لافروف أمام “صيغة موسكو”: لإحلال الأمن والاستقرار في أفغانستان
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن اتصالات موسكو مع حركة “طالبان” التي لم تحض باعتراف دولي حتى الآن، هدفها فهم مخططات الحركة ونواياها على المدى المتوسط والبعيد.
وأضاف بيسكوف في تصريح صحفي اليوم الأربعاء، أنه “بحكم القانون، طالبان غير معترف بها من قبل القوى العالمية، بما في ذلك روسيا. لكن بحكم الأمر الواقع، طالبان هم القيادة في أفغانستان”.
وقال: “الوضع في أفغانستان بالنسبة لنا مهم للغاية، في الواقع يتم إجراء اتصالات مباشرة تهدف إلى فهم أفضل لما تنوي طالبان القيام به على المدى المتوسط والبعيد”.
في الأثناء، انطلقت في العاصمة الروسية موسكو، اليوم الأربعاء، جولة جديدة من المحادثات الأفغانية في ما يعرف بـ”بصيغة موسكو”، والتي ستستمر 4 أيام.
وألقى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في افتتاح الاجتماع كلمة بحضور وسائل الإعلام، قبل بدء الاجتماع المغلق بين الوفود المشاركة في المحادثات. أكد أهمية إحلال الأمن والاستقرار في أفغانستان مشيراً إلى أن عودة حركة طالبان إلى سدة الحكم في هذا البلد أصبح أمراً واقعاً.
وأوضح لافروف أن الشرط الأساسي لتحقيق هذا الهدف هو تشكيل حكومة شاملة في الواقع ستعكس بالكامل مصالح كل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد.
وحذر الوزير الروسي من أن العديد من التنظيمات الإرهابية، بالدرجة الأولى “داعش” و”القاعدة” تحاول الاستفادة من هشاشة الوضع وتشن هجمات دموية في مناطق متفرقة من أفغانستان، بالإضافة إلى استمرار الأنشطة المتعلقة بإنتاج المخدرات في البلاد.
وأشار لافروف إلى أن هناك خطر امتداد الأنشطة الإرهابية والمتعلقة بالمخدرات إلى دول مجاورة، لا سيما تحت غطاء تدفق المهاجرين، مؤكدا أن روسيا ناقشت مع وفد “طالبان” ضرورة أن تلتزم الحركة على نحو صارم بالنهج الرامي إلى منع استغلال أي أطراف لأراضي أفغانستان ضد مصالح دول أخرى.
وأعرب لافروف عن ارتياح موسكو إزاء مستوى التعاون العملي الحالي مع السلطات الأفغانية الجديدة، مشيرا إلى أنه يتيح تحقيق الأهداف الأولية المرتبطة بضمان أمن المواطنين الروس المقيمين في أفغانستان، ومواصلة سفارة موسكو في كابل أداء مهامها دون عوائق.
وأعرب الوزير عن أسف موسكو إزاء عدم مشاركة الولايات المتحدة في محادثات اليوم وغيابها للمرة الثانية على التوالي عن اجتماعات “الترويكا الموسعة” بخصوص أفغانستان.
وأبدى الوزير أمله في أن هذا الأمر ليس مرتبطا مبدئيا بأي مشاكل، وفي أن واشنطن لا تزال مستعدة لمواصلة العمل على الملف الأفغاني، مرجحا أن أحد أسباب غياب واشنطن عن اجتماع موسكو يعود إلى تغيير المبعوث الأمريكي الخاص بشأن أفغانستان (خليل زاد) مؤخرا.
في سياق متصل، أعلنت الخارجية الروسية أن المشاركين في المحادثات الدولية الخاصة بأفغانستان اتفقوا على دعوة الأمم المتحدة إلى تنظيم مؤتمر مانحين لصالح هذا البلد.
وصرح مبعوث الخارجية الروسية الخاص إلى أفغانستان، ضمير كابولوف، للصحفيين اليوم الأربعاء: “هناك رأي مشترك لدى جميع المشاركين بشأن ضرورة دعم الشعب الأفغاني وتفادي الأزمة التي تلف في الأفق ويصفها البعض كارثة إنسانية.. ولذلك ستتمثل إحدى أهم نتائج اجتماع اليوم (وهذا ما سينعكس في بيانه الختامي) في توجيه كافة الأطراف في “صيغة موسكو” دعوة إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر مانحين دولي خاص بتقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي لإعادة إعمار أفغانستان في مرحلة ما بعد النزاع”.
وشدد الدبلوماسي الروسي على أنه ليس هناك أي مهلة زمنية محددة لتشكيل حكومة شاملة في أفغانستان.
وأكد كابولوف أن المبعوث الأمريكي الجديد إلى أفغانستان، توماس ويست، سيزور روسيا في كانون الأول القادم.
وأقر المبعوث بأن المناقشات خلال اجتماع “صيغة موسكو” اليوم تطرقت إلى مسألة الاعتراف الدولي بحركة “طالبان” كسلطة شرعية في أفغانستان، لافتا إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن هذا سيحصل في لحظة ما مستقبلا.
في الوقت نفسه، أشار كابولوف إلى أن الجانب الروسي أبلغ وفد الحكومة الأفغانية الجديدة التي شكلتها حركة “طالبان” بأن هذه اللحظة لن تحل ما لم تبدأ الحركة بتطبيق معظم ما يتوقعه منه المجتمع الدولي، لاسيما فيما يخص حقوق الإنسان والشمولية.
وينعقد في العاصمة الروسية اجتماع “صيغة موسكو” بمشاركة ممثلين عن كل من روسيا وإيران وباكستان والصين والهند وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان إضافة إلى وفد من حركة طالبان ومن المقرر أن يركز على مناقشة أفق تطور الأوضاع العسكرية والسياسية في أفغانستان والمساعى الدولية الرامية إلى تفادى تجنيبها أزمة إنسانية.