لا خوف من الاحتباس الحراري .. “الزراعة الحافظة” البديل الآمن في المناطق الجافة والأوفر للفلاح
حماة – ذكاء أسعد
تعمل وزارة الزراعة على تطبيق تقنية التنمية الزراعية المستدامة بالاعتماد على “الزراعة الحافظة” التي تقوم على تقنين استخدام مستلزمات الإنتاج، مع السعي للحصول على المردود المطلوب والإبقاء على مستويات إنتاجية مستدامة والمحافظة على البيئة إضافة إلى تنشيط العمليات الحيوية الطبيعية فوق الأرض وتحتها وتخفيض الحراثة للحد الأدنى وذلك بعد ثبوت دور الحراثة في تدهور التربة بالنسبة للمناطق الجافة وشبه الجافة الأمر الذي أدى إلى اهتمام المعنيين بضرورة تحقيق حاجات السكان الغذائية دون الإخلال بأمن واحتياجات الأجيال القادمة.
آلية الزراعة
وبخصوص آلية عمل هذه الزراعة يشير المهندس أسامة سويدان مدير إرشادية عقارب إلى أن زراعة المحاصيل بتقنية “الزراعة الحافظة” تتشابه مع الزراعة التقليدية إلا أنه يتم تعديل طريقة الفلاحة، ففي الطريقة التقليدية يكون عمق الحراثة بحدود 20 إلى 30سم ، أما في الزراعة الحافظة فتستخدم شفرة بسماكة 2 إلى 3 مم وتحرث الأرض بعمق 5 سم وهذا يؤدي إلى تقليل تحريك التربة ، موضحاً أنه تم إدخال هذه التقنية إلى سورية منذ سنوات ، وتتم عن طريق تصميم وإعداد بذارات خاصة للزراعة على الجلد والتي تضمن توزيع البذار في التربة دون تحريكها، لكن الأمر –بحسب قوله- يتطلب زيادة كمية البذار لتشمل كافة المناطق الجافة وشبه الجافة مشيرا إلى أهم مقومات هذه الزراعة ، هي التخلي عن تحضير التربة (الحراثات السابقة للزراعة العميقة أو السطحية ) ، وترك ما أمكن من بقايا المحاصيل على سطح التربة ، وعدم تحريك التربة أو الحد الأدنى وذلك اثناء الزراعة ، وزراعة الحقول مبكرا قبل تساقط الأمطار إضافة إلى استعمال معدل البذار المناسب بحوالي 100كغ لكل هكتار، أما بالنسبة للأشجار فيجب استعمال المبيدات العشبية واستخدام الري بالتنقيط والامتناع عن الحراثة وزراعة محاصيل السماد الأخضر في حالة توفر الري وبدون حراثة إضافة إلى إدخال تقنية حصاد المياه مع الزراعة الحافظة خاصة في المنحدرات .
خفض التكاليف
ويؤكد المهندس سويدان أن هذه الطريقة تعمل على تخفيض تكاليف الزراعة من خلال الاستغناء عن عمليات الفلاحة إضافة إلى توفيرها لتكاليف ومستلزمات الإنتاج، حتى وإن أتت نتائج إنتاجها متساوية مع إنتاجية الطرق الزراعية التقليدية في الأعوام الأولى، لكنها توفر تكاليف الفلاحة والآليات والأسمدة وتوفر استهلاك المحروقات والعمالة .
أهمية بيئية
فيما يرى الدكتور صطام الخليل معاون مدير زراعة حماة أن هذه التقنية تقلل من آثار التغيير المناخي بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق خفض كميات غاز ثاني أوكسيد الكربون المتحرر إلى الجو الناتج عن أكسدة المواد العضوية، كما تعمل على تحسن معدل غيض أو رشح المياه في التربة وتحسن إنتاجية المياه حيث تحتفظ التربة بالماء نتيجة تحسن بنائها وزيادة قابليتها على مسك المياه بزيادة محتواها من المادة العضوية وانخفاض درجة حرارتها وذلك بترك مخلفات النبات على السطح ما يؤدي إلى خفض التبخر منها فتؤدي إلى خفض آثار موجات الجفاف ، إضافة إلى صيانة التربة من التعرية الناجمة عن حركة الرياح والحد من تعرض التربة للرص وتكون الطبقة الصماء نتيجة انخفاض مرور الآلات الزراعية خلال الموسم مقارنة بنظم الزراعة التي تعتمد على الحرث .
نشاطات
بالعودة للمهندس أسامة سويدان يشير إلى تنفيذ “الرزاعة الحافظة” في عدة حقول ومساحات واسعة بريف حماه الشرقي ( سلمية ،صبورة ، عقارب ،السعن ، بري الشرقي ،تلتوت وتلدرة ) وذلك بدعم من جهات مختلفة وبالتعاون مع مديرية زراعة حماه بالإضافة إلى مناطق أخرى في حماه كصوران ومعرشحور وطيبة الإمام كذلك يوجد حقول بحثية في مركز البحوث الزراعية في (الكريم).
بالإضافة إلى تنفيذ حقول إرشادية بزراعتها بتقنية “الزراعة الحافظة” بإستخدام بذارات مصنعة محليا (حلب ،الباب) وفي (سلمية) بتمويل من ايكاردا ، كما تم منح المزارعين البذار لتشجيعهم على الزراعة بطريقة الحافظة ، مشيراً إلى تنفيذ عدة دورات تدريبية للفنيين العاملين في قرى وإرشاديات مختلفة ليكونوا قادرين على متابعة وإدارة زراعة الحقول ضمن مناطقهم ، وتصنيع وإدخال عدد من البذارات ووضعها بشكل دائم في عدد من القرى بتمويل من منظمة WFB ومؤسسة الآغا خان والـUNDB.
هامش
أثبت الأبحاث العلمية المحلية إمكانية تطبيق وفعالية واستدامة الزراعة الحافظة في المنطقة وبحسب الدكتور الخليل إن تعزيز استدامة هذه الزراعة يتم عن طريق تحديد كفاءة استخدام المياه للمحاصيل المزروعة على الجلد ، وتطوير إدارة الأعشاب تحت نظام هذه الزراعة ، وتطوير البذارات ونظام تلقيم البذور وإدارة بقايا المحاصيل في الظروف الرطبة.