اقتصادصحيفة البعث

عجز أم تجاهل..؟!

حسن النابلسي

قد نتفق بداية مع الحكومة لجهة دأبها على رفع أسعار المواد المدعومة في محاولة منها لمجاراة مستويات التضخم، وتقليص الفجوة بين تكلفة هذه المواد وسعر مبيعها للمستهلك.. لكن نختلف معها لجهة عجزها عن تحسين الوضع المعيشي، وتجاهلها الفجوة الهائلة بين الدخل والنفقات.. لا من خلال تخفيض مستويات التضخم، وضبط الأسعار ولا حتى من خلال رفع الرواتب والأجور بشكل يواكب ولو نسبياً العبء المعيشي..!.

لعل القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك القاضية برفع أسعار المازوت الصناعي والغاز المنزلي والصناعي خارج ما يسمى البطاقة الذكية تندرج ضمن سياق التخبط الحكومي، ويشي بسوء إدارة الأزمة، وانعدام التعاطي مع الفساد كظاهرة بات لزاماً اجتثاثها بأية طريقة كانت..!.

إن وجود سعرين لأية مادة هو دليل دامغ على أن الحكومة أمام تحدٍ إداري كبير لا تستطيع تجاوزه.. وأغلب الظن أنه سيتمخض عن عجزها هذا إنعاش السوق السوداء.. وما ترحيب البعض بمثل هذه القرارات غير المدروسة وخصوصاً الصناعيين، وتأكيدهم على انخفاض الأسعار ما هو إلا كلام طوباوي، وخارج عن الموضوعية، ونعتقد أن المواطن السوري على أعتاب مرحلة جديدة من الضغط المعيشي غير المحتمل، ولاسيما في ظل الرواتب والأجور الهزيلة التي لا تتعدى الـ25 دولار..!.

إذاً.. مشكلتنا الكبرى هي “إدارية” أكثر منها “اقتصادية” مع التأكيد طبعاً على عدم الاستهانة أو التقليل من تداعيات الأخيرة.. بمعنى أننا لا ننكر تدني الموارد والتوريدات ولاسيما حوامل الطاقة وبعض السلع الأساسية، لكن أس المشكلة يكمن بعدم إدارة انسياب هذه الموارد إلى المستهلك بشكل عادل.. فسوء الإدارة – وربما انعدامها أحياناً – هو المتسبب الفعلي بتسرب الغاز المنزلي ومازوت التدفئة إلى السوق السوداء.. ونعتقد أن تطبيق مبدأ “إدارة الندرة” بشكل عادل وصارم كفيل بتقليص مدة استلام أسطوانة الغاز إلى 60 يوماً – مثلاً – بدلاً من 90 يوماً أو أكثر كما هو حاصل الآن، وهذا الأمر ينسحب كذلك على مازوت التدفئة الذي لم يتم الانتهاء من توزيع الدفعة الأولى منه والمحددة بـ50 ليتراً لكل أسرة، ولا نعتقد أنه سيتم توزيع الدفعة الثانية..!.

أخيراً.. نستبعد عدم إدراك الحكومة لهذا المشهد الضبابي والواقع المرير.. لكن ما نخشاه هو تجاهلها للحل.. أو عجزها عنه تماماً..!.

hasanla@yahoo.com