رئيس النظام التركي يرفع راتبه فيما عملة بلاده تواصل تدهورها
في الوقت الذي تواصل فيه الليرة التركية السقوط نتيجة سياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الإخواني، تم الكشف عن زيادة جديدة في راتب رئيس النظام، فوفقاً لمشروع قرار الرئاسة التركية، تمّت زيادة راتب أردوغان من 88 ألف ليرة تركية عام 2021 إلى 100 ألف و 750 ليرة تركية عام 2022، حيث تمّ تحديد مخصصات الرئيس للعام القادم بمبلغ مليون و 209 ألف ليرة تركية.
وتمّ تقديم اقتراح ميزانية 2022 الذي أعدته الرئاسة إلى البرلمان التركي لإقراره في 26 نوفمبر في نطاق قانون ميزانية الحكومة المركزية لعام 2022؛ حيث الغالبية في البرلمان لحزب العدالة والتنمية الإخواني وحليفه في الحُكم حزب الحركة القومية.
يأتي ذلك بينما هوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد أمام الدولار الأمريكي، فيما لا يرى محللون فرصة تذكر لتعافيها بالنظر إلى ما وصفوه توقعات بخفض “غير رشيد” لأسعار الفائدة في وقت لاحق هذا الأسبوع.
ولامست العملة التركية، وهي الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة هذا العام، أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 9.35 مقابل الدولار قبل أن تغلق عند 9.34 .
وخسرت الليرة 20 بالمئة من قيمتها هذا العام وجاء نصف هذا الهبوط منذ مطلع الشهر الماضي عندما بدأ البنك المركزي إعطاء إشارات تيسيرية على الرغم من ارتفاع التضخم إلى حوالي 20 بالمئة.
ودأب اردوغان على مطالبة البنك المركزي بتيسير السياسة النقدية ويعتبر محللون أن تدخله أدى إلى تآكل مصداقية السياسة النقدية في السنوات القليلة الماضية.
ودفع خفض مفاجئ للفائدة بمقدار 100 نقطة أساس الشهر الماضي الليرة إلى هبوط حاد. وانقسم خبراء اقتصاديون بشأن حجم خفض الفائدة المتوقع في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس، إذ توقع بعضهم خفضا قدره 50 نقطة أساس بينما توقع آخرون خفضا بمقدار 100 نقطة أساس.
على صعيدٍ آخر، تعتبر تركيا الدولة الأقل امتثالًا لتوصيات مكافحة الفساد، وفقًا لتقرير أوروبي جديد صادر عن مجموعة الدول لمكافحة الفساد (غريكو).
في أيلول الماضي، ادعى وزير سابق أن أردوغان هو من تدخل لمنع محاكمة الفساد في بلاده، حيث قال أرطغرل غوناي، وهو وزير الثقافة والسياحة السابق في حكومة حزب العدالة والتنمية، إن رئيس الوزراء آنذاك والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان تدخل لمنع ملاحقة أربعة وزراء سابقين متورطين في الرشوة والفساد في أواخر عام 2013 من مواجهة المحاكمة والإدانة.
كما أظهر التقرير المذكور أن تركيا لم تمتثل لـ 74.2 في المئة من توصيات مكافحة الفساد والشفافية، وامتثلت جزئيًا لـ 19.1 في المئة وامتثلت بالكامل لـ 6.5 في المئة فقط من التوصيات الـ 31.
وأكثر من 83٪ من القضاة و75٪ من المدعين العامين لم يتبعوا التوصيات للحد من الفساد. لم يتم تنفيذ أي من التوصيات المتعلقة بأعضاء مجلس النواب.
وسبق وأن احتلت تركيا المرتبة 86 في مؤشر الفساد لعام 2020 لمنظمة الشفافية الدولية، بزيادة قدرها مركزين مقارنة بالعام السابق.
في سياق متصل، وفي ظل تصاعد التوتر في تركيا بعد قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة الأمر الذي انعكس على تدهور العملة الوطنية للبلاد لتبلغ أدنى مستوى لها في تاريخها مقابل الدولار، صدر بيان جديد من رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، الذي قام بزيارة لمحافظ البنك المركزي شهاب كافجي أوغلو.
وحذّر رئيس أكبر أحزاب المعارضة التركية من استمرار تدخل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في السياسة المالية للبلاد، بقوله “سنحمي البنك المركزي” محذرا من “ذوبان الليرة التركية كالثلج”.
وتابع “سنرى كيف أن البنك المركزي يعود لعمله بدقة بدون تدخل السياسة، وسنرى كيف يتعافى الاقتصاد في أسرع وقت ممكن”.
وفي حديثه لأعضاء حزبه، قال كيليجدار أوغلو “”أريد أن يعرف كل أصدقائي، تركيا بحاجة إلى تغيير، تحوّل، وسنكون معاً، قد يخلقون عقبات، لكننا سنواصل طريقنا بإيمان وتصميم حتى نعيد بناء تركيا مشرقة وجميلة ومسالمة”.
وأكد أنه لا يمكن للبنك المركزي أن يقرر قراراته بشكل مباشر فيما القصر الرئاسي يتدخل: لقد ذهبنا إلى البنك المركزي وقلنا لرئيسه: “اعتنِ ببنكك.. ليس هذا هو النهج الصحيح لدفع الموظفين المؤهلين والمدربين تدريبا جيدا خارج البنك وجلب موظفين من الخارج عوضاً عنهم”.
وقبل أيام، عزل أردوغان نائبين لمحافظ البنك وعضوا في مجلس السياسات النقدية بمرسوم نشر في الجريدة الرسمية.
ونقلت وسائل إعلام أن أحد المعزولين كان المسؤول الوحيد الذي صوت ضد الخفض المفاجئ لسعر الفائدة الذي أرسل الليرة الى قعر جديد الشهر الماضي.
وتشهد الأسواق الناشئة انخفاضا في عملاتها في جميع أنحاء العالم وسط توقعات بأن الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي سيباشران قريبا برفع أسعار الفائدة، ما يجعل أصولهما أكثر جذبا.
لكن العملة التركية تهوي أسرع من غيرها بسبب المخاوف السياسية المتعلقة بإردوغان، إذ تخطى الدولار عتبة 9 ليرات للمرة الأولى، عندما أشار الرئيس التركي إلى إمكانية قيام تركيا بعملية عسكرية جديدة في سوريا.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعا بعد غد الخميس. ويأتي الاجتماع بعد أيام من قيام الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة ثلاثة من أعضاء اللجنة.
وقرر البنك المركزي التركي الشهر الماضي، بصورة غير متوقعة، تخفيض معدل الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 18%.
وعلى عكس الأفكار التقليدية، يفضل أردوغان خفض أسعار الفائدة للحد من التضخم.
وأعلن معهد الإحصاء التركي (تركستات) في وقت سابق من تشرين الأول الجاري أن معدل التضخم ارتفع في سبتمبر إلى 58ر19% على أساس سنوي، مقابل 25ر19% في أغسطس.
إلى ذلك، لم يشف النظام التركي غليله بعدُ على ما يبدو، رغم مرور أكثر من 5 سنوات على الانقلاب المزعوم، فلم تتوقف حملة التطهير، بشنّ الاعتقالات.
الجديد هذه المرة ضمن الحملة المستمرة منذ حزيران 2016، صدور أوامر جديدة من الادعاء التركي باعتقال 158 “مشتبها بهم”، بينهم 33 جنديا ما يزالون في الخدمة، والتهمة في كل مرة الصلة برجل الدين فتح الله جولن، الذي يلصق به الرئيس رجب طيب أردوغان محاولة انقلاب.
وقالت وسائل ‘لام تابعة للنظام التركي اليوم الثلاثاء إن أوامر القبض الجديدة، اعتقل بموجبها حتى الآن 97 شخصا، وأن من بين المطلوب اعتقالهم 110 من طلاب الكليات العسكرية، الذين فصلوا في أعقاب محاولة الانقلاب، بالإضافة إلى 48 من أفراد الجيش العاملين والسابقين.
وتوسع التحقيق الذي يجريه القضاء التركي ليشمل 41 إقليما، في إطار حملة بدأت قبل خمس سنوات ضد شبكة جولن المقيم في الولايات المتحدة، والذي ينفي أي صلة له بالانقلاب المزعوم عام 2016، ويتخذه نظام أردوغان للفتك بالأتراك في جميع مفاصل الدولة.
واعتقلت تركيا منذ الانقلاب الفاشل نحو 80 ألف شخص على ذمة المحاكمة، وأقالت أو أوقفت عن العمل أكثر من 150 ألف موظف حكومي مدني وعسكري، وطردت أكثر من 20 ألفا من الخدمة في الجيش.
وتجري هذه الاعتقالات في ظرف يتسم بالصعوبة في تركيا، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، وتعامل حكومة أردوغان مع الوضع، الشيء الذي هوى بشعبيته إلى الحضيض في استطلاعات متتالية تجريها شركات أبحاث مستقلة.
كما تأتي تلك التطورات بالتزامن مع تزايد شكوك الأتراك حيال تعامل الحكومة مع عصابات الجريمة المنظمة، بعد الفضائح التي كشفها سادات بكر زعيم المافيا في البلاد مؤخرا بحق مسؤولين حاليين وسابقين بينهم وزراء داخلية.
هذا إلى جانب سلسلة من الكوارث والأزمات التي شهدتها البلاد مؤخرًا، تمثلت في حرائق بعدد من الولايات الجنوبية، وفيضانات وسيول بولايات شمالية، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين، في ظل عجز من النظام في التعامل معها، ما أدى إلى غضب شعبي كبير.
وتتآكل شعبية أردوغان على وقع أزمة مالية ونقدية واقتصادية تعتبر الأكثر تعقيدا على الإطلاق تواجهها تركيا حاليا، جراء انهيار الليرة المحلية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة خلال العامين الماضي والحالي، نتج عنه تراجع مدو لمؤشرات وقطاعات اقتصادية عدة.
وتحمل المعارضة، وكذلك الشارع التركي، النظام الحاكم متمثلًا في أردوغان مسؤولية هذا التدهور، نتيجة تبنيه سياسات تصفها بـ”العقيمة وغير المجدية”، فيما من المقرر إجراء الانتخابات العامة في تركيا في 2023، وسط توقع مراقبين أن تجرى قبل ذلك، بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة في البلاد.