أسماء فيومي قريباً في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق
يحتفي المركز الوطني للفنون البصرية مساء الأحد القادم الموافق لـ24 تشرين الأول بأعمال الفنانة السورية أسماء فيومي، حيث سيفتتح المعرض الاستعادي لأعمال الفنانة المولودة عام 1943 في عمان، والتي أمضت حياتها محاطة بالفن والرسم وهي التي تعلمت من ناظم الجعفري ونصير شورى والياس زيات والفنان الإيطالي لارجينا، كما تدين لأساتذتها في كلية الفنون الجميلة بعد تخرجها سنة 63 ومن أعداد الدفعة الثانية لخريجي الكلية، سيرة طويلة لهذه الفنانة الدؤوبة والتي تحفظ في سجلها محطات ومعارض كثيرة، فهي الحاصلة على جائزة الدولة التقديرية عام 2018 وتعتبر من الفنانات الرائدات في سورية.
كان لأثر نكسة 1967 العامل الحاسم في تحول فيومي وعدد من التشكيليين السوريين (نذير نبعة، غسان السباعي، ليلى نصير، أسعد عرابي) نحو فن مختلف عما قبله، فقد أضحى تجسيداً للألم النفسي نتيجة الواقع المرير ومشاهد الخراب والآثار غير المتوقعة لهذه الحرب، حيث بات من الضرورة البحث عن منهجيات جديدة ينتقل خلالها فن الرسم نحو الأشكال المعاصرة وبمسؤولية، فكانت التعبيرية وعوالمها الرمزية والألوان القاتمة في خلفية اللوحة والوجوه المكسورة واليد والطفل ورسم تعابير البحث عن النجاة وملامح الفزع في دلالة على الخراب والتهجير والقهر. ربما هذا العنوان هو الأقرب لأعمال التشكيلية فيومي التي لم تنجُ من هذا الكابوس أبداً وبقيت تراوح في هذا المشهد، حتى أن عملها كمصمّمة للملابس والديكور مع زوجها المخرج الراحل غسان جبري في التلفزيون لم ينقذها من تلك الصورة التي تتكرر في أعمالها ومعارضها اللاحقة، وظلت تحطّم وجوه لوحاتها وتنبش عن بقعة اللون التي تطمئن لها باحثة عن روح الأشياء في مناخ التجريد الذي يعني لها التدمير وإعادة البناء وتشكيل كل عنصر من عناصر الصورة، لذلك سعت فيومي جاهدة لرؤية روح الأشياء. وظهور المرأة البارز في أعمالها ليس استثناء لهذه الرؤية، فبدأت بأسلوبها الجريء تدمج الأنماط التعبيرية في لوحاتها لتجعل من الشخصيات النسائية تشكيلات مجازية قوية في تراكيبها التصويرية.
في العموم كان لأسماء فيومي تأثير جوهري على الفن النسوي السوري المعاصر، فقد عبّدت طريقاً حافلاً بألوان جرأتها أمام الفنانات السوريات اللاحقات، وحققت إنجازاً نسوياً فريداً قطف ثماره جيل كامل من الفنانات، فقد عاصرت أسماء، الفنانة والمرأة والمواطنة العربية، أوقاتاً عصيبة خلال أكثر من سبعين عاماً من الأحداث المصيرية في المنطقة تركت تأثيراً أغنى تجربتها الفنية والإنسانية، فهي رغم تأثرها بالمدرسة التجريدية لم تتجرد يوماً عن حمل هموم أقرانها وتجسيدها بقوة في لوحاتها، فهي تستمد إبداعها الفني من القضايا التي تشغل الوطن والإنسان وأمته.
أكسم طلاع