعداد كبيرة من أطباء الأسنان، ما أثر لا شك على واقع العمل الطبي.