مكافحة الإرهاب أولوية مطلقة
سنان حسن
يبدو أن التطورات السياسية والاقتصادية على الساحة السورية والحديث عن انفراجات دولية من هذه الجبهة أو تلك، دفع مشغلي المجموعات الإرهابية إلى التحرك مجدداً على خط توتير الأجواء وتعطيلها، أملاً في إبقاء سورية في دوامة العنف والإرهاب وحرمانها من استثمار صمودها ودماء شهداء وتضحيات أبنائها في فك الحصار عنها وبدء مرحلة إعادة الإعمار، حيث استفاقت دمشق اليوم الأربعاء على تفجير إرهابي مزدوج استهدف حافلة مبيت عسكري عند جسر الرئيس أدى إلى ارتقاء 14 شهيداً وجرح العشرات، وكان من الممكن أن تزداد الحصيلة لو انفجرت العبوة الثالثة التي قام عناصر الجيش العربي السوري بتفكيكها، ما يعني أن المطلوب كان من وراء هذا التفجير حمام دماء مرعب تستفيق عليه العاصمة دمشق.
طبعاً، الأمر لم يتوقف عند التفجير الإرهابي فقد شهدت الفترة الماضية تصعيداً خطيراً من كيان الاحتلال الإسرائيلي سواء من بوابة الاعتداءات الجوية “اعتدائين في أسبوع” والتي كان آخرها في محيط مدينة تدمر، حيث أكدت تقارير عسكرية متابعة أن العدوان تزامن مع تواجد طائرتين مدنيتين في أجواء المنطقة المستهدفة، الأمر الذي منع الدفاعات الجوية السورية من العمل كي لا تحصل كارثة جوية، كما أن الاحتلال الإسرائيلي عمد وبدم بارد إلى ارتكاب جريمة باغتيال الأسير المحرر مدحت صالح في منزله بالقنيطرة..
في التوقيت عينه زاد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان من اعتداءاته على الشمال السوري مهدداً بشن عمليات جديدة ضد مدن سورية تحت ذرائع واهية أملاً في شد عصب المتطرفين من داعميه، ومن جهة ثانية لتبرير فشله الداخلي في انهيار عملته وانكشاف فساده وفساد عائلته وحزبه الإخواني، حيث أعلن اليوم الأربعاء عن إرسال مذكرة إلى البرلمان لتمديد “مهمة” قواته الغازية في سورية سنتين إضافيتين، ما يعني مواصلة دعم المجموعات الإرهابية المنتشرة في الشمال السوري وعدم تنفيذ التعهدات التي قطعها للضامن الروسي لإخلاء إدلب من الجماعات الإرهابية.
إذن الهدف واضح وجلي للجميع هو تعطيل ومنع التطورات المتسارعة سواء على خط تحصين الجبهة الداخلية وما يتم إنجازه من تسويات في درعا وأريافها، أو على خط المصالحة العربية مع سورية من بوابة الأردن ومصر، والعودة الدولية والأوروبية إلى طرق أبواب دمشق لإعادة افتتاح سفاراتها وممثلياتها الدبلوماسية وفيها، دون أن نغفل تعطيل ومنع أي تقدم ممكن أن يحصل في عمل اجتماعات الجولة السادسة من اللجنة الدستورية السورية المنعقدة في جنيف، ولكن هل ستفلح مشاريعهم ومخططاتهم في النيل من سورية وصمودها؟ بالتأكيد لا.
خلال عشر سنوات من عمر الحرب الإرهابية، أكدت سورية وما تزال أن مفتاح الحل لكل ما يجري فيها وحولها هو مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ومعاقبة داعميه ومموليه، بالاستناد إلى القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي “القرار 2053” مثال، وأن كل المحاولات للعب بورقة الإرهاب ومحاولة تبيض صفحته كما يحدث الآن مع جبهة النصرة الإرهابية والدعاية الامريكية والبريطانية لها ستبوء بالفشل، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وما يجري اليوم من استعادة سورية لدورها في المنطقة والعالم دليل على فشل كل المحاولات لإركاعها وحرمانها من ممارسة دورها الإقليمي.
إن ما جرى في دمشق من مجزرة إرهابية يؤكد من جديد أن العدو بات مفلساً ويبحث إراقة الدماء وزيادة الفوضى لعله يزيد من أمد الحرب عليها، ولكن بدماء الشهداء وتضحيات الجرحى وصمود الشعب والقائد ستواصل سورية طريقها حتى التحرير والنصر واستعادة كل أراضيها والأيام ستثبت ذلك.