تغيير بعيد المنال
ترجمة: عائدة أسعد
قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن الهدف من سياسة أمريكا تجاه الصين هو خلق ظرف تضطر من خلاله قوتان رئيسيتان للعمل في نظام دولي في المستقبل المنظور، بحيث تكون البيئة ملائمة لمصالح وقيم الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها.
إن إدلاء سوليفان بمثل هذا التصريح ليس لأن الولايات المتحدة فقدت الرغبة في تحويل الصين، بل لأنها قبلت على مضض حقيقة أن تحويل الصين شيء لا تستطيع الولايات المتحدة تحقيقه.
إن تحويل العالم وتغييره هو التفكير السياسي الأساسي للولايات المتحدة والذي يتوافق مع مفهومها الأمني المتجذّر، أي بعبارة أخرى تحرص الولايات المتحدة على تغيير أنظمة وسلوكيات الدول الأخرى.
لقد سيطرت الولايات المتحدة على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة، ونجحت في إعادة اختراع خصم لها، ولكن بشكل أكثر شيوعاً، وبدلاً من أن تصبح روسيا شريكاً للولايات المتحدة وأوروبا من خلال قبول الإطار الأساسي للمؤسّسات الغربية، تعرّضت روسيا لمزيد من الهجمات من قبل الولايات المتحدة.
ومن البديهي أن يكون تحيّز واشنطن المستمر ضد الاشتراكية وراء محاولة تحويل الصين وتفكيك محرك ظهورها وإنهاء تعبئتها ووحدتها. لقد سارعت إدارة ترامب السابقة بالبدء في تحويل إستراتيجية الولايات المتحدة نحو احتواء الصين واستكملها فريق بايدن وأصبحت إدارة المنافسة الشديدة شعاراً جديداً، لكن النخبة السياسية في الولايات المتحدة لم تقبل النظام الصيني وأقرّت بحقيقة أن هذا النظام لا يمكن أن يهتز خارجياً، ولذلك حاولت معرفة ما أمكن فعله لتقويض الحيوية المستمرة التي يضخها النظام الصيني في تنمية البلاد، وهذا ما تعنيه إدارة بايدن بالمنافسة الشديدة.
من شأن بيان سوليفان أن يساعد في تسهيل العلاقات الصينية الأمريكية، وعلى الولايات المتحدة وضع هذا البيان موضع التنفيذ وتقليل تدخلها السياسي في الشؤون الداخلية للصين.
من هنا فإن عدم السعي لتغيير نظام الصين هو الوسيلة الأمثل للولايات المتحدة للتراجع عن الصعوبات بعد الاعتراف بها، فنجاح الصين المستمر وثقتها السياسية المتزايدة التي تتماشى معها هو ما دفع الولايات المتحدة إلى إجراء مثل هذا التعديل. ومع استمرار الصين في الحفاظ على قوة إرادتها وزخم النمو ستتلاشى طموحات الولايات المتحدة لتطويقها وخنقها، وستساعد التنمية القوية للصين على مواصلة أي مبادرة إستراتيجية.