استيراد الخردة
توقفنا مطولاً أمام قرار السماح باستيراد الجرارات الزراعية المستعملة وتساءلنا عن جدواه الاقتصادية.!
ولم نعرف الخلفية التي دفعت اللجنة الاقتصادية لرفع توصية لرئاسة مجلس الوزراء والمتضمنة السماح باستيراد الجرارات الزراعية المستعملة.!
وقد لفتنا الشرط الذي وضعته اللجنة وهو أن لا تزيد سنة صنع الجرارات على خمس سنوات من تاريخ استيرادها.!
لن نسأل عن الجهات التي ستكلف بالتحقق من سنة الصنع لكننا سنسأل: لماذا استيراد الجرارات المستعملة وليست الجديدة.؟
نعم .. الاحتمال وارد جداً أن تدخل إلى سورية جرارات قديمة ستتحول سريعاً إلى خردة، وكلنا يعرف جيداً إن المتمرسين بالاستيراد “فنانون وحريفون” باستيراد آليات قديمة من خلال التلاعب ببياناتها من بلاد المصدر، وإظهارها في بياناتهم عند دخولها وكأنها أتت توا من المصنع.!!
لا يهم أن تضع الوزارات المعنية كالنقل والصناعة والزراعة الشروط الفنية والضوابط المحددة لاستيراد الجرارات المستعملة، ولا يهم أن تُكلف وزارة المالية من خلال مديرية الجمارك بعدم إدخال أي جرار لا تنطبق عليه الشروط، فالأكثر أهمية أنه ليس هناك من آليات تضمن عدم دخول جرارات خردة إلى سورية.!
حصل هذا في الماضي مع الكثير من المستوردات وسيحصل لاحقاً طالما عمليات التلاعب بالبيانات الجمركية قائمة ومستمرة لأن وزارة المالية غير جادة حتى الآن بأتمتة عمل الجمارك.!
وعندما يعلن اتحاد الفلاحين أن الآليات الزراعية المستخدمة في العمل الزراعي تعرضت لأضرار كبيرة وخرجت من الخدمة فهل يستعاض عنها بجرارات جديدة أم قديمة.؟
الذريعة بأن استيراد الجرارات القديمة أرخص لا ينفي المخاطر المؤكدة باستيراد جرارات لن تعمل سوى لمدة قصيرة قبل أن تتحول إلى خردة.!
وبما أن النقص في الجرارات كبير جداً فإننا نسأل: أيهما أجدى استيراد الجرارات القديمة أو إحياء مصنع الجرارات في حلب.؟
والسؤال الأكثر أهمية: لمصلحة من التذرع بمستلزمات الخطة الزراعية وتلافياً لحصول تأخر في تنفيذها لاستيراد جرارات قديمة وبسرعة.؟
يعرف اتحاد الفلاحين جيداً النقص الكبير بالجرارات وسواها من الآليات الزراعية، ويعرف أيضاً أن هذا النقص يدفع بأصحاب الجرارات إلى فرض أجور عالية على الفلاحين، لكنه يعرف أيضاً إن الحكومة ليست لديها الإمكانيات لاستيراد الحاجة الفعلية للزراعة من الجرارات .. فما الحل؟.
الحل المتاح منذ سنوات ولم يُنفذ حتى الآن هو إقامة شراكة مع دولة حليفة أو صديقة لإحياء معمل الجرارات، أو إقامة مصنع جديد كلياً ينتج حاجة سورية ليس من الجرارات وإنما من الحصادات أيضاً، وغيرها من الآليات الزراعية مع فائض للتصدير ..
ترى لماذا لم تتبن أي حكومة خلال السنوات الماضية هذا الخيار الإستراتيجي مادامت تؤكد دوما أن الأولوية القصوى هي للقطاع الزراعي ولتصنيع مستلزماته وخاصة المستورد منها كالجرارات؟
علي عبود