بيادر الفرح
سلوى عباس
مشاعرُ متداخلة من القلق والخوف والانتظار عشناها آن هلّ صبح استيقظنا فيه على فرح قدومك، ننسج أحلامنا حول لحظة تطلين فيها مشرقة بالصحة والعافية، لحظات اختصرت عمرنا كله عشناها بانتظار روح بريئة أطلت على عالمنا ومنحت الضوء لصباحاتنا.. سبغت على حياتنا بركتها، ونشرت في قلوبنا ودادها.. أيقظت أحاسيسنا وكل عواطفنا وأشعلتها شمعة وجد لا تنطفئ وشلال حنان يشيع الدفء والسحر، وتتألق الروح في أنشودة محبة مجللة بالياسمين الذي انهمر من بين يديها الصغيرتين بيادر من العطاء والفرح والحب.
أمام هذه اللحظات التي تكثّف فيها الزمن لم يكن هناك شيء بمقدوره أن يسكن أرواحنا عن اللهفة والحبور، كانت هذه اللحظات مثل حلم أسدل عباءة الغبطة على الروح، أرخى على جفوننا طول السهر وأولم في قلوبنا بيادر الأحلام، ودفع بريح شفيف إلى ليالكنا البرية وغمسها في رطوبة غمامة أيقظت فينا حساً منحنا فسحة من صفاء الروح جعلتنا أقدر على النهوض بأعباء الحياة، وضوّعت أرواحنا بشذى نشوة مفتقدة.
فرح القلب.. الآن وقد اكتمل أربعين ورودك لازلت تطوقين أعناقنا بياسمينك فترتديه قلوبنا دفئاً آخر يخفف أحزاننا، ويلفح الضوء ليالي العتمة المديدة التي أثقلت أرواحنا، وأنبتت في أرجاء عمرنا أشجار الوداد كلما التفتنا إليك أينع ربيع عمرنا وأشرق فيه الفرح.
اليوم، وفي ربيع ورودك الأربعين التي أرجو الله أن تمتد دهراً من السعادة والهناء، نفتح نافذة القلب المفضية إلى الضوء ونعيش معك دقائق تساوي عمراً، بل إنه العمر الذي انصهر إلى دقائق نعيشها معك ومع أختك سارتنا النبيلة والجميلة التي تحتفي بك وتتلهف لرؤيتك.. سارة التي عشنا معها ولازلنا أجمل أيام عمرنا، وهاهي محبتنا لها تثمر بيادراً من العطاء تهيئها لك لتكوني على قدر أحلامها ومحبتها، أنت التي تزينين أيامها وأيامنا بالنهار وتسكبين في ليلنا ضياءك الوردي وتفتحين نافذة القلب على الفرح، فسبحان من أولاكما شأن أرواحنا التي اغتسلت بمائكما المعسول بالأحلام وزهوة الحياة، وتفتقت ثناياها عن أزاهير شوق لكما وهيام رائع بكما، أنتما الوردتان اللتان تمسكان قلوبنا من أرواحها وتحلّقان بها في غيوم الحب والإحساس الجميل.
فرح.. أنت في قلوبنا وردة تمتد في أفق الروح، لونت سماءنا بأقواس قزح، وكنت عصفورة الوقت التي نثرت عطر جناحيها في دقائقنا ومسحت عنا غبار الحزن.. هكذا يا فرحنا، تورق الليالي معك ويضيئنا بهاءك وترسمين لقلوبنا لحظات توهجها وتزينيها ببوح الياسمين.
فرح.. فرحنا.. أهلاً بقدومك الذي رشّ نداه على أرواحنا بلسماً، وشكراً لكل الهناء والدفء الذي يتدفق من عينيك ينتشر في عالمنا طيفاً من ألق تنتقل عدواه إلى خفقات قلوبنا فتنبض بك وتهتف لك وتحتويك بحنان يتفجر من كل ذرة في كياننا ليحبك أكثر وأكثر، وصوتك الذي يملأ الأماكن بحضور سحري، يكسر الملل، ورائحتك ترسمنا حلماً آخر يتردد صداه في مسامعنا وآذاننا نشيداً مختلفاً للحياة.