الابتسامة لغة العالم
غالية خوجة
لماذا لا تبتسم وأنت حزين؟ أوليست أجمل ابتسامة تلك التي تشرق من بين الدموع كما أشار إليها الشاعر بابلو نيرودا، بينما تركها الفنان دافنشي غامضة في لوحة الموناليزا؟ لكن، ما ضرّ لو أن الموناليزا ابتسمت بفرح حقيقي؟
الابتسامة أجمل المفاتيح الضوئية لقلوب منتصرة بالمحبة، معطاءة ومُحِبة، فالقمر يكون هلالاً مبتسماً ليعلمنا كيف نوزع الطاقة الإيجابية رغم ضيق العيش والحصار والحياة، والفصول تبتسم لتمنحنا التفاؤل والأمل، وكذا يفعل الكون كلما رأى ابتسامتك.
ليست الموسيقا وحدها لغة العالم، بل الابتسامة لغة العالم أيضاً، ولها أبجديتها الموسيقية المتناغمة مع نبض قلوبنا، فمن يبتسم يشعر أن هالة مضيئة تنطلق من أعماقه لتساعده على الاستمرار بشجاعة داخل نفق الأيام، فتجعله أجمل، والله يحب الجمال، وتجعله مصدراً لطمأنينة الآخرين.
الابتسامة الصادقة صدقة في وجه الناس، لها أجرها، والحياة لا تتلون بلا ابتسامة ترتسم على الوجوه لتكون الملامح أجمل.
ولهذا اهتمّ الخبراء النفسيون والاجتماعيون والالكترونيون بالابتسامة وطاقتها المشعة وجعلوا منها “أيقونة” لتعبّر عن المشاعر مع “الإيموجي” التي تعني الأيقونات الرمزية الالكترونية المعبّرة عن المشاعر الإنسانية.
ولكل ابتسامة حكاية، وللوجه الباسم الرامز للسعادة، حكاية الشمس المشرقة المبتسمة التي رسمها مصمم الغرافيك الأمريكي هارفي روس بول عام 1963 من أجل رفع معنويات الموظفين آنذاك، لكن الوجه الأصفر الباسم انتشر كلغة لا تحتاج لترجمة، ليكون يومنا سعيداً.
للوجوه الباسمة الواقعية جمال لا تنافسه جميع أنواع الماكياج، وكما تتعطر الورود بروائحها الجذابة، تتعطر أرواحنا بالابتسامة التي نرسمها هلالاً على وجوهنا، لتعبر كأقصر الطرق إلى القلوب والأرواح والنجاح.
ما أروع أن ننتصر على الشر بالابتسامة، وأن نفتتح صباحاتنا بابتسامة، وأن نمضي لأعمالنا والابتسامة تسبقنا.
الابتسامة تتقنها القلوب الصافية، فتعبر من ضفة آلامها لضفة آمالها، فإذا كنت في بيئة حالكة، فما عليك سوى أن تبتسم لتكون ابتسامتك المصباح الذي يبدد الظلمات في النفوس والبيئة والمحيط، واليوم الذي يمر دون ابتسامة نخسره من عمرنا القصير، وكم قيل من حكمٍ وأقوال وأشعار في الابتسامة، منها “السلام يبدأ بابتسامة-الأم تيريزا”، ومن أسماء الله الحسنى “السلام”، وتلك رسالة لنكون أكثر صفاء مع ذواتنا والعالم، فنطمئن ونثق وننتج ونحن نبتسم.
ولأن الابتسامة شموع تطفئ الدموع، فلنجعلها طريقنا إلى القيم المتفائلة، ولا نجعلها ابتسامة خبيثة ماكرة، لأن الناس تستحق الصفاء، والراحة، والحياة الكريمة في البيت والعمل والشارع وجلسات الأصدقاء والمحادثات الهاتفية، لأن الصوت ونبراته بوصلة كاشفة لتلك الابتسامة التي نقرأها ونحن نستمع للآخر، ونحاوره، وكذلك، الموت يستحق أن نلقاهُ مبتسمين.
الابتسامة حكمة ورصانة وسعادة وأخلاق مهما تنوعت المفاهيم، واختلفت اللغات والعادات، لأن المعنى الذي ترسمه الابتسامة يدوم، وأثره يتفتّح عبْر الفصول، ويرسخ في الذاكرة كدليل عليك.
وكم يحتاج سكان الكرة الأرضية إلى يوم عالمي للابتسامة، كما يوم البيئة، ويوم الطاقة، ويوم الشعر، ويوم اللغة، ويوم الحب، لتذكرهم هذه العلامة الهلالية البسيطة بحضورهم في معاني الحياة.
أوليست الابتسامة، كما قالت عنها روزالين فوكس، أقل كلفة من الكهرباء، ولكنها أكثر إشراقاً؟
إذن، دامت ابتسامتكم مشرقة قراءنا الأعزاء، فلنبتسم لتبتسم لنا الدنيا والكلمات والصعابُ والحياة.