رواد عبد المسيح: لديّ شغف بموسيقا الروك
لأول مرة يقدّم عازف الغيتار رواد عبد المسيح موسيقاه على مسرح الأوبرا بمرافقة فرقته الموسيقية المشكّلة من الآلات الأساسية لموسيقا الروك مع الآلات التقليدية الكلاسيكية بقيادة المايسترو رشيد هلال، ضمن مشروع عبد المسيح القائم على الدمج بين الروك والموسيقا الكلاسيكية، بيّن قدرته على التخيّل وتجسيد الصراع الدرامي من خلال ألبوماته وأغنياته وتجربته في الدراما التلفزيونية التي فتحت أمامه أبواباً جديدة، واستمدّ عبد المسيح مضمون موسيقاه من القضايا الإنسانية الكبرى ودعم موسيقاه بالتضمين الشعري والكلام المغنّى.
ضمّت الأوركسترا مجموعة كبيرة من الآلات الإيقاعية بمشاركة عازف الإيقاع سيمون مريش، إضافة إلى الغيتار بيس والغيتار الكهربائي والنحاسيات والبيانو والوتريات، مع إضافات للموسيقيين الضيوف وفق الترتيب الغنائي. كما ترجمت الصورة البصرية وتأثيراتها التي قدّمتها شركة الحلول الإلكترونية موسيقاه لمؤلفاته وبعض القطع العالمية، وكان دور النحاسيات والضربات الحادة للطبول والدف واضحاً، إضافة إلى صولو الغيتار –رواد عبد المسيح– الذي كان محور الموسيقا ومحرك تنقلاتها، وقد هيمنت خصوصية موسيقا الروك على المنحى العام للأمسية.
البداية مع ضوء خادع من ألبوم (أمل عتيق) تأليف وألحان رواد عبد المسيح، ومع صولو الغيتار ومرافقة هادئة للوتريات ثم توليفة الأوركسترا، وعلى وقع آثار سورية وحضاراتها المتعاقبة عزفت مقطوعة “سورية ما بتزول”، ثم تخيّل البطولات المدهشة والتكثيف الموسيقي في مقطوعةcame of thrones” ” تأليف وألحان رامين دجاوادي.
وشكّلت قصيدة محمد الماغوط “لقد أخذوا الزمن” تأليف وألحان عبد المسيح محوراً مهماً في الأمسية بإضافة الشعر إلى الموسيقا وتناغم وقع الكلمات مع موسيقا الروك بمرافقة الغيتار والإيقاعيات في مطلع القصيدة:
لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن/أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات/أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية/أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب.
كما تميّزت بدور النحاسيات في الفواصل بامتدادات لحنية.
الدراما التلفزيونية
من الشعر إلى الدراما التلفزيونية وبنمط موسيقي مختلف غنّت هبة فاهمة بمرافقة خاصة للعود نوار زهرة، ومن ثم الغيتار شارة مسلسل “بعد عدة سنوات” الذي عُرض في موسم رمضان الماضي وغنّتها ميس حرب، ونجحت فاهمة بإحساسها الدافئ في إيصال معاني المفردات “ورق العمر” كلمات عدنان الأزروني، كما غنّت أغنية “رح أعمل حرب” كلمات مجد مسوح تأليف وألحان رواد عبد المسيح، بمرافقة خاصة على الكمان لقائد الاوركسترا رشيد هلال. أما شارة مسلسل “ومضات” فغناها روجيه اللحام بمشاركة موسيقية خاصة للناي أحمد اسكندراني والقانون ماهر خضر.
كما تم الغناء باللغة الإنكليزية للأغنية التي ألّف كلماتها ولحنها عبد المسيح “”aglorious suicide ويحكي فيها قصة الملكة أليسار التي أسّست مدينة قرطاج، وزادت الصور البصرية للملكة وإبحارها والقوارب من جمالية الموسيقا والأداء الغنائي الثنائي لجوليا عبد المسيح وعلي الشيخ، واستخدم فيها الغيتار الكهربائي. ومن المقطوعات ذات التأثير غنّى روجيه اللحام أغنية شارة مسلسل “جزيرة الكنز” المألوفة لجمهور الأوبرا ولكن بتوزيع خاص للأوركسترا.
فلسطين والزيتون
فلسطين كانت حاضرة أيضاً بأغصان الزيتون التي تحركها رياح الخريف، والمقطوعة التي استمدها عبد المسيح من كتاب عن أحداث لبنان عاد فيه الكاتب إلى جذور القضية الفلسطينية، متوقفاً عند خروج الفلسطينيين بما دوّنه الكاتب “ختم الخروج الأخير” من ألبوم أمل عتيق، فكانت البداية مع الصوت الرخيم المعبّر عن الحزن للتشيللو والضربات القوية للطبول ومن ثم دور النحاسيات. في حين ترجمت مقطوعة الأم الخراب الذي يقوم به الإنسان بالأرض الأم وما يلحق به من أضرار البيئة والتكنولوجيا واقتلاع المساحات الخضراء من الألبوم ذاته، ومهدت نغمات البيانو في المقدمة إلى التتابع اللحني.
واختتم عبد المسيح الأمسية بمقطوعة من ألبومه الثاني “بعيداً عن كوكب الأرض” من تأليفه وألحانه بمتتالية إيقاعية قوية متناغمة مع متتالية الغيتار.
المزج والتجديد
على هامش الأمسية تحدّث المايسترو رشيد هلال لـ”البعث” بأن مهمته كانت صعبة بالمزج المنطقي بين الآلات الكلاسيكية وآلات موسيقا الروك وتخريج الصوت للآلات الكلاسيكية والكهربائية، وأنه يعمل بشكل عام على تطوير الموسيقا الشعبية أو موسيقا الستايلات مثل الروك بتشذيبها وتطويع الأوركسترا لتطويرها، وكذلك بمؤلفاته الخاصة يميل إلى المزج والتجديد.
وأعرب رواد عبد المسيح عن سعادته بالأمسية التي كسر من خلالها الفكر التقليدي، وأن كل المقطوعات المقدّمة مهمة بالنسبة له، وخاصة قصيدة لقد أخذوا الزمن، وبعيداً عن كوكب الأرض التي أصدرتها شركة نيو فينسل. وعن مشروعاته الجديدة لا توجد لديه خطة واضحة حالياً، إلا أنه سيركز على الأمسيات بعد انطلاقته من مسرح الأوبرا.
ملده شويكاني