فوز حاكم فرجينيا الجمهوري يهدد الثقة بـ”بايدن” والديمقراطيين
حدثان متزامنان يشيران إلى ضعف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأول فوز شرطي سابق من البشرة السمراء له تاريخ في “ارتكاب الجنح” برئاسة بلدية نيويورك، والثاني فوز المرشّح “الجمهوري” غلين يونغكين حاكماً لولاية فرجينيا، والذي حاول بايدن جاهداً التأثير على الانتخابات من مكان مشاركته في مؤتمر “كوب 26” للمناخ في غلاسكو!
وفي التفاصيل، فاز الشرطي السابق من ذوي البشرة السمراء المناهض للعنصرية إريك آدامز برئاسة بلدية نيويورك. ويعتبر فوز أميركي فقير وله تاريخ في “ارتكاب الجنح” في شبابه، قبل أن يصبح سياسياً في الحزب الديمقراطي، “أمراً خارجاً عن المألوف”.
وكما توقعت استطلاعات الرأي، هزم “الديمقراطي” آدامز (61 عاماً) منافسه “الجمهوري” كورتيس سليوا (67 عاماً)، وسيكون بذلك ثاني رئيس بلدية من ذوي البشرة السمراء، بعد ديفيد دينكينز، في تاريخ العاصمة الاقتصادية والثقافية للولايات المتحدة.
وبحسب مكتب الانتخابات، فإنَّ حوالي 170 ألف شخص صوتوا بشكل مبكر من 23 إلى 31 تشرين الأول، وتعد نسبة المشاركة التي يصعب توقعها ضعيفة عموماً في انتخابات محلية.
ويعتبر هذا المنصب الأكثر حساسية في الولايات المتحدة بعد منصب رئيس الولايات المتحدة. ويغادر “الديمقراطي” بيل دي بلازيو منصبه في 31 كانون الأول، وشعبيته في أدنى مستوياتها.
ويدير رئيس بلدية نيويورك أكبر موازنة بلدية في الولايات المتحدة، والتي بلغت 98,7 مليار دولار للسنة المالية 2021-2022، وهي مخصصة جزئياً للخروج من الأزمة الصحية.
وسيسيطر آدامز على أكبر قوة شرطة في البلاد، وهي شرطة نيويورك التي تضمّ 36 ألف عنصر، وسيتعين عليه متابعة إصلاحاتها.
وفي مدينة دفعت ثمناً باهظاً في معركة محاربة الوباء، سيتعين على آدامز أيضاً إدارة إعادة فتح المدارس والمكاتب والمتاجر، لتعود إلى عملها المعتاد، وكذلك محاربة التفاوت الاجتماعي الصارخ، وحل أزمة الإسكان السيئ والبنية التحتية المتداعية، والتصدي لمخاطر المناخ، إلى جانب “إغلاق رايكرز آيلاند”؛ السجن المكتظ الذي يشهد أعمال عنف وسط ظروف صحية سيئة.
وفي آخر أيام الحملة التي تمحورت حول انعدام الأمن، خاض آدامز مواجهة تلفزيونية مع منافسه الجمهوري سليوا، الذي كان قد أنشأ في العام 1979 نوعاً من الميليشيا باسم “الملائكة الحراس”، كانت تُسيّر دوريات طوعاً للتصدي للاعتداءات في الشوارع، إلى جانب الشرطة.
وانتقد سيلوا منافسه آدامز لعدم لقائه نقابات الشرطة، ولأنه ناقش بدلاً من ذلك مكافحة الجريمة مع قادة عصابات نيويورك السابقين، وتعهد آدامز بأنه سيكون حازماً في مواجهة الجرائم والجنح التي وصلت مؤشراتها إلى الحد الأقصى في 2020 قبل أن تهدأ هذا العام.
من جهة أخرى، واجهت شرطة نيويورك على امتداد تاريخها في معظم الأحيان اتهامات بغض الطرف عن عناصر يمارسون العنف وعنصريين وفاسدين، ووصل الأمر إلى رفع دعاوى قضائية حول قمع تظاهرات مناهضة للعنصرية نظمتها حركة “حياة السود مهمة” في العام 2020، بعد مقتل جورج فلويد على يد عنصر شرطة أبيض في مينيابوليس.
في سياق متصل، رفض سكان مينيابوليس فكرة إصلاح جهاز الشرطة الذي يواجه عاصفة كبرى بعد أكثر من عام على مقتل جورج فلويد على يد شرطي أبيض، ما أدى إلى تظاهرات حاشدة في العالم أجمع.
وبعد مقتل فلويد، أُطلقت دعوات إلى “تفكيك الشرطة” في مينيابوليس وعدة مدن أخرى في الولايات المتحدة، وبعد عام ونصف العام، طُلب من ناخبي هذه المدينة إبداء رأيهم في “استبدال أجهزة الشرطة بأجهزة أمن عام”، مع التشديد على منع الجريمة. وصوت أكثر من 56% من سكان هذه المدينة الكبرى الواقعة في ولاية مينيسوتا ضد المشروع.
وفي حال الموافقة على الإجراء، كان رئيس البلدية والمجلس البلدي سيُحدد مهام الشرطة، وكان سيتم إعطاء المزيد من الإمكانيات من أجل توظيف عاملين في المجالين النفسي والاجتماعي.
في الأثناء، فاز المرشّح “الجمهوري” غلين يونغكين في الانتخابات التي أُجريت لاختيار حاكم لولاية فرجينيا الأميركية في اقتراع يُنظر إليه على أنّه اختبار لـ”الديمقراطيّين” وللرئيس جو بايدن.
وأظهر فرز أكثر من 95% من الأصوات، تقدُّم يونغكين بـ2.7 نقطة على الديمقراطي تيري مكوليف. وإثر هذه النتائج، أعلنت قناتا “إن بي سي” و”إيه بي سي” فوز المرشّح الجمهوري.
ودُعي ناخبو هذه الولاية المجاورة للعاصمة واشنطن إلى انتخاب حاكم جديد، في استحقاق يشكّل اختباراً تمهيدياً لانتخابات منتصف الولاية.
وتواجَه في هذا الاستحقاق يونغكين (54 عاماً) المؤيد للرئيس السابق دونالد ترامب، وتيري مكوليف (64 عاماً) الذي حظي بدعم الرئيس “الديمقراطي” بايدن.
وكانت عمليّات فرز ثلاثة أرباع الأصوات، أظهرت في وقتٍ سابق تقدُّم يونغكين، رجل الأعمال الذي لا يمتلك خبرة سياسية، بفارق ثماني نقاط على مكوليف الذي تلقّى دعماً من “صقور” حزبه خلال الحملة.
وقبل إغلاق مراكز الاقتراع، قال بايدن من غلاسكو، حيث يشارك في مؤتمر “كوب 26” للمناخ: “سنفوز في هذه الانتخابات حتى لو كانت النتائج متقاربة”، داعياً “الديمقراطيين” إلى التصويت.
وكانت المشاركة كبيرة مع ما يقارب 1.2 مليون ناخب صوتوا بشكل مسبق، أي 6 أضعاف ما كانت عليه في العام 2017 عندما تم انتخاب الديمقراطي رالف نورثهام، وفقاً لمنظمة “فرجينيا بابليك أكسِس بروجكت” غير الحكومية.
وقال يونغكين لمؤيديه عند إعلان أولى النتائج: “إنّ الأمر لم يعد منذ وقتٍ طويل حملة انتخابيّة، بل بدأ يتحوّل إلى حركة تقودونها جميعكم”.
وقبل أيّام قليلة من الانتخابات، ظهر الرئيس الأميركي في أرلينغتون إلى جانب مكوليف، وقال بايدن أمام الحشد المتجمع في أرلينغتون، وهي مدينة في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن: “كانت لديكم الشجاعة والحكمة لرفض التطرّف الذي يُهيمن الآن على الحزب الجمهوري في كلّ أنحاء أميركا”.
وتابع: “إنّ الحزب الجمهوري اليوم لا يدافع عن أي شيء سوى الاستمرار في خفض ضرائب الشركات الأغنى والأقوى”.
وقبل بايدن، قام باراك أوباما والسيدة الأميركية الأولى جيل بايدن ونائب الرئيس كامالا هاريس بحملات من أجل مكوليف الذي كانت نتائج استطلاعات الرأي بشأنه متقاربة مع يونغكين.
وبدأت الثقة بالرئيس تتراجع بشكل مطرد منذ الانسحاب الفوضوي من أفغانستان هذا الصيف، كما أنه لم يفِ بوعوده بالقضاء السريع على وباء “كوفيد-19″، ما دفع البيت الأبيض إلى اتّخاذ تدابير ملزمة ما زالت تُوسّع الانقسامات في البلاد بشأن التطعيم أو التدابير الصحية الأخرى.