مجلة البعث الأسبوعية

التسويق الالكتروني مصدر للرزق وموقف رسمي ملتبس ومسوقون يجدونه فرصة ذهبية

طرطوس- لؤي تفاحة

فرضت ثورة الاتصالات والانترنت واقعا يبدو غريبا لبعض الشيء عن مجمل ما تربينا عليه   وما  تعرفنا  عليه  من عادات وسلوكيات وأيضا ممارسات ومنها متعة التسوق والنزول للأسواق وسبر ما فيها من عالم الموضة والأزياء وكل من تحتاجه العائلة والفرد على حد سواء وبالتالي أصبح  توجد  أسواق موازية  لتلك ولكنها  في عالم افتراضي غير ملموس “وإن كانت بلا روح متعة التسوق” ابتكرتها ثورة الانترنت وأيضا لها لها زوارها وزبائهنا والذي بات يتضاعف عددها يوما بعد يوما ,وخلال موجة كورونا منذ العام الماضي وما أصاب العالم من خلل وتعطل وتعطيل في مختلف أنحاء العالم ومتاجره وأسواقه الخسائر التي تسبب بها الفايروس القاتل سواء للمصنعين أو تجار الاسواق وحركة الشلل  وإجراءات الحجر المنزلي وإغلاق الاسواق  وكل ذلك فتح الباب مشرعا أمام تسلل ثقافة جديدة  عرفت بالتسويق الالكتروني حتى غزت كبرى متاجر العالم من خلال صفحات الفايسبوك وغير من  منصات التواصل الاجتماعي يعرض فيها وعليها كل ما هب دب من صناعات من ألبسة وأحذية  وغيرها الكثير وما على المسوق سوى تجهيز صفحة لعرض كل ما يصله وتأمين زبائن تصلهم البضاعة بكل يسر وسهولة ولكن بعد قبض عمولة المسوق سلفا وهكذا.. وسورية ليست استثناء أو عصية أمام هذا الاختراق التسويقي حيث نشطت خلال الفترة الماضية صفحات التواصل الاجتماعي وأصبح لها العديد من الزبائن أسهمت لحد مقبول بتأمين مصدر دخل لا بأس بحسب نشاط كل معلن وقد سمعنا بالعديد منهم بأنه تم اختياره لزيارة بلد أسيوي مع عائلته وذلك نظرا لما حققه من نسبة مبيعات  عالية..  ولكن يبقى السؤال أين تقف الجهات الرسمية والقانونية من كل هذا وهل من غض الطرف  أمام أمر الواقع وحاجة الناس الملحة لتأمين مداخيل تضمن لها العيش الكريم في ظل هذا التغول الذي لا يرحم..!!؟؟

رأي مسوقين

تقول أم وسيم وهي ناشطة فيسبوكية من الطراز الرفيع وملمة بكل صفحات الموضى والأزياء ولها شبكة واسعة من العلاقات على مستوى القطر : منذ بداية جائحة كورونا وما أصاب العالم من خسائر وحاجة الناس لشراء ما تحتاجه ابتكرت وسيلة بعد إطلاعي على تجارب عديدة من خلال وسائل الاعلام ومنصات التواصل عن التسويق اللالكتروني وما يحققه من  أرباح تفوق الخيال بحسب كل نشاط أو تسويق, وواظبت على صفحتي الشخصيىة وبدأت بالإعلان والتسويق لكافة المحافظات سيما وأنني بلا عمل رسمي وبالأساس سيدة منزل حيث أجلس لساعات طويلة بحسب توفر الكهرباء بالعمل وتامين الزبائن حتى حققت أعلى نسبة مبيعات  للشركة مع تأمين حصتي من هذه الارباح بالإضافة لذلك كما تقول أم وسيم تم اختياري لزيارة دبي خلال  الصيف الماضي من قبل الشركة المصممة وذلك بهدف الاطلاع على حركة التسوق في إمارة دبي كونها لها سمعة عالمية في هذا المجال وحركة الاسواق التي تعج بالزبائن من مختلف الدول العربية ومنها سورية.بدورها لفتت المهندسة ريهام حمود إلى إن طموحها رغم كونها موظفة أن تدخل عالم التسويق والموضى من وقت طويل ولكن لأسباب كثيرة لم تسمح لها العائلة واليوم وبعد هذه الظروف المادية الصعبة التي تمر على المواطن السوري وصعوبة تأمين مصدر آخر لتحسين وضعنا المادي سيما وأننا أمام عائلة وأطفال عليك البحث عن أي فرصة لتأمين متطلباتها التعليمية والمعيشية وحتى الصحية فقد بدأت بالبحث عن إمكانية التسويق الالكتروني وتأمين زبائن وإن كان على نطاق ضيق بسبب وظيفتي وكذلك بسبب متابعتي لتعليم أطفالي ومع ذلك  يمكن القول بأنني أستطيع توفير بعض الحاجيات والتخفيف من الاعباء الملقاة على زوجي الموظف هو الاخر بغية توفير ما نقدر عليه لقاء تعليم الاطفال وتأمين واقع أفضل  في ظل هذا  الغلاء الذي لايرحم وتضيف حمود ربما تفكر بترك وظيفتها رغم أنها أمضت أكثر من عشرين سنة في عملها إذا ما تعارض ذلك مع  عملها الجديد وغير المكلف لها  فهي ملمة جيدا بالانترنت كونه من ضمن اختصاصها الدراسي  وقد قامت بتصميم أكثر من موقع  الكتروني لمهتمين كما أثنت عدد من طالبات جامعة طرطوس على هذه التجربة حيث أبدت ريما محفوض رغبتها ونظرا لما تملكه  من خبرة في مجال التسويق بالحصول على مثل هكذا فرصة سيما وأنها بأمس الحاجة لتأمين فرصة عمل لها وكونها لاتحتاج لدوام الامر الذي من شانه عدم  التأثير على دراستها وحرصها على التخرج هذا العام رغم كل شيء.

 

 وزبائن لهم رأيهم

بالمقابل فإن من خلال إجراء استطلاع أجرته “البعث الأسبوعية ” مع عدد من  مواطني مدينة طرطوس حول “موضة التسويق الالكتروني ” فكانت الآراء متباينة كثيراً حول ذلك فبعضهم وجدها فرصة جيدة وجديدة وجديرة بالاعتماد نظرا لمزايا عديدة تتوفر فيها والبعض الاخر لم يكن متحمسا كثيرا وأيضا لها مبرراتهم وحججهم حيال ذلك فتقول فدوى سلمان بإن موضة التسويق الالكتروني باتت أمرا واقعا ولها سوقها وزبائنها الكثيرين نظرا لسهولة الوصول إلى المعروض سواء بين المحافظات وحتى بعض الدول المجاورة من خلال وسائل وتجار وطرق مختلفة وبالتالي فإن المنتج المعروض من خلال صفحات التسويق مضمون وذلك بعد اختبار المسوق الذي يضمن البضاعة من جهة و حرصه بإرضاء الزبون وزيادة عدد زبائنه من خلال عملية التسويق وكذلك حرص الشركة المصنعة على سمعتها وزيادة انتشارها وبالتالي فإن  أي منتج غير مطابق لما هو معروض من خلال صفحة المسوق سوف تلحق ضررا بكلا الطرفين المسوق والشركة ولا مصلحة لهما بذلك وتضيف سلمان بإن متاجر عديدة في دول الخليج وكذلك مسوقين قد حققوا مبالغ خيالية تفوق عشرات الملايين من الدولارات فقط خلال جائحة الكورونا في العام الماضي وعد م قدرة الزبائن للنزول إلى الاسواق للتسوق وشراء ما  يحتاجونه من ألبسة وغير ذلك وكذلك الامر في سورية فقد ت  ازدهرت حركة التسويق الالكتروني من وإلى محافظة طرطوس ولا سيما محافظتي دمشق وحلب كونهما تشتهران بالعديد من الصناعات ولا سيما الالبسة من قطنيات وغيرها وفي ظل  أزمة غلاء لعمليات الشحن والنقل وغير ذلك وضعف القدرة الشرائية أساسا لبعض تجار المفرق في مدينة طرطوس لأسباب مختلفة وحقهم بتأمين هامش من الربح لقاء  البيع وما يتحملونه من مصاريف ورسوم عديدة وأجور فواتير الكهرباء والمياه  وأجور موظفين وغير ذلك الكثير , ولكن بالمقابل فقد أبدى عدد من المواطنين عن عدم قناعتهم حول هذا النوع من التسويق فتقول  عائدة برهوم: لست متحمسة لهذا النوع  من التسويق فله محاذير كثيرة ومنها ما قد يتعرض الزبون من غش وتدليس وسوء  بالصناعة بخلاف المعلن وقد حدثت مشاكل كثيرة مع زبائن  ناهيك مهما تكن وسيلة التسويق الالكتروني مقنعة أو مبررة فإن المشاهدة والقياس وتطبيق اللباس على الجسم أفضل بكثير سيما وإنك تشتري بضاعة عن بعد وقد تظهر الكثير من العيوب والملاحظات بعد شرائها وارتدائها هذا إن كانت مناسبة بالعموم.

 رأي أهل الاقتصاد :

تقول  هيام سلمان     ماجستير تسويق  بإن التسويق الالكتروني فرض نقسه بقوة خلال العامين الماضيين وباتت له تجارة رائجة وقوية في بلدان عربية ولا سيما دول الخليج ومنها الامارات التي تجاوزت نسبة مبيعاته في إمارة دبي خلال العام الماضي وبسبب جائحة كورونا عشرات الملايين من الدولارات وهي أرقام تفوق التصور ولكن في بلدنا فإن الوضع ما زال دون المستوى رغم كل ما ينشر من خلال منصات التواصل الاجتماعي كما إن الجهات الرسمية تعتبره شكلا من أشكال  الدعاية  والإعلان غير المراقب  وغير الخاضع لأي شكل من أشكال الضريبة  الامر الذي جعل الخوض في عالمه مكبلا وغير مشجعا رغم كل هذه المغريات التي نسمع ونراها من خلال العالم الافتراضي.

 الرأي القانوني

بدوره فقد بيّن عدد من رجال القانون محامين وقضاة بإن التسويق الالكتروني  مخالف للقانون حيث أعتبرته المادة 21 من المرسوم التشريعي رقم \17\ لعام 2012 جريمة نصب واحتيال بحسب توصيف أحد قضاة طرطوس الذي” فضل عدم الاشارة لأسمه حيث صنفه المرسوم الناظم من ضمن الجرائم الجنحية التي تستوجب عقوبة الحبس بحسب الضرر والأذى الذي قد تلحقه الجريمة المرتكبة رغم بإن  بعض المحاميين لم يعترض عليه كوسيلة عمل وفرصة لا تتطلب  كثيرامن الجهد في ظل الظروف المادية الصعبة فيقول المحامي يونس حسنو بإن التسويق الالكتروني في سورية مازال ضمن النطاق الضيق  حيث يعمل البعض وكأنه في “جنح الظلام” وذلك لأسباب كثيرة منها نظرة المشرع  السلبية وتصنيفه ضمن جرائم الاحتيال والنصب وما يتعرض المرتكب له لعقوبات وبالتالي فإن العمل يحتاج لإعادة النظر بالمرسوم الصادر لعام 2012 وتنظيمه بشكل واضح وصريح سيما وأنه  بات واقعا ليس في سورية وإنما في دول كثيرة ويضمن فرص عمل للعديد من العاطلين عن العمل ولا سيما شريحة الشباب والصبايا الذين يحلمون بفرص عمل أو ينتظرونها ربما لسنوات  ومن هنا تبدو الحاجة ملحة  لتنظيمه وجعله سوقا يخضع للضرائب والمراقبة ومخالفة المخالفين من مسوقين أو صناعيين نظرا لما قد يطرأ على البضاعة من غش أو تدليس أو غيره ستلحق ضررا وخسارة بالشاري  جراء سوء التصنيع أو عملية الشحن والتوصيل كونه قد دفع ثمنها مسبقا ولا يحق له إعادة ما دفعه بسبب ذلك.

كلمة أخيرة

مهما تكن الآراء التي يبديها  البعض سواء من هو متحمسم للعمل والانخراط في سوقه أو المعترض والذي له أيضا مبرراته المقنعة أوغيرها فإن التسويق الالكتروني في العالم بات ظاهرة تلفت انتباه شرائح واسعة من المجتمع ولم يعد حصريا لمنصات التواصل الاجتماعي وإنما وسائل الاعلام ولا سيما المرئية باتت شريكة معه وله من الحضور والمتابعة والمشاهدة آلاف المتابعين والراغبين, والمتابع السوري  جزء من هذا العالم وإن كان إفتراضيا.. ولكن لكي لا تبقى مثل هذه القضية إشكالية ومحل غمز ولمز  بين الباحث عن فرصة عمل لا تكلفه الكثير من الجهد وهو بأمس الحاجة ولاسيما بالنسبة لفئة الشباب وتحديدا الصبايا, وبين الموقف الرسمي الذي ما زال يغض الطرف رغم قناعته بوجوده و أيضا له من المسوغات المقنعة ومع ذلك ودرءا لعدم حدوث مشاكل ومخالفات تضع كل من تسول له نفسه العمل في مجا له أمام مسؤولية جزائية أقلها جنحية التوصيف فإن المطلب المهم يتجلى بإعادة النظر بالمرسوم وتنظيمه بما يحقق النتيجة المرجوة لأكثر من طرف  وضمان حقوق الجميع معا.