اقتصادصحيفة البعث

سنوات مرت.. و”أهل الكار” يسألون عن مصير تعديلات المرسوم رقم 43؟!

البعث- قسيم دحدل

إحداث تغييرات جوهرية في توظيف أموال شركات التأمين بالعملية الاستثمارية بشكل ومضمون يدعمان الاقتصاد الوطني، وإحداث برامج تأمينية تعوّض الآثار السلبية للأزمة التي لحقت بمقدرات الوطن والمواطن، وتنشيط الجهات التأمينية المختلفة، وتنويع جبهات عملها وفعاليتها، هذه هي ثلاثية: الأهداف والغايات والأهمية لتعديل المرسوم التشريعي رقم 43 لعام 2005 الخاص بقطاع التأمين الذي استغرق سنوات عديدة حتى وضع على طاولة التعديل، لكن المفاجأة الكبرى أن ذلك التعديل الغاية في الأهمية والضرورة أضحى في الأدراج، ورغم مرور عدد من السنوات، فلا جديد أو حديث حوله، و”كأن الأرض انشقت وابتلعته”؟!.

اليوم نعود لننكأ هذا التعديل الذي كغيره كان مصيره العتمة لأسباب لا يعلمها حتى من طُلب منهم إعداده، وإبراز الأسباب الموجبة ألتي أقنعت أصحاب “الأمر والنهي” باتخاذ قرار التعديل والمباشرة بذلك.

رغم اعترافهم!

يبيّن طالبو وواضعو التعديل أن مرد تلك الموجبات كان نتيجة للمتغيرات والتطورات التي شهدها الاقتصاد السوري، سواء على مستوى الإصلاح التشريعي أو التنظيمي، وكذلك على المستوى الرقابي، ولحاجة قطاع التأمين لمواكبة هذا التطور، وخاصة بعد انتهاء الأزمة الحالية، لما لهذا القطاع من تأثيرات وضرورات جمة في مرحلة إعادة الإعمار، ما يتطلب التعديل، وبما يتناسب مع متطلبات سوق التأمين، والوضع الاقتصادي الحالي.

أكثر من استغراب!

المفارقة أنه على الرغم من وعي الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها بأهمية تلك المتغيرات، وإدراكها لضرورة إعادة النظر بالمرسوم المذكور، وبوجوب إصدار قانون للتأمين يراعي تلك المتغيرات والضرورات، إلا أن هناك ما يثير الاستغراب والتساؤل لناحية عدم إصدار المنتظر من تعديلات لغاية الآن؟!.

ولبيان أهمية وضرورة التعديل، سننعش ذاكرة من ادعوا الحرص على إقرار المطلوب، ولم يقوموا بإقراره رغم إنجازه، وسنتناول أبرز التعديلات التي تضمنها مشروع هذا القانون، وهي ذاتها تشكّل الموجبات والتعديلات، لنترك لكم تقدير الوضع، ومعرفة مقدار ما نخسره نتيجة عدم إصدار القانون الجديد.

ندفع ثمنها!

ثماني نقاط أو بالأصح تعديلات “دسمة” لا ندري لم احتاجت كل هذا التأخير كي توضع الآن بانتظار إقرارها وإعلانها في قالبها التشريعي، ومع ذلك لا يسعنا إلا أن نردد المقولة التالية: “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً”، رغم تحفّظنا على هذا المبدأ الذي دون أدنى شك كان له ثمن مالي واستثماري تراكمي “غير هين” أبداً، وكذلك منعكسات تأمينية وتوظيفية وتشغيلية أكثر أهمية من خلال مقدار خسارة ما يسمى بحسابات “فوات المنفعة” لتلك الأموال التي تملكها شركات التأمين البالغة قبل عدة سنوات 37 ملياراً، والتي من المرجح أنها زادت أكثر بكثير حالياً.

إحداث صناديق

أبرز تلك التعديلات التي حصلنا عليها تناولت إحداث صناديق استثمارية تُعنى باستثمار فوائض أموال شركات التأمين، معطوفاً عليها تعديل آخر وهو إحداث صناديق تأمينية تُعنى بأنواع التأمينات ذات الطبيعة الخاصة (التأمينات الزراعية بشقيها الزراعي والحيواني).

تأمين ائتماني وتكافلي

إضافة للمذكور، هناك تعديلات جديدة أيضاً لا تقل أهمية، منها: إيجاد ضمانات جديدة للقروض الممنوحة من قبل المصارف، أي ما يسمى (التأمين على الائتمان)، وأيضاً ابتكار منتجات تأمينية (التأمينات الصغيرة) تعوّض الأثر السلبي للأزمة، وتلبي شريحة ذوي الدخل المحدود، إلى جانب تعديل يصب في مصلحة تسريع إجراءات التقاص لتحقيق قواعد العدالة والإنصاف بعمليات (التحكيم القضائي)، وفوق ذلك وضع أسس لعمليات (التأمين التكافلي)، وهذا الأخير أصبح مطلباً تأمينياً إنسانياً أكثر مما هو مادي، نظراً للظروف الصحية والاقتصادية القاسية التي يتعرّض لها السوريون.

هيكلة الشركات

كذلك تناول مشروع القانون موضوع إعادة هيكلة الشركة، وهو مفهوم جديد لم يسبق أن عالجته أي من التشريعات الأخرى، ويشمل إعادة هيكلة إدارة الشركة، وتنظيم أمورها المالية المتعثرة.

سبعة تعديلات سابقة أدرجت بعد أول تعديل وهو: المرونة في تحديد الحد الأدنى لرأسمال شركة التأمين وإعادة التأمين.

أما بعد

ختاماً نسأل: ما المعايير التي تحكم “المرونة” حين تقتضي تشريعاتنا وقوانيننا التعديل في الوقت الواجب إجراء التعديل ولا نعدّل، ونحن نعلم ما يمكن أن نخسره، وما يمكن أن نربحه من أثمان وفوائد وعوائد نتيجة لتطبيق المرونة، أو عدم التطبيق في التوقيت المناسب، وكما في ظروف الأزمات، كذلك في زمن الانفراجات الاقتصادية على حد سواء؟!.

رحم من قال: “لا تكن قاسياً فتكسر ولا ليناً فتعصر”، ولمن لا يعلم وقد يختلط عليه الأمر أو يلتبس نؤكد أن المرونة وسط، وهي أبداً غير الليونة، أفلا يستحق الوطن والسوري مرونة تتناسب مع ضرورات النهوض باقتصادنا، خاصة بعد الانعكاسات المؤلمة على الكل؟!.

Qassim1965@gmail.com