زيارة وزير “حماية المستهلك” إلى حلب لم تأت أكلها
حلب- معن الغادري
شهدت حلب في الآونة الأخيرة زيارات وجولات تفقّدية لعدد من الوزراء، كانت آخرها زيارة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي استمرت ثلاثة أيام.
ومع اختلاف الآراء حول أهمية هذه الزيارات وفعاليتها وتأثيرها وجديتها ونتائجها المرجوة، تبرز الكثير من الأسئلة حول العديد من القضايا والملفات الشائكة والمعقدة التي مازالت مثار نقاش وجدل كبيرين، وبعيدة عن كل الحلول، ولعل السبب يكمن في غياب أو تغييب التنسيق والناظم والرابط بين كافة الأطراف المعنية، سواء الجهات الدارسة، أو الجهات التنفيذية أو الإدارية، وهنا مكمن الخلل الذي حوّل هذه الزيارات إلى جولات سياحية وترفيهية وتسويقية، خاصة أن معظمها يتزامن مع العطل الرسمية الطويلة.
وبعيداً عن القراءات التنظيرية والتقييمات غير المجدية في مثل هذه الحالات غير المستقرة والمنتظمة لآليات العمل والتعاطي مع مشكلاتها وصعوباتها، يجد الكثير من المتابعين للشأن المعيشي والخدمي والاقتصادي والتنموي في حلب أن زيارة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك على أهميتها لم تحمل أي جديد، ولم تنجح في كسر قاعدة وبرنامج الزيارات الروتينية والاستعراضية، وفي إذابة ألواح الجليد التي تغطي سطح مجمل الملفات العالقة.
يرى الكثيرون أن حلب بعد خمسة أعوام على تطهيرها من الإرهاب تحتاج لاهتمام ودعم أكبر على كافة المستويات يتجاوز بكثير الانتقائية بالجولات التفقّدية لآلية عمل الأفران وصالات السورية للتجارة، وبالتالي على الجميع توفير هذا الجهد وعناء السفر والتكاليف الكبيرة والباهظة للقيام بزيارات وجولات أكثر أهمية تحدث فارقاً واضحاً في المشهد العام للمدينة، وتسهم في تدعيم روائز العملية الإنتاجية، وتكون داعمة ومساندة لمشروع إعادة الإعمار والبناء.
نعتقد أن أكثر ما تحتاجه المرحلة الحالية والمستقبلية هو تنظيم العمل، والاستفادة من الوقت المتاح، واستثمار الإمكانات والطاقات في مكانها وزمانها الصحيحين، والتركيز أكثر على إيجاد بيئة منتجة من خلال وضع رؤى وأفكار وخطط وبرامج قابلة للتنفيذ بعيداً عن سياسات الترقيع والتجميل، وما يرافقها من تطبيل وتزمير، والأهم أن تكون هناك جدية في التعاطي مع حالات الخلل في عملنا المؤسساتي، ومحاربة كل أشكال الفساد.
وفي الواقع، رتابة الزيارة الأخيرة وبرنامجها المحكم الذي لم يختلف عن برامج ومضامين ومخرجات الزيارات السابقة، يعطي مؤشرات ودلالات غير مريحة لجهة ما تعانيه حلب من ترهل مخيف في العمل المؤسساتي، وفي غياب المحاسبة والرقابة، وهو ما يفسر اتساع رقعة الفساد المالي والإداري على السواء.
وكون الزيارة اتخذت طابعاً رسمياً، واقتصرت على عقد ثلاثة اجتماعات، وجولات على عدد من الأفران، وعلى صالتين للسورية للتجارة، في حين لم يتسن للوزير القيام بجولات ميدانية على الأسواق، والتحاور مع المواطنين حول الواقع التمويني والمعيشي، والاستماع إلى همومهم ومعاناتهم، يأمل الحلبيون أن تكون الزيارة الثانية إلى حلب غير معلنة وخارج أيام العطل الرسمية، وأن يكون لها بعد رقابي وتفتيشي لتكون النتائج بحجم الطموحات والآمال المعقودة.