التاجر يخسر.. وملاحق ضريبياً!
قد يبدو العنوان مستفزاً لملايين المواطنين، لكن هذا ما أكدته غرفة تجارة دمشق: التاجر يخسر بفعل “المضايقات” الحكومية اليومية، وهو ملاحق ضريبياً بأثر رجعي!.
نعم، على جميع السوريين أن يصدقوا غرفة تجارة دمشق: 90 بالمئة من التجارة في سورية اليوم هي خاسرة، ترى من سيصدق أن التاجر يبيع بخسارة ومظلوم ضريبياً؟!.
حسب البيانات المقدمة من التجار لوزارة المالية فإنهم فعلاً جميعهم خاسرون، بل ويحتاجون إلى مساعدات حكومية، وإلى أوسمة لكونهم يؤمنون حاجة الأسواق والناس من مدخراتهم الشخصية؟.
طبعاً، التجار يرون أن التاجر يخسر، وملاحق ضريبياً، لأن الحكومة تخالف النظرية الاقتصادية الليبرالية: دعه يعمل دعه يمر!.
السؤال: ماذا يريد التجار من الحكومة كي لا يخسروا، وأن يُعفوا من دفع الضرائب كي لا “يتركوا” البلد؟.
برأي غرفة تجارة دمشق أنه (في الأزمات تتدخل الحكومات لرفع الحركة التجارية، وتشجيع الاستيراد والتصدير، إلا في سورية منع، منع، منع، أي أنها لا تساعد التاجر أبداً، على العكس التاجر يخسر تلو الآخر، ومعظم التجار هاجروا، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن هناك سياسة خاطئة بالقوانين الخاصة بالتجارة والتجار)!.
ولكي لا يخسر التجار على الحكومةـ حسب الغرفةـ تبني سياسة “صحيحة” محورها: السماح، السماح، السماح، أي تبني قوانين وقرارات تسمح باستيراد أي شيء دون قيد أو شرط، أي وفق نظرية: دعه يعمل دعه يمر!.
يبدو أن التجار غاضبون من “السورية للتجارة”، فبرأيهم أن عمل المؤسسة ليس شن “الحرب” على التجار، بل مهمتها التدخل الإيجابي في كل مادة تواجه مشاكل بما يهم المستهلك، (وليس تدخلاً عكسياً ضد التجار، أي أنها بالأساس يجب ألا تتدخل بالتجارة بل بالدعم التجاري)!.
ومع أن “السورية للتجارة” وفّرت للتجار منافذ بيع مجانية، فهم غير راضين، بل ويرفضون تقديم أية عروض لتخفيض الأسعار لصالح المستهلك، على عكس ما يحصل في جميع دول العالم المتبنية لنظرية: دعه يعمل دعه يمر!.
وبدلاً من أن تعلن غرفة تجارة دمشق التزام التجار بدفع الضرائب فإنها تطالب بعدم تكبيدهم أي نوع من الضريبة لأنهم يخسرون، بل إنها تستغرب ملاحقة التجار ضريبياً بأثر رجعي، تطبيقاً للمثل “عفا الله عما مضى”!.
ويوحي التجار أنهم يتحمّلون أوزار رفع أسعار المشتقات النفطية من المازوت والبنزين، ولم يحمّلوها على الكلفة النهائية للسلع والخدمات، أي على المواطن، فهل هذا صحيح، بل من يُصدق هذه المزاعم؟.
ولأن التجار يخسرون فمن الضروري برأي غرفتهم “إيجاد حل لموضوع التسعير، وإعادة تسعير المواد في حال وجود غبن”، ترى متى رفع التجار الأسعار وعارضتهم وزارة التجارة الداخلية؟.
ولا يتوقف التجار عن انتقاد مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهم يصرون على عدم تنسيب عمالهم إليها، في الوقت الذي يطالبون “نظرياً” بتحسين الأجور، لأن الزيادة بنظرهم ليست سوى “شفطها” سريعاً إلى جيوبهم، وتحويلها إلى دولارات، ومن ثم تهريبها للخارج!.
والتشاركية التي يدعو إليها التجار مع اللجنة الاقتصادية ليس هدفها تسهيل عملية الاستيراد فقط، وإنما تحريرهم من “قبضة” الجمارك أيضاً، وضمان صدور قرارات تؤمن لهم حرية الاستيراد، والتحكم بانسياب المواد إلى الأسواق، وتسعيرها وفق التكاليف التي يفرضونها على الحكومة، أي العمل بحرية وفق نظرية: دعه يعمل دعه يمر!.
بالمختصر المفيد: التجار يقولون للحكومة: نحن نخسر، فكيف تطالبيننا بدفع الضرائب وبأثر رجعي؟!.
الحل لكي نربح ونسدد الضرائب يكون بتحويل الاقتصاد القائم على المنع، المنع، المنع، إلى اقتصاد قائم على السماح، السماح، السماح، أي اقتصاد يطبق نظرية: دعه يعمل دعه يمر!.
علي عبود