“مصرف التوفير” على خط تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بداية العام القادم
دمشق – فاتن شنان
يبدو أن المنافسة في تحديث طريقة منح القروض لذوي الدخل المحدود سواء لجهة تخفيض عدد الكفلاء إلى كفيل واحد، أو رفع سقف القروض المطروحة مؤخراً، لم تثمر عن ارتفاع نسبة التموّل من المصارف، ففتح السقوف والتسهيلات المعتمدة في منح القروض لن تجدي نفعاً في ظل ضعف الرواتب والأجور الحالية، وذلك كون عملية المنح مقيدة بما تغطيه نسبة الـ 40% من صافي الدخل الشهري لمدة خمس سنوات، لتبقى القروض الممنوحة في خانة المليوني ليرة وما دون، وهي قيمة مادية تدخل في مسار الاستهلاك ضمن التضخم الحالي وغير قادرة على إحداث تغير جوهري في حياة المقترض سوى إضافة عبء معيشي جديد يلتهم جزءاً من راتبه لمدة خمس سنوات متتالية، أما ما يحدث من ترويج لقروض بسقف أعلى فيخص فئات محددة من أساتذة الجامعات وموظفي الهيئات العلمية والتي لا تتجاوز نسبتها 10% من مجمل عدد الموظفين، كما يبدو أن الاكتفاء بكفيل واحد لكل قرض والذي روج له على أن تسهيل جديد، يفتح إشكالية أخرى باشتراطها على أن يغطي راتب الكفيل ذات النسبة الحاصل عليها المقترض بموجب راتبه، أي يجب أن يملك مواصفات المقترض، في حين الكثير من المقترضين لجأوا إلى غير زملائهم في العمل للكفالة المصرفية، فيحدث اختلاف في الرواتب أو التعويضات المحتسبة لصالح القرض، مما يؤثر على القيمة الممنوحة، وبالتالي تتناقص قيمة القرض وفقاً لراتب الكفيل، وهي قضية إشكالية أخرى توازي قضية الكفيلين وصعوبة إيجادهما.
لم تؤثر..
يبدو أن نتائج مصرف التوفير الذي لم يعتمد التعليمات الجديدة لخطأ تقني خاص بنظام المصرف، والذي سيتم معالجته خلال الفترة المقبلة وسيكون قيد التفعيل مع بداية العام القادم، تؤكد ما أشرنا إليه في البداية إذ لم تتأثر نتائجه سلباً بتقدم التسليف الشعبي عليها باعتماده التعليمات الجديدة، إذ تشهد أورقة فروع المصرف ازدحاماً كبيراً يقابله نمو بمحفظته التسليفية منذ بداية العام ولغاية يوم أمس لنحو 47 مليار ليرة، في حين منح مصرف التسليف الشعبي ما يزيد عن 44 مليار لأكثر من 34 ألف عميل لغاية نهاية شهر تشرين الأول الماضي، علماً أنه يحتسب ما نسبته 100% من التعويضات الشهرية الثابتة حسب معاون مدير المصرف عدنان حسن والذي أكد أن فتح السقف سيوسع قاعدة الشرائح المستهدفة، بالإضافة إلى تمكين الفئات التي تحصل على رواتب وتعويضات عالية من الحصول على قروض تتجاوز المليوني ليرة، كما سيساهم فتح السقف في رفع قيمة القروض مع الزيادات المرتقبة، ولكن المشهد على أرض الواقع لم يعكس التفاؤل المنتظر، إذ تفاجأ العديد ممن رغبوا بالاقتراض من التسليف الشعبي بأن التعليمات الجديدة لم تحرز لهم سوى بضعة آلاف ليرة تضاف إلى قيمة قرضهم المنتظر، لتبقى أس الإشكالية قيمة الرواتب الحالية، وغياب التعويضات الشهرية الثابتة في بعض الوظائف التي يمكن اعتمادها من محاسبي الإدارة بشكل رسمي.
الوجهة الأولى..
لاشك أن العمل المصرفي يحتاج لأسس واضحة لبناء محفظة القروض بما يتناسب مع نسبة السيولة المتوفرة للتوظيف في المصرف من جهة، والقدرة المالية للرواتب الحالية، إذ أن فتح السقف لذوي الدخل المحدود لن يقدم الفائدة المتوخاة منه في ظل ضعف الرواتب والأجور، وبالتالي لن يحصل 90% من الشريحة المستهدفة على قرض يفوق المليوني ليرة.
وبلغة الأرقام بين حسن أن مصرف التوفير لا زال يمثل الوجهة الأولى لذوي الدخل المحدود، إذ بلغ عدد القروض الممنوحة للعاملين في الدولة 20611 قرض بقيمة تقارب 24 مليار ليرة، كما يبلغ عدد قروض المتقاعدين 2439 قرض بقيمة تقارب ملياري ليرة، ومنح المصرف قروض تنموية للعسكريين بعدد إجمالي 13405 مقترض بقيمة تقارب 17 مليار ليرة، وقروض سكنية للعاملين بالمصرف بقيمة تقارب 2.6 مليار ليرة، أما فيما يخص القروض العقارية والتي أطلقها مصرف التوفير بسقف 100 مليون ليرة فلا تزال ضمن دائرة الدراسات، إذ بينت مديرة المصرف رغد معصب أن المصرف يدرس نحو 65 طلب لتلك القروض وسيتم العمل على تمويل الطلبات التي تحقق الشروط المطلوبة وتستوفي أوراقها اللازمة، كما تم منح قرضين استثماريين لمشاريع قيد الإنجاز بقيمة 410 مليون ليرة، إلى جانب تمويل قرضي لتمويل رأس المال العامل بقيمة 900 مليون ليرة لمشاريع صغيرة ومتوسطة.
وبينت أن المصرف حالياً بصدد استكمال الإجراءات الخاصة بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع مصرف سورية المركزي وفقاً للقرارات الناظمة له، إذ تم تصميم المنتج المصرفي وأقر من مجلس إدارة المصرف، ومن المتوقع إطلاقه مع بداية العام القادم، كما لفتت إلى توقيع المصرف اتفاقية خلال الشهر الماضي مع مؤسسة ضمان مخاطر القروض، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على حركة منح القروض الاستثمارية.