بعد الانتكاسات المتتالية لكرتنا.. الكوادر تؤكد على سوء الإدارة وضرورة المحاسبة
نزار جمول
وصلت كرتنا إلى طرق مسدودة من خلال مشاركتها في البطولات المختلفة، فمن منتخبنا الأولمبي الذي أثبت فشله الذريع في التصفيات الآسيوية، وصولاً للمنتخب الأول الذي يتذيّل ترتيب مجموعته بنقطتين من خمس مباريات لعبها، وتلاعب من خلالها بأعصاب جماهيرنا الكروية المتعطشة للانتصارات في تصفيات المونديال، ليكون السؤال الأبرز: كيف للنجاحات أن تحقق في ظل عقلية كروية يغلّفها سوء الإدارة من كل حدب وصوب؟ وكيف تنجح كرتنا مع لاعبين لا يمكن أن يجاروا منتخبات آسيوية كالتي فزنا عليها في بداية التصفيات الآسيوية المزدوجة؟ وكيف لهذا المنتخب أن يتفوق على كبار آسيا كإيران وكوريا الجنوبية، “وهما ليس في أفضل الأحوال”، واتحادنا الكروي المستقيل عمل منذ بداية التصفيات المؤهلة لكأس العالم بدوره الثاني على “تطفيش” اللاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية؟.
هي أسئلة أصبح كل عشاق كرتنا يعرفون أجوبتها المتمثّلة بالفساد الكروي الرياضي بوجود لاعبي الواسطات من أجل السمسرة على عقود لهم في الدوريات العربية من القائمين على المنتخب، متناسين أن منتخب الوطن ليس لعبة في أياديهم، وأن المحاسبة قادمة.
عضو مجلس الشعب، رئيس لجنة الرياضة والشباب مصطفى خير بيك أكد لـ “البعث” أن الكلام عن المنتخب الوطني نابع من القلب لأنه وجع كل مواطن سوري يحلم بمنتخب بلاده ينافس، لكنه يفشل، وأشار خير بيك إلى أن الموضوع لا يتعلق بالمدرب نزار محروس أو غيره من المدربين، بل ينحصر بالعقلية الكروية في إدارة المنتخبات الوطنية، وهنا تكمن المشكلة الأكبر، فسورية مليئة بالمواهب الكروية، ويوجد لاعبون مصنّفون على مستوى آسيا من الأفضل، ولكن، يوجد خلل في بعض المراكز، وعلى رأسها خط الوسط وصانع الألعاب.
وأضاف خير بيك: المدرب الحالي للمنتخب نزار محروس ليس الأفضل لأنه يعمل بعقلية اتحاد الكرة المستقيل نفسها، فكل منتخبات العالم تطورت إلا منتخبنا، لذلك يجب أن تتوقف المشاركات الخارجية لمدة لا تقل عن أربع سنوات من أجل العمل على استقطاب المحترفين من الخارج، وتدريبهم ضمن أكاديمية مختصة تبدأ من الناشئين، وصولاً للرجال، وإقامة بطولات محلية، مع إشراك فرق فيها من خارج سورية بهدف زيادة الاحتكاك، حالياً فرصة المنتخب بالتأهل للملحق كثالث المجموعة غير متاحة مع اللاعبين المحليين، لأن الدوري السوري ضعيف وليس بقوة الدوريات الأوروبية التي يلعب فيها اللاعبون المغتربون.
أما الكابتن طلال شومان “مدير أكاديمية جدة يونايتد” في السعودية فبيّن أن كرة القدم تحتاج للتخطيط السليم، وتوفر ملاعب كرة قدم صالحة، لكن كرتنا تفتقر لكل هذه المقومات، ومع ذلك فرصة التأهل للملحق مازالت موجودة ولو بنسبة ضعيفة، ولكن يجب أن يكون العمل لتحقيق ذلك مرتبطاً بجهد كبير، مع وجود ثقافة الفوز لدى اللاعبين والجهاز الفني، وأشار شومان إلى أن كرتنا حتى الآن غير قادرة أن تبني هجمة منظّمة من الخطوط الثلاثة، ومن الأفضل التفكير بالمستقبل من خلال تخطيط صحيح بوجود كم كبير من المواهب تبدأ من المدارس والمراكز الكروية، مع تأهيل مدربين ليكونوا قادرين على توظيف إمكانيات هذه المواهب، موضحاً أن وجود ملاعب صالحة، وإمكانيات مادية كبيرة، سيصل بالكرة السورية إلى العالمية بالتأكيد.
من جانبه لاعب منتخبنا الوطني السابق محمد خلف أوضح أن النتائج الكارثية للمنتخب حتى الآن تعطي مؤشراً سلبياً، لأن المشاكل تغلغلت إلى داخله من جراء المحسوبيات التي عمل بها اتحاد الكرة المستقيل، وسكت عنها المدرب، وأكد خلف أن وضع الفريق من سيىء إلى أسوأ، سواء باللاعبين المحليين أو بالمحترفين، لأن الانسجام فيما بينهم مفقود، والروح غير موجودة، والتكتيك غائب تماماً، وطريقة اللعب لن تحقق أية نتيجة إيجابية، خاصة أن اعتماد الجهاز الفني الرئيسي على اللاعبين المحليين الذين يلعبون بشكل كارثي، وأخطاؤهم كبيرة في المباريات الخمس حتى الآن، وبشكل واقعي أكد خلف أن معظم الأسماء التي تمثّل المنتخب غير مؤهلة لحمل قميص الوطن، وهم أخذوا أدوار لاعبين يستحقون أن يكونوا بالمنتخب، ويتواجدون على دكة الاحتياط.
وأبدى المدرب في نادي الكرامة فهد عودة تشاؤمه بمسيرة المنتخب التي خيّبت الآمال، وحظوظه باتت شبه مستحيلة، لأن المؤشرات تؤكد أنه من الصعب الوصول للمركز الثالث، ويشير عودة إلى أن السلبية الأكبر في مسيرة المنتخب هي عدم الثبات على تشكيلة واحدة، ففي كل مباراة توجد تشكيلة تختلف عن سابقتها، ويفترض أن تكون نقاط قوة المنتخب في مراكز محددة من غير الممكن تبديلها، لأن المباريات الخمس أثبتت عدم الانسجام بين الخطوط الثلاثة، مع طريقة لعب غير واضحة، لذا فإن التفاؤل بالتأهل أصبح غير موجوداً، فالأوضاع لا تبشّر بالخير، ويوضح عودة أن المباريات القادمة، وعلى رأسها مباراة إيران غداً، ستوضح معالم المنتخب وفرصته بالتأهل، خاصة أن العقلية التي يلعب بها المدرب مازالت تعتمد على ما يريده الآخرون، وليس من خلال رؤيته.