رأيصحيفة البعث

عين عيسى وأحلام أردوغان

سنان حسن

على نحو متسارع يسعى رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وأفراد عصابته الإخوانية إلى تفجير الأوضاع الميدانية على الحدود في الشمال السوري، واضعاً بنكاً من الأهداف التي يريد غزوها!، وفي مقدمة هذه المدن تبرز مدينة عين عيسى الإستراتيجية كهدف أول ورئيس لغزوته الجديدة، فالمدينة التي حاول في 2019 احتلالها والسيطرة عليها، مازال يحلم بأن تخضع لمرتزقته ومليشياته الإرهابية والتمدد أكثر في العمق السوري، فلماذا كل هذا الإصرار على عين عيسى؟ وهل صحيح أن من يحكم السيطرة عليها ستكون له اليد الطولى في قادمات الأيام ولاسيما فيما يتعلق بأقصى الشمال السوري ومعه الجزيرة؟، ولكن ماذا عن الجيش العربي السوري وحلفائه.. كيف سيكون الرد؟.

في آذار من 2019 وبضوء أخضر من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب احتل النظام التركي ومرتزقته العديد من البلدات والمدن على الشريط الحدودي “تل أبيض- رأس العين” حتى وصل إلى تل تمر وأطراف عين عيسى قبل أن يتوقف بعد تصدي الجيش العربي السوري للتوغل التركي على أطرافها، وإبرام تفاهمات بضمانة روسية، ومن حينها والقوات التركية الغازية والمليشيا التابعة لها تعمل على تسخين الأجواء في تلك المنطقة من خلال قصف النقاط التابعة لمليشيا قسد بهدف استفزازها وجرها إلى معركة من جديد وتحقيق تمدد أكثر، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل حتى الآن.

تكتسب عين عيسى التي تبعد 30 كم عن الحدود التركية و55 كم عن مركز محافظة الرقة، أهميتها من وقوعها على الطريق الواصل بين محافظة حلب شمالاً ومحافظة الحسكة في الشمال الشرقي وصولا إلى الحدود العراقية الغربية، وهي أيضاً منفذ باتجاه الحدود السورية الشمالية وصولا إلى الجنوب التركي، وفي محيطها يمر طريق “M4” الذي يعد عصب الحياة بين الداخل والساحل وقد اكتسب أهميته بعد دخوله في تفاهمات صيغة أستانة وتعهد حينها النظام التركي بتأمينه من اللاذقية مروراً بإدلب التي تسيطر عليها مجموعاته الإرهابية “النصرة وأخواتها”، فيما تكفل الجيش العربي السوري بتأمينه في المنطقة الواصلة من حلب مروراً بعين عيسى إلى الحسكة، وعليه فإن عين عيسى في العقل العثماني تمثل بوابة الوصول إلى الرقة وتالياً إلى دير الزور، ومن جهة ثانية هو قطع التواصل بين المناطق التي تسيطر عليها مليشيا قسد بين شرق الفرات وغربه، وهو نفس الهدف الذي يجعل من مليشيا قسد تتمسك بالتواجد في البلدة الإستراتيجية وترفض حتى الآن تطبيق كل التفاهمات التي تم إبرامها مع الجيش العربي السوري برعاية روسية، ولكن السؤال هل بالفعل أردوغان قادر على شن عدوان في الشمال السوري؟.

بعد لقائه الذي فعل المستحيل للوصول إليه من تسخين أجواء داخل تركيا وفي محيطها، نقلت مصادر دبلوماسية متابعة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض منح ضوء أخضر للتدخل في الشمال السوري وفق ما ذكر جيمس جيفري المبعوث السابق للتحالف الدولي، وعليه فإن التهديد الأردوغاني بالغزو في المنطقة وتحديد ساعة الصفر لبدء العدوان ما هو إلا اختبار إرادات ينوي من خلالها الحالم العثماني معرفة ردود أفعال كافة اللاعبين الفاعلين على الأرض، وما إذا كان بإمكانه المضي بمغامرته المجنونة. ولكن الرسائل على تحركاته وصلت باكراً من خلال المناورات التي يجريها الجيش العربي السوري منذ أيام في تلك المنطقة مع الحليف الروسي ما يعني أن الامور محسومة بالنسبة لدمشق، فهي مستعدة للذهاب بعيداً في مسألة الدفاع عن مدنها وبلداتها وحدودها، فهل يعي أردوغان هذه الحقيقة؟ أم أنه سيتورط من جديد وسيلاقي نفس مصير مغامرته السابقة.