رياضةصحيفة البعث

خيبة التصفيات تكشف واقع كرتنا والمدرب القادم للمنتخب ضمن حسابات “الصداقة”

ناصر النجار

اقترب منتخبنا الوطني من توديع تصفيات آسيا المؤهلة إلى كأس العالم عملياً بعد أن ضعفت آماله بالوصول إلى مقاعد التأهل، محتلاً المركز الأخير بجدارة في مجموعته، وإن كان نظرياً يملك بصيص أمل، وللأسف فإن نتائج المنتخب عكست بشكل مباشر واقع الكرة السورية، فلم يكن بالإمكان أحسن مما كان، والمشكلة أننا نبحث عن الأسباب بالأماكن الخطأ، فنريد تحميل هذه النتائج للمدرب واللاعبين، وننسى أن المسؤول المباشر والحقيقي عن الفشل هو منظومة العمل بشكل كامل.

ومهما يكن من إجراءات قادمة فإنها ستكون شكلية لأنها لن تغيّر من الواقع في شيء، فالمدرب الذي سيستلم المهمة القادمة سيتابع المباريات بشكل كلاسيكي بعد أن فقدنا كل الآمال، ولن يخضع للضغط من الموتورين لأن النتائج لم تعد مهمة، ومع ذلك فإننا سنشهد صراعاً كبيراً مبنياً على المصالح الخاصة، وهذا الصراع واضح المعالم من خلال هرولة البعض للتسويق لبعض اللاعبين والمدربين الذين تجمعهم معهم مصالح شخصية، وهو على أشده بعيداً عن المسؤولية في هذا الأمر.

الهجوم غير المبرر على المدرب المقال نزار محروس كان هدفه التسويق لمدربين آخرين، ومن خلال متابعتنا للمنتخبات نجد أن الهجوم ذاته تعرّض له مدرب المنتخب الأولمبي، ويتعرّض له مدربا منتخبي الناشئين والشباب في الوقت الحالي، وهو جزء من منظومة العمل التخريبي، والأصعب من هذا وذاك أن القائمين على كرتنا يستجيبون بشكل مباشر وغير مباشر لهذه الضغوط، وكأن مشكلتنا بالأسماء وليست في النهج.

مهما يكن شكل المدرب القادم واسمه فلن يحظى بالرضى، ولن يستطيع تقديم ما يريد لأن أنصار المدربين الآخرين سيتربصون به، ولأن أنصار اللاعبين سيتابعون الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل اللاعب الفلاني وغيره، ونخشى يوماً ما أن يتم تعيين المدرب بالاستفتاء بين الجمهور وكذلك اللاعبين.

لا شك أن المسؤولية المباشرة في هذا الإخفاق الكروي يتحمّل الكثير منها اتحاد الكرة المستقيل، وتتحمّل جزءاً منها الاتحادات السابقة، لكن المسؤولية الحقيقية تتحمّلها منظومة العمل الرياضي بشكل عام، فهناك أخطاء أدت إلى فشل التونسي نبيل معلول مع المنتخب، وأخطاء أخرى أدت إلى فشل المدربين الوطنيين السابقين، والأخطاء نفسها كبّلت المنتخب الحالي وكوادره.

في كرتنا ثلاثة لاعبين مميزين أو أربعة على الأكثر، أما بقية اللاعبين فهم سواء، فقد يمتاز لاعب عن غيره بفوارق بسيطة، لكل مدرب حسناته وسيئاته، والفوارق بين المدربين المشهورين بسيطة، أما بقية المدربين فلا فوارق بينهم، وإذا كانت رياضتنا كلها تعيش على الطفرات، فكرة القدم ليست بمنأى عن الرياضة، وهي تعيش على الطفرات أيضاً، فقد ننجح بمباراة، لكن الهدف لن نصل إليه، وهذه المشكلة ليست وليدة اليوم، بل هي صناعة العقود السابقة، لأننا لا نملك منظومة العمل الحقيقي.

لم نكن يوماً ما مؤهلين للفوز بأية بطولة، وأحلامنا كانت تقف عند أبواب التأهل لكأس العالم، لذلك علينا أن نكون واقعيين، فكرتنا بعيدة كل البعد عن غيرها من المنتخبات التي تملك حظوظ الفوز والتأهل، وكسب شرف المشاركة في البطولات الكبرى، ولنصل إلى هذا الشرف يجب تغيير منظومة العمل بشكل كامل، علماً أن آخر الأخبار الواردة عن اللجنة المؤقتة أن الأمين العام توفيق سرحان مسافر مع المنتخب، وبانتظار عودته من عمان سيتم عقد اجتماع حول المنتخب والمدرب، وكما علمت “البعث” فاللجنة منقسمة حول المدرب، وكل واحد يريد صديقه، وعضو واحد يسعى لمدرب أجنبي، وعلى الأغلب، وفي ظل هذه الانقسامات وعدم وضوح الرؤيا والمنهج، فإن القرارات التي ستصدر في الأيام المقبلة لن تكون ذات جدوى أو فائدة، وقدر كرتنا أن تعيش في الفوضى وسوء الإدارة.