شي جينبينغ في ذكرى استعادة الصين مقعدها في الأمم المتحدة: إقامة مجتمع المستقبل المشترك لا يعني استبدال نظام بنظام آخر
أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ على ضرورة التعاون يدا بيد في الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والعمل سويا على بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال.
وأضاف خلال إلقائه كلمة في مؤتمر إحياء الذكرى الـ50 لاستعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة: أن الدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية لا يستهدف استبدال نظام بنظام آخر، أو استبدال حضارة بحضارة أخرى، بل يسعى إلى تقاسم المصالح والحقوق والمسؤولية في الشؤون الدولية بين دول العالم بغض النظر عن الاختلاف فيما بينها من حيث الأنظمة الاجتماعية والتاريخ والثقافات والمستويات التنموية، بما يشكل قاسما مشتركا أكبر للتعاون في بناء عالم جميل.
وتابع الرئيس الصيني في نفس اليوم لما قبل 50 عاما، اعتمدت الدورة الـ26 للجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة القرار رقم 2758 الذي ينص على استعادة كافة الحقوق لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة والاعتراف بأن ممثل حكومة جمهورية الصين الشعبية هو الممثل الشرعي الوحيد للصين في الأمم المتحدة. وذلك يعد انتصارا للشعب الصيني وشعوب العالم!، معتبراً أن استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة حدثا كبيرا في العالم وفي الأمم المتحدة على حد سواء، وجاء ذلك نتيجة للجهود المشتركة من قبل جميع الدول المحبة للسلام والتي تقف إلى جانب العدالة، ويرمز ذلك إلى عودة الشعب الصيني الذي يشكل ربع سكان العالم إلى مسرح الأمم المتحدة، لذا فيكتسب أهمية بالغة وبعيدة المدى بالنسبة للصين وللعالم.
وأوضح الرئيس الصيني أنه خلال هذه السنوات الـ50، ظل الشعب الصيني يتمسك بروح الكفاح في سبيل تقوية الذات، ويتحكم في توجه التقدم للصين في ظل التغيرات والتقلبات، مما سجل ملحمة عظيمة لتطور الصين والبشرية. على أساس ما تم تحقيقه في البناء والتنمية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، فتح الشعب الصيني مرحلة تاريخية جديدة للإصلاح والانفتاح، حيث نجح في إطلاق وتطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وعمل على تحرير وتطوير القوى الإنتاجية الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة باستمرار، وحقق اختراقا تاريخيا متمثلا في تحويل الصين من التخلف النسبي من حيث القوى الإنتاجية إلى أن تحتل المركز الثاني في العالم من حيث حجم اقتصادها الإجمالي. وحقق الشعب الصيني بيديه وبفضل نضاله الشاق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في الصين، وحقق انتصارا في حرب مكافحة الفقر، وحققنا نجاحا تاريخيا في التخلص من الفقر المدقع، مما أطلق مسيرة جديدة نحو بناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل وفتح آفاق مشرقة للنهضة العظيمة للأمة الصينية.
وأضاف خلال هذه السنوات الـ50، ظل الشعب الصيني يتضامن ويتعاون مع شعوب العالم لصيانة العدل والإنصاف الدوليين، وقدم مساهمة جليلة للسلام والتنمية في العالم. يحب الشعب الصيني السلام ويدرك قيمة السلام والأمان، ويتمسك دوما بالسياسة الخارجية السلمية والمستقلة ويقف إلى جانب الحق والعدالة، ويرفض رفضا قاطعا الهيمنة وسياسة القوة، ويدعم الشعب الصيني بكل ثبات النضال العادل للدول النامية الغفيرة في سبيل صيانة سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية. ويعمل الشعب الصيني على تدعيم التنمية المشتركة، من أمثلة ذلك “السكك الحديدية بين تنزانيا وزمبيا” ومبادرة “الحزام والطريق”، ويقدم الشعب الصيني ما في وسعه من المساعدات إلى الدول النامية ويقوم بتوفير فرص جديدة للعالم عبر التنمية الصينية. في الوقت الصعب الذي اجتاحت فيه جائحة فيروس كورونا المستجد العالم، كانت الصين تعمل على تقاسم خبراتها لمكافحة الجائحة مع العالم، وقدمت كميات كبيرة من المواد الوقائية واللقاحات والأدوية إلى دول العالم، وأجرت التعاون العلمي على نحو معمق في تتبع منشأ الفيروس، وظلت تبذل جهودا حثيثة وصادقة من أجل هزيمة الجائحة للبشرية بشكل نهائي.
مبيناً أـنه خلال هذه السنوات الـ50، ظل الشعب الصيني يحافظ على مصداقية الأمم المتحدة ومكانتها، وينفذ تعددية الأطراف، حيث يتعمق التعاون بين الصين والأمم المتحدة يوما بعد يوم. وتضطلع الصين بأمانة بالمسؤولية والرسالة اللتين تحملهما كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتعمل على صيانة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والدور الجوهري للأمم المتحدة في الشؤون الدولية. وتدعو الصين بنشاط إلى حل النزاعات سياسيا عبر الطرق السلمية، وقد بعثت أكثر من 50 ألف فرد للمشاركة في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، وأصبحت ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة وثاني أكبر مساهم في ميزانية حفظ السلام. وحققت الصين قبل غيرها الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة، وبادرت في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، وتجاوزت المساهمة الصينية 70% في الجهود العالمية لمكافحة الفقر. وظلت الصين تلتزم بميثاق الأمم المتحدة وما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتتمسك بدمج عالمية حقوق الإنسان مع الظروف الواقعية الصينية، وشقت طريقا تنمويا لحقوق الإنسان يتماشى مع تيار العصر ويتميز بالخصائص الصينية، مما قدم مساهمات هامة لتقدم حقوق الإنسان الصينية والقضية الدولية لحقوق الإنسان.
وختم الرئيس الصيني بالقول إنه علينا الحفاظ بكل حزم على مصداقية الأمم المتحدة ومكانتها، والعمل سويا على تطبيق تعددية الأطراف الحقيقية. فإقامة مجتمع المستقبل المشترك تتطلب أمم متحدة قوية، وتتطلب إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية. كما يجب على دول العالم صيانة المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. لا يمكن وضع القواعد الدولية إلا بالتشاور بين الدول الأعضاء الـ193 في الأمم المتحدة، بدلا من قلة قليلة من الدول أو مجموعات الدول، ويجب على كافة الدول الأعضاء الـ193 في الأمم المتحدة الامتثال للقواعد الدولية بدون استثناء ولا يجوز أن يكون هناك استثناء في هذا الخصوص. وينبغي أن تعامل دول العالم الأمم المتحدة كعائلة كبيرة وتقوم باحترامها ورعايتها وحمايتها، ولا يجوز بتاتا استغلالها عندما تكون مفيدة وتركها عندما تكون غير معجبة، وذلك من أجل تفعيل دور اللأمم المتحدة الأكثر فعالية في القضية السامية لتعزيز السلام والتنمية للبشرية. إن الصين على استعداد للتمسك بمفهوم التشاور والتعاون والمنفعة للجميع مع دول العالم واستكشاف أفكار للتعاون وابتكار أنماط جديدة له وتنويع تجارب تعددية الأطراف في ظل الظروف الجديدة.