دراساتصحيفة البعث

تونس في عهد الحكومة الجديدة

ريا خوري

 

تبدو تونس أمام مشهد جديد تماماً بعد الإعلان عن تشكيل حكومة برئاسة نجلاء بودن، والمؤلفة من 24 وزيراً، من بينهم عشر وزيرات، في سابقة هي الأولى في تاريخ تونس السياسي، من حيث رئاسة الحكومة، وعدد النساء المشاركات فيها، لكن الأهم أن الرئيس قيس سعيّد غيّر قواعد اللعبة القديمة تغييراً جوهرياً في تشكيل الحكومات التي كانت تقوم على أسس المحاصصة السياسية، والتكتلات والائتلافات السياسية.

لم يكن لتونس أن تتحول هذا التحول الجذري دون إصدار العديد من القرارات والتشريعات التي اعتبرها البعض قرارات شجاعة، واعتبرها البعض الآخر عملية انقلابية على الماضي والتاريخ السياسي التونسي، ولكن في الحقيقة هي مزيج من التوصيفين، فهي شجاعة لأنه أقدم على خطوة متميزة وفريدة وقوية في اختيار حكومته، وانقلابية لأنه قطع الارتباط مع المنظومة السياسية- الإخوانية- السابقة، وأسقط كل حسابات الذين كانوا يراهنون على أن الرئيس قيس سعيّد لن يتمكن من تجاوز الواقع الراسخ في تونس منذ عهد قديم.

بعد أن تم تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، اجتمع الرئيس التونسي مع رئيسة الحكومة بعد تشكيلها، حيث دعا إلى التصدي لكل أشكال المضاربة والاحتكار، وضرورة تخفيض الأسعار بالوسائل القانونية، وأكد أنه لا مجال مستقبلاً لتجويع الشعب التونسي، أو إفقاره،  أو التنكيل به وسرقة موارده ومقدراته، داعياً إلى قيام الحكومة بدورها كاملاً في مواجهة كل الخروقات والتجاوزات، ومقاومة الفساد والمفسدين، وهو بذلك يلامس مطالب الشعب التونسي الحياتية، ويرى أنه لابد من تلبيتها على الفور لإبعاد شبح الجوع والفقر والحرمان، وبات ذلك ضرورة ملحّة لإعطاء الحكومة الجديدة برئاسة الدكتورة نجلاء بودن المشروعية الشعبية.

لقد كان البرلمان التونسي في عهدة “حركة النهضة” ورئيسها راشد الغنوشي شريكاً في فشل عمل المؤسسات والهيئات والإدارات، وأيضاً في أن يكون السلطة التشريعية التي تأخذ هموم المواطن ومصلحة الوطن في الحسبان، ويمكن القول: إن هذا البرلمان انتهت صلاحيته نهائياً، وبات لا لزوم له، خاصة أن عدداً كبيراً من النواب غادروا البلاد هرباً من المحاسبة والعقاب بعد رفع الحصانة عنهم، ومنهم من يقبع في السجن، ومن هم ملاحقون قضائياً، ومنهم من يرفض عودة البرلمان في صيغته السابقة، لذا، من المتوقع أن يواصل الرئيس قيس سعيّد مهمته الإصلاحية بتعديل الدستور، ووضع قانون انتخابي جديد تمهيداً لانتخابات جديدة في البلاد، على أن يعرض ذلك في استفتاء شعبي، ويمنحها الشرعية الدستورية والقانونية.