أردوغان والحائط المسدود
سنان حسن
بعدما فشل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في شن عدوان جديد على مدن الشمال السوري، على الرغم من التصعيد الكبير الذي قام به خلال الفترة الماضية، وفي ظل أجواء الانفتاح العربي على سورية، ولاسيما بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق مؤخراً، بدا واضحاً أن أردوغان يسعى وبكل قوة إلى إيجاد مخرج ما يحفظ ماء وجهه ويظهره أمام جمهوره الانتخابي على أنه استطاع من خلال التهديد والوعيد وعدم شنّ عملية عسكرية تحقيق أهدافه المعلنة، سواء من خلال تكثيف اللقاءات مع الجانب الروسي بهدف واحد تروّجه صحافة إعلامه الصفراء “تطبيق تفاهمات سوتشي مع الجانب الروسي وأبرز نقاطها إعادة افتتاح طريق “M4″، أم من خلال المسارعة إلى الموافقة على عقد اجتماع جديد لصيغة أستانة لبحث التطورات الجديدة على مستوى وزراء الخارجية، على الرغم من التأكيد الروسي على لسان مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط أنه ليس على جدول أعمال الوزير سيرغي لافروف المشاركة في الاجتماع.. ولكن في ظل المتغيرات المتسارعة في سورية ومحيطها هل يكفي فقط أن يفتح أردوغان الطريق الدولي، أم لابدّ من الكفّ عن مغامراته العسكرية، وخروج قواته الغازية ومرتزقته؟
خلال الفترة الماضية سعى أردوغان من خلال التحضير لعدوان جديد على سورية إلى شدّ عصب قاعدته الانتخابية قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن ما لم يحسِب له حساباً هو إعلان المعارضة التركية رفضَها التمديد للمهمة المطلوبة لتنفيذ الجيش عملياته في سورية، الأمر الذي وجد فيه أردوغان وحلفاؤه في تحالف الشعب أنه بداية السباق للانتخابات الرئاسية من المعارضة، وأن ما كان يعتقد أنه سيمنحه مزيداً من التأييد في الداخل التركي سينقلب ضده، ولاسيما أن المعارضة أكدت في بيان رفضها أن أي عملية عسكرية ستزيد من مخاطر وحدة واستقرار سورية وسيتضاعف الخطر الذي ينوي أردوغان شنّ العدوان بسببه، وهذا عكس ما كان رئيس النظام التركي يروّج له، لذا سارع إلى تحويل أنظار الداخل نحو عملية عسكرية تقليدية في الجنوب.. هذا داخلياً.
وفي حين وجد رئيس النظام التركي أن العودة العربية إلى دمشق التي تُرجمت أولى خطواتها بزيارة وزير الخارجية الإماراتي، والدعوات التي وجّهتها الجزائر والأردن لرئيس الجامعة، مطالبة بعودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة العربية، دون أن نغفل أيضاً ما تم كشفه في وسائل الإعلام المصرية من أن القاهرة اشترطت لأي تطبيع علاقات مع أنقرة انسحاب الجيش التركي ومرتزقته من سورية، ما يعني أن المغامرة بعدوان جديد على الشمال السوري ستعزز موقف سورية وتزيد التضامن معها على الصعيدين العربي والإقليمي، الأمر الذي سيحشر أردوغان أكثر في الزاوية وسيعقّد من محاولاته المستمية للبقاء في رئاسة تركيا، وتالياً الحفاظ على مشروعه الإخواني بالكامل. دون أن نغفل أن مثل هذا العمل يمكن أن يقضي على جميع التفاهمات بين كل من روسيا وإيران مع النظام التركي حول الوضع في سورية وخاصة ما يتعلق بسيادتها ووحدة أراضيها، ما يعني أن كل الأبواب مغلقة بوجهه على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ومع وصول أدروغان في جميع مخططاته العدوانية والتوسعية إلى طريق مسدود، بات لزاماً عليه أن يفكر ملياً قبل الإقدام على أي خطوة تؤدي في المحصلة إلى فقدان ما تبقى له من شعبية في الداخل وخاصة بعد الانشقاقات الكثيرة في صفوف حزبه، فضلا ًعن أن الوضع الدولي القائم الآن لا يسمح بمزيد من التوترات إن على مستوى الإقليم أو العالم، فهل يستطيع أردوغان استيعاب هذه الحقيقة القائمة على الساحة الآن أم لا؟.. لننتظر ونر.