الأولوية لتمويل الحروب
ترجمة: عائدة أسعد
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطة الوظائف الأمريكية بقيمة 2 تريليون قائلاً إنها تأتي أساساً استجابة لأزمة المناخ وطموحات الصين، ووفقاً لخطة بايدن، ستنفق الإدارة 621 مليار دولار لبناء أو تحسين البنية التحتية للمواصلات في البلاد، بما في ذلك الطرق السريعة، والجسور، والطرق، والمطارات، و689 مليار دولار على البنية التحتية المجتمعية، بما في ذلك توفير مياه الشرب، والإسكان، وبناء المدارس ومستشفيات إدارة صحة المحاربين القدامى في السنوات الثماني المقبلة.
في شباط 2018 أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب عن خطة بنية تحتية بقيمة 1.5 تريليون دولار دون أية مقترحات تمويل محددة، واكتفى بالقول إن 200 مليار دولار من هذا المبلغ ستأتي مباشرة من الميزانية الفيدرالية، وعلى الرغم من أن خطة بايدن للبنية التحتية تبدو على عكس خطة ترامب في تعزيز دور الأموال الفيدرالية في الاستثمار بالبنية التحتية الأمريكية، إلا أن الإدارة الحالية تواجه وضعاً مالياً قاسياً، فالعجز المالي الفيدرالي للولايات المتحدة يشكّل في هذا العام 13.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ثاني أعلى مستوى منذ عام 1945.
الملفت هو ذكر الصين التي باتت لا تغيب عند الحديث عن خطط البنية التحتية في الولايات المتحدة، فحسب بايدن: “إن الصين تأكل غداءنا، وستضعنا هذه الخطة في وضع يسمح لنا بالفوز في المنافسة العالمية مع الصين في السنوات القادمة”، لكن خطته تواجه معارضة قوية، ومشاكل في الجدوى، حيث يشكك الكثيرون في الآثار المالية لخطته التي يؤكد فيها أنه سيتم دفعها عن طريق زيادة معدل ضريبة الشركات إلى 28 في المئة، ووضع حد أدنى للضريبة على دخل دفاتر الشركات، ورفع معدل الضريبة على الأرباح الأجنبية، وإلغاء تفضيلات الوقود الأحفوري، وجمع عائدات كافية لتمويل هذه الاستثمارات من خلال خطة ضرائب “صنع في أمريكا”، ودفع الشركات الأمريكية التي أنشأت وحدات إنتاج في الخارج للعودة إلى الولايات المتحدة، وموقف الكونغرس الحذر تجاه الخطة أجبر بايدن على التأكيد باستمرار على تحديات الصين لتمريرها، مع أنه كان سخياً في الموافقة على تمويل ضخم للحرب في أفغانستان والعراق، فعلى سبيل المثال في عام 2001 أصدر تفويضاً لاستخدام القوة العسكرية، ما سمح للرئيس جورج دبليو بوش آنذاك باستخدام القوة ضد أي كيان يحدده على صلة بالمتورطين في الهجمات الإرهابية في 11 أيلول 2001.
ووفقاً لمشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون فإن الحروب في أفغانستان والعراق كلّفت 2.31 تريليون دولار أمريكي، كما أنفقت واشنطن 829 مليار دولار على الحرب في أفغانستان من عام 2001 إلى عام 2020، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان خلال الفترة نفسها، ومع ذلك انتهت الحرب التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 66 ألف فرد من القوات المسلحة الأفغانية، وأكثر من 47 ألف مدني أفغاني بانسحاب متسرّع وفوضوي للولايات المتحدة من البلاد.
بشكل عام، على الرغم من أن تكلفة الحرب في أفغانستان أعلى من خطة الاستثمار في البنية التحتية لبايدن، ولكن قد يجد الكونغرس صعوبة في التوصل إلى اتفاق بشأن الاستثمار طويل الأجل في البنية التحتية في الولايات المتحدة.