هل سيفلت أردوغان هذه المرة؟
سنان حسن
يبدو أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، يسعى من خلال حصوله اليوم الأربعاء على تفويض من برلمانه بخصوص تنفيذ عمليات عسكرية في سورية والعراق في أقرب وقت ممكن إلى الهروب إلى الأمام، ولاسيما أن الأوضاع التي يواجهها داخلياً تزداد صعوبة مع انهيارات غير مسبوقة بسعر صرف الليرة التركية من جهة، وصدامه المباشر مع المعارضة التي على ما يبدو توحّدت هذه المرة ضدّه من جهة ثانية، ولكن السؤال المطروح هل يستطيع وفق المتغيرات الدولية حول سورية أن يشنّ عدواناً بالفعل؟ أم أن ما يقوم به هو مجرّد استعراض جديد لشدّ أزر حاضنته الإخوانية قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، والأهم ماذا عن موقف المعارضة التركية التي رفضت لأول مرة تمديد التفويض الممنوح له؟
خلال الحرب الإرهابية على سورية عمل أردوغان على أكثر من حبل أملاً في تحقيق أحلامه العثمانية الطورانية في سورية، فكان العبد الوفي لأمريكا وحلفائها من خلال فتح ممرات آمنة للإرهابيين للولوج إلى سورية، وقامت أجهزة مخابراته ومليشياته الإخوانية باستقطاب كل إرهاب العالم للدخول إليها وإشاعة الفوضى فيها، ثم سعى من خلال الدخول في إطار أستانة إلى إطالة أمد استخدام المجموعات الإرهابية كورقة بيده للاستمرار في تنفيذ مشاريعه، دون أن ننسى كيف استغل أوروبا بقضية المهجّرين وجعلها شمّاعة في وجه بروكسل عند أي انتقاد توجّهه له، ولكن في ظل التغيير الذي حصل في الولايات المتحدة الأمريكية بوصول الرئيس جو بايدن والعلاقة المتوترة معه التي كان آخرها رفضه اللقاء به خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتلويح مجدداً من قبل بايدن بأنه متردّد بشأن لقاء رؤساء في الشرق الأوسط، والأهم الموقف الروسي الحازم بشأن إخلال أنقرة بتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في سوتشي 2019، كل هذه العوامل دفعت أردوغان إلى استعجال قرار البرلمان رغم أن قرار الموافقة مضمون لأن الأغلبية فيه لمصلحته، ولكن ليظهر للشعب التركي مدى الخطر المحدق القادم من سورية، ولكن الذي لم يكن يحسب له حساباً الرفض العلني من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية للتفويض ومطالبته علناً بأن يخبر الشارع التركي ما الغاية منه، هل بالفعل تنفيذ اتفاقيات أستانة، وحماية تركيا، أم الهدف توريط تركيا وجنودها بمزيد من القتل والإرهاب؟.
أمام ذلك، يبدو أن أردوغان استنفد كل أوراقه داخلياً وخارجياً، وبدأ بالفعل في التخطيط لمغامرة قد تكون الأخطر على تركيا والمنطقة، من حيث النتائج والتبعات، ولاسيما أن المناطق التي يحتلها الجيش التركي في شمال سورية ويرعى فيها تنظيمات إرهابية (جبهة النصرة- الحزب التركستاني- أجناد الشام) تقتتل اليوم فيما بينها بطريقة وحشية أمام أعين الجيش التركي، وبالتالي أي عملية مرتقبة ستفتح المجال أمام هروب هؤلاء الإرهابيين إلى الداخل التركي ومن ثم إلى أوروبا والعالم.. ولكن ماذا عن سورية وحلفائها وكيف ستواجه العدوان التركي؟.
بالأمس أعلن عن انتهاء عمليات تسوية أوضاع المسلحين في درعا وأريافها وباتت المدينة بالكامل تخضع لسلطة الدولة السورية ومؤسساتها، وهذا ما يفتح الباب واسعاً أمام الجيش العربي السوري لفتح جبهة جديدة يستعيد فيها كامل تراب الأرض السورية، ولاسيما أن الأوضاع الميدانية في جبهة إدلب مهيّأة لذلك، وبالتالي على أردوغان أن يدرك أن هذه الجولة من الحرب في الشمال السوري ستكون حاسمة لجهة إنهاء مغامراته، ولن يعود بالإمكان مرة أخرى التوصل إلى اتفاقات أو تفاهمات لفرز الإرهابيين وعزلهم بين متطرف ومعتدل، فجنود الجيش العربي السوري سيتولون المهمة هذه المرة، وإن غداً لناظره قريب.