رغم انتشارها الواسع.. نار أسعار الألبسة المستعملة تحرق روادها
طرطوس – دارين حسن
لسنوات خلت كانت محال البالة تشكل وجهة غالبية الأسر بما فيها الطبقات الميسورة، إلا أن تلك الوجهة تغيرت منذ سنتين ولا سيما بعد ارتفاع أسعار الألبسة والأحذية في تلك المحال والتي شكلت بارتفاعها منحىً تصاعدياً صعّب الموازنة بين الاحتياجات والمستلزمات الأساسية للأبناء والتي تؤجل من حين لآخر…!
منذ أكثر من سنتين لم تشهد أسواق البالة انتعاشاً كالمعتاد، حيث كانت حركة الناس الشرائية خجولة إثر ارتفاع الأسعار بشكل لافت وبأضعاف مضاعفة…
“أم مهند” التي كانت تشتري بعشرة آلاف ليرة قطعة ملابس لكل ولد من أبنائها الثلاثة، لا تتمكن الآن من شراء سوى قطعة واحدة، فالأسعار كاوية والجيوب خاوية وقدرة المواطن على الشراء معدومة..!؟
حركة مقبولة
” البعث” جالت على بعض محال البالة التي انتشرت خلال فترة الحرب بشكل كثيف في أسواق طرطوس وحاراتها ومناطقها وقراها بشكل غير مسبوق وغير شرعي “تهريب”، حيث بتنا نجد مع كل عدة خطوات محل للألبسة المستعملة حتى غزت جميع الأسواق واحتلت مكاناً لها على الأرصفة، لكن اللافت هذا العام تضاؤل الحركة الشرائية حسب المواطنين الذين التقيناهم، وإن كانت الحركة مقبولة وسط أسواق المدن لكنها تتقلص وتتراجع في القرى والأحياء.
مورد رزق
العديد من المواطنين أكدوا أهمية وجود محال البالة لا سيما في هذه الظروف الضاغطة على الجميع، وإن انتشار البالة بهذا الشكل الكثيف يعود لحاجة الأسر للعمل في مشروع يؤمن مصدر رزق للعائلة التي تضاعف مصروفها وارتفعت فاتورة حاجياتها.
“نهلا” بدأت مشروعها “محل بيع بالة” منذ خمس سنوات، وكانت البداية ضعيفة، إلى أن بدأت تنتعش عاماً بعد آخر، رغم تراجع الحركة الشرائية لدى الكثير من رواد البالة.
الجود من الموجود
“عليا” من رواد البالة، وفي كل مناسبة بل وفي كل موسم تقصد محال البالة لانتقاء ما يناسبها وأفراد عائلتها من ألبسة وأحذية، لكن وبعد أن حلقت الأسعار ليغدو الوضع لا يحتمل فضلت “تسكيج” الحال بالإبقاء على ملابس الموسم الماضي ولو كانت قديمة ” فالجود من الموجود” حسب تعبيرها.
والتقينا “أم حسام” التي كانت تشتري حذاءين لولديها نوهت لارتفاع أسعار الأحذية إذ يتراوح سعر حذاء لابن العشر سنوات بين ٢٠-٥٠ ألفا، ومع ذلك ستشتريهما “تقسيطاً”.
التسعير على المزاج
أصحاب محال “البالة” وفي حوار معهم، عزوا ارتفاع الأسعار لارتفاع تكلفة الطرود من التاجر فكلفة طرد الألبسة أكثر من مليوني ليرة ويباع على أساس خمسين كيلو وهو فعلياً 45 كيلو بحسب ما بينته سهام علي صاحبة إحدى المحال، مشيرة إلى أن أرباح البالة تختلف حسب ضمير صاحب المحل، فمنهم من يرضى بسعر مقبول مقابل كسب الزبائن وإيجاد سمعة طيبة، والكثير منهم يسعر على مزاجه…!
وأكد مفيد الذي يعمل في أحد المحال أن رواد البالة من كافة فئات المجتمع، حيث وحدت الحرب بين طبقات المجتمع لتغدو جميع الأسر من ذوي الدخل المحدود والتي ترتاد البالة وتستدين، وحتى الطبقات الميسورة التي كانت ترتادها عند مغيب الشمس حفاظاً على بريستيجها الاجتماعي، والعديد من الأمهات يبقى “دينهن” معلق حتى إشعار آخر نتيجة تردي القدرة الشرائية للأسر السورية عامة.
وأوضح مدير التجارة الداخلية بطرطوس يوسف حسن (أعفي لاحقاً من مهامه) وجود محال البالة منذ سنوات طويلة، مبيناً أنها مخالفة وغير نظامية وتقوم عناصر حماية المستهلك بمخالفة أي محل يحوي بضاعة مجهولة المصدر، مبيناً أن محال البالة مثلها مثل أي منشأة تجارية حيث يجب أن يتوفر لدى التاجر فاتورة وسعر، وغيابهما يعرض صاحبها للمخالفة ويحول للقضاء.
اتصالات عديدة مع عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة بالمحافظة بيان عثمان لم تلق استجابة، كما أن أسئلتنا التي وجهناها بقيت على طاولة مكتبه دون رد، حاولنا أيضا الحصول على إجابة وتوضيح من أساتذة كلية الاقتصاد فلم نلق رداً..!؟