مارال خاسيكيان تجمع الأمثال الشعبية والحكم الأرمنية: سورية وطني الأول
حلب- غالية خوجة
تعدّ حلب من المدن العالمية القليلة التي تضمّ مواطنين من أصول مختلفة كالأرمن والشراكسة والأكراد، وتتشكل في هذه المدينة المُحِبة حالة من المَحبة الفسيفسائية المتشكلة من عدة أديان وطقوس ولهجات ولغات.
ومن هؤلاء المواطنون الأرمن الذين نحيا معهم ونبادلهم ويبادلوننا المحبة والوفاء والصبر والأمل والاحتفالات والطقوس والمعرفة، منهم الكتّاب والأدباء والرسامون والفنانون والميكانيكيون والعلماء والأطباء والمهندسون والمحامون، ونثق في التعامل معهم ثقة مطلقة لأنهم يجيدون عملهم بضمير نقي، ونيّة صافية، حفاظاً على القيم والأخلاق والسمعة.
أرسم فلكلورنا بالهندسة
وهذا ما اتضح من زائرتي إلى فرع اتحاد الكتّاب العرب بحلب مارال خاسيكيان، القادمة للسؤال عن كيفية الانتساب للاتحاد، فتعرفت إليها، لتخبرني بأنها خريجة معهد متوسط هندسي- قسم رسم هندسي بحلب. وتابعت: لم أعمل في مجالي ولكنني أرسم، ولي مشاركة بمعرض جماعي برعاية السيدة أسماء الأسد بمعرض في خان الشونة (24/11/2021).
وعن طبيعة مشاركتها، قالت: أشارك بمجموعة أعمال يدوية من التراث الأرمني الفلكلوري، ومنها المعروف باسم “أعمال مرعش” كأشغال يدوية، تطريزية، فنية، فيها من التشكيل ما يميّزها لنسميها بأعمال مرعش، إضافة لرسومات على أقمشة، ولوحات، و”بايج ماكر للكتب Page Maker- فواصل لصفحات القراءة”، ولوحات حائطية.
حياتي بين التأليف والترجمة
وعن علاقتها بالكتابة وبأية لغة تكتب وتترجم؟. أجابت: أعمل في الصيدلة، وأحب الأدب والكتابة والترجمة، بدأت بدراسة عامة عن البقوليات والفواكه والخضراوات، وكتابي سيصدر قريباً بعنوان “مفتاح العيش الصحي”، الذي يتحدث عن الموطن الأصلي لكل مادة غذائية وفوائدها وقيمتها، ويتضمن أقساماً منها تعريف الأمراض، ودليل العلل، وكيفية المعالجة بالغذاء الطبيعي، وهذا الكتاب كتبته باللغة العربية، وترجمته إلى اللغتين الإنكليزية والأرمنية.
الرويلي بالأرمني
وتابعت: ترجمت مسرحيات من الأرمني إلى العربي، كما ترجمت رواية “سورين” لمحمد رشيد الرويلي رحمه الله من العربية إلى الأرمنية، صدر حديثاً عن مطبعة أريفيلك 2021، وعندما كنت أتصل به لأسأله على كلمة ما لأكون دقيقة في ترجمتها ككلمة ومعنى، كان يحدثني بلطف، ويسألني: كيفك يا أميرة؟ متى ستأتين إلى دير الزور بعيد الشهداء الأرمن؟. وتابعت مع دمعة مخفية: ما زال صوته في ذهني وهو يسألني ويتحدث معي. وأردفت: حالياً، أجمع الأمثال الشعبية والحكم الأرمنية في كتاب لأحافظ على موروث وذاكرة شعبنا.
نحب الموت في وطننا
وعن معاناتها مع الحرب الظالمة على سوريتنا الحبيبة، قالت: أثناء الأزمة، قال لنا المغرضون كثيراً: أنتم كشعب أرمني مهدّدون، فلماذا لا تخرجون من سورية؟.
وأكملت بحزن وأمل: خرب بيتنا بقذيفة إرهابية، وأمي وأبي أصيبا بشظايا القذيفة، بيننا وبين الإرهابيين 500 متر فقط، والقنص كان شغالاً لأكثر من سنة ونصف، نغسل بأيدينا، ولا نخرج إلى الشرفة، ولم ننم ليلاً ونهاراً خلال 11 عاماً من الحرب، لكننا نحبّ الموت في وطننا، ورغم ذلك، هناك من يقول لنا: أنتم مهدّدون كأرمن في المنطقة، ألا تريدون الخروج من سورية؟.
وكان جوابي الوحيد جواب جميع المواطنين السوريين الذين عانوا من الإرهاب: كشعب أرمني ذبحنا على يد الأتراك السفاحين، وهُجّرنا إلى الأراضي السورية، والعرب الموجودون فيها، السوريون وحدهم، فتحوا أحضانهم وحضنونا، وفتحوا بيوتهم واستقبلونا كأننا منهم وفيهم. وتابعت بنبرة صامدة: ولدت في سورية، وأعيش فيها، وأتمتّع بخيرات هذا الوطن، فلا أخرج منه لأن هذا من المستحيل. وعندما أصرّ المغرضون علينا كأرمن قائلين: لديكم وطن اسمه أرمينيا، فأجبتهم لديّ وطن اسمه سورية، وأرمينيا وطني الثاني، ومن المستحيل أن أخرج من وطني سورية، وأنا أحبّ أن أكون من حماة هذا الوطن.