في حلب تراجع واضح في نسب تنفيذ المشاريع وتأمين الخدمات وتبريرات المعنيين دائماً حاضرة..!.
حلب – معن الغادري
نسمع يومياً من المعنيين على اختلاف مستوياتهم تصريحات وشعارات تحث على ضرورة الاعتماد على القدرات الذاتية وتوظيف الإمكانات في خدمة الصالح العام ومحاربة الفساد وغيرها من العناوين والعبارات الرنانة التي توصّف المشكلة دون طرح الحلول لها، وغالباً لا تخلو محاضرة أو ندوة أو لقاء جماهيري من بث روح التفاؤل في النفوس وإطلاق الوعود التي باتت متلازمة للخطط والبرامج والمشاريع الخدمية والإنشائية المتعثرة، وما أكثرها في حلب مدينة وريفاً على الرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على إطلاقها!
والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا التراجع بنسب الإنجاز والزيادة بهدر الوقت والمال على السواء: هل الإدارات والمؤسسات في ضوء ما تعانيه من خلل وقصور وضعف في الإمكانيات البشرية والتقنية وفي ظل ما يعتري بعضها من حالات ترهل وفساد قادرة فعلاً على تطبيق هذه الشعارات على الأرض واقعاً ملموساً ومعاشاً؟!.
ترهل واضح!
في الجانب الخدمي من المشهد العام لمدينة حلب، ما زال يعاني هذا القطاع من ترهل واضح، وهو ما تؤكده الشكاوى المتكررة التي تصل يومياً إلى مكتب جريدة البعث حول تدني مستوى النظافة في معظم الأحياء، وخاصة المكتظة، واعتماد سياسة الترقيع في تنفيذ مشاريع تعبيد الشوارع وصيانة المرافق والأرصفة والتي سرعان ما تعود إلى وضعها السابق، يضاف إلى ذلك تعثر تنفيذ المخطط التنظيمي الجديد وحل مشكلة السكن العشوائي، وإيجاد الحلول لملف الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط، عدا عن تراجع منسوب العمل في مشروع تحسين وسط المدينة، وغيره من المشاريع التي مضى على إطلاقها سنوات!
تبريرات معتادة!
تبريرات المعنيين في المجلس المدينة دائماً حاضرة، وفي كل مرة يعزو البعض من المديرين الخدميين أسباب التقصير وتراجع مؤشرات الإنجاز إلى ضعف الإمكانات وعدم توفر اليد العاملة وقلة الموارد المالية وتأخر صرف الكشوفات المالية، وتبدل سعر الصرف وارتفاع أسعار المواد بصورة يومية والتي شكلت السبب الرئيس في عزوف المتعهدين عن العمل والمشاركة في المناقصات والمزايدات المعلنة من مختلف الجهات الحكومية، نتيجة تعرضهم إلى خسارات كبيرة حسب قولهم.
نحتاج لدعم مالي كبير
نائب رئيس مجلس المدينة المهندس أحمد رحماني أكد أن طبيعة العمل الخدمي تتطلب إمكانات مالية كبيرة وتقنيات وآليات ويد عاملة كافية لتغطية حاجة أحياء المدينة، مشيراً إلى وجود صعوبات كثيرة تواجههم تؤخر إنجاز المشاريع والخدمات الأخرى، مؤكداً أنه يتم التعاطي بشكل جدي ومباشر مع أي شكوى ترد من المواطنين .
وبيّن رحماني أن ومجمل المشاريع الجاري تنفيذها تسير وفق ما هو مخطط لها وبشكل متوازن بالرغم من المعوقات التي تواجهها، خاصة ما يتعلق منها بموضوع صرف الكشوفات المالية والمرتبط بتعقيدات إجراءات التعاقد القانونية والمالية والتي تشكل أحد الأسباب في تأخر الصرف وعزوف الكثير من المتعهدين على التعاقد مع الجهات الحكومية .
وبما يخص المخطط التنظيمي أكد نائب رئيس مجلس المدينة أن العمل مستمر في تنفيذ المشروع وتم خطوات مهمة على صعيد البنية التحتية وفتح الشوارع واختيار أماكن أو مساحات جديدة وإضافية تكفي حاجة حلب من السكن المنظم لأكثر من 20 سنة قادمة .
وحول واقع العمل ومراحل الإنجاز في مشروع تحسين وسط المدينة أوضح المهندس رحماني أن مراحل العمل في المشروع متقدمة، لجهة بناء الواجهات وهياكل المحال والسوق والمول وكافة مرفقات المشروع، وذلك تمهيداً لطرحه للاستثمار على نظام pot لاحقاً .
وشدد رحماني على ضرورة تبسيط الإجراءات وتسهيل إنجاز العقود لتسريع عملية إنجاز المشاريع في مواقيتها المحددة وضمن معايير الجودة، مشيراً إلى أن القطاع الخدمي في حلب يعمل في ظروف صعبة وبطاقة مضاعفة وبأقل الكلف والإمكانات .
فوضى الأسواق والأسعار!
على الطرف الآخر من المشهد العام للمدينة لم تحد دوريات حماية المستهلك وأعداد ضبوطها المتزايدة من ضبط الأسواق وخفض الأسعار والتقيد بالقوانين الناظمة، ويتصدر ملف مولدات الأمبير حالياً قائمة هموم ومتاعب المواطنين، بالنظر لكلفته العالية وعدم التزام أصحاب المولدات بالتسعيرة الجديدة الصادرة عن المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة وحماية المستهلك والتي حددت سعر الأمبير الواحد بمبلغ 125 ليرة .
ويشير عدد كبير من المواطنين في معظم أحياء ومناطق حلب أن أحدا من أصحاب المولدات لم يلتزم بالتسعيرة الجديدة، بل على العكس البعض خفض من ساعات التشغيل وزاد التسعيرة لأسباب غير مفهومة وهو ما نضعه برسم حماية المستهلك، والمطلوب منها عدم انتظار شكوى خطية لضبط أي مخالفة، بل المطلوب منها القيام بدوريات يومية على أصحاب المولدات والتأكد من الالتزام بالسعر المحدد والإعلان عنه بشكل واضح وصريح على واجهة المولدة .
تطوير آليات العمل
بعيداًعن تبريرات المعنيين حول أسباب التقصير وتأخر تنفيذ المشاريع وغيرها من الأمور والملفات العالقة نجد أن نجاح مشروع التنمية المستدامة يتطلب تغيير جذري في ذهنية التفكير وآليات العمل وعدم الركون إلى الواقع وقلة الإمكانات وتقديم الدعم والاهتمام بالمبادرات الشخصية وإعطاء الفرص لأصحاب الكفاءة والخبرة للانخراط بالعمل وترغيب وتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين في توظيف رؤوس أموالهم في مشاريع تنموية واقتصادية وانتهاج سياسات إنتاجية بعيداً عن التنظير واعتماد نواظم وضوابط حازمة وصارمة تجاه كل من يقف عائقاً في طريق الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد اللذين يشكلان أقصر الطرق لتحقيق التنمية المستدامة .
في ضوء ما تقدم لعل الأكثر إلحاحاً هو الانتقال من العمل المكتبي إلى العمل الميداني والكف عن لعبة تدوير الزوايا وتبادل الكراسي والمواقع والتخفيف ما أمكن من الندوات والمحاضرات واستبدالها بدورات تخصصية لإعادة تأهيل وتدريب الكوادر البشرية وزجها بالعمل، فما هو مطلوب حالياً وخلال المرحلة القادمة يتجاوز عشرات أضعاف ما أنجز بعد مضي خمسة أعوام على تطهير حلب من العصابات الإرهابية !..