ثمن الجهل والعناد
ترجمة: عائدة أسعد
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن أوروبا أصبحت مرة أخرى بؤرة لجائحة فيروس كورونا، بسبب تباطؤ معدلات التطعيم، ونشر معلومات مضلّلة، وتخفيف القيود. واليوم يتمّ تحديد تدابير الوقاية في الدول الأوروبية إلى حدّ كبير من خلال قرار التعايش مع الفيروس.
لا يزال هناك الكثير من التعليقات حول ما كتبته الصحيفة التي تطرح أسئلة وتحتج على ارتداء الأقنعة والتطعيمات، لجهة أن الغرب سقط في دائرة الجهل والعناد، على اعتبار أن التعافي الاقتصادي والاجتماعي أكثر أهمية من السيطرة على معدلات الإصابة. على مر السنين، طوّر الغرب لعبة بين المواطنين وحكوماتهم، فالناس عموماً لا يرغبون في التعاون مع الضوابط الحكومية أحادية الجانب، ولا في الانصياع، لكنهم يصرون أيضاً على أنه طالما طلبت الحكومة يجب عليهم محاربتها وأن يتحدثوا بصراحة، بل ويجب عليهم معارضتها، وبالتالي إن سقوط أوروبا كمركز للوباء مرة أخرى سيكون هو الثمن الذي يدفعه شعبها مقابل هذا العناد.
وحسب محللين سياسيين لا يعتبر الوباء في الغرب مجرد قضية علوم طبية، ولكنه قضية سياسية واقتصادية، والحكومات والشركات أكثر قلقاً من جائحة طويلة الأمد تقوّض الانتعاش الاقتصادي الهش بدلاً من مصدر رزق شعوبها.
وقد تساءلت صحيفة “دويتشه فيله” الألمانية إلى متى ستستمر الصين في إستراتيجية عدم انتشار الفيروس، ومتى ستبدأ أوروبا في التعلم من الصين؟. ورغم ذلك، تزايدت الانتقادات الموجهة إلى إجراءات الحجر الصحي الصارمة التي تتخذها الصين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث استهدفت وسائل الإعلام الغربية سياسة الصين، وقلّلت من أهمية استدامة طريق الوقاية من الوباء في البلاد.
في الحقيقة، يعكس هجوم الرأي العام الغربي الغيرة من سياسة الحالة الصفرية الديناميكية في الصين، فالمواطنون الأوروبيون ليسوا متعاونين مع حكوماتهم مثل الشعب الصيني، وفي الإطار السياسي والاجتماعي الحالي في أوروبا سيكون من الصعب للغاية تحقيق وإكمال النتيجة الصفرية الديناميكية، ولذلك لم يتبق لهم خيار آخر سوى التعايش مع فيروس كورونا.
تعتبر سياسة الوقاية من الأوبئة انعكاساً لموقف حكومة بلد ما تجاه شعبها، وقد اختارت الصين سياسة ديناميكية تعكس مسؤولية الحكومة عن خدمة الناس، بينما أظهر الوضع الأخير في أوروبا ما يتطلبه التعايش مع الفيروس.
ويبدو أن الخسائر الفادحة التي سبّبها هذا النموذج أصبحت هي القاعدة في المجتمع الغربي، وفقد الرأي العام الغربي الأرضية الأخلاقية للحكم على معركة الصين ضد كورونا، وإذا لم تستطع الدول الأوروبية توحيد نفسها فقد تتضرر مصالحها الاقتصادية، وهو ما تعتبره أحد أهم الأشياء.