ثقافةصحيفة البعث

أسماء فيومي في معرضها الاستعادي: الرسم موقف من الحياة

كتب فاتح المدرس ذات يوم: “أسماء فيومي السيدة التي تدافع عن الطفل بالأحمر والأسود في عفوية وحرارة ونزق”.

في معرضها الاستعادي، الذي يستضيفه المركز الوطني للفنون البصرية هذه الأيام، عدد كبير من اللوحات التي تعود إلى عقود سابقة أنجزت خلالها هذه الفنانة المخضرمة، التي عاصرت أحداثاً ثقافية وسياسية، وعاشت حروباً مرت عليها تاركة جرحها المفتوح مبدعاً ومؤرخاً من خلال ريشتها المدافعة عن الإنسان عموماً، والنابشة باللون سعياً للجمال المؤثر الذي يحمل رؤى الاحتجاج والأسئلة، عشرات اللوحات بقياسات كبيرة نسبياً أنتجت خلال سنين متلاحقة من عمل هذه الفنانة المنتجة بدأب، والتي تراقب الآن في عقد سنواتها الستين لوحتها التي لم تنته بعد، فهي ترسم بشغف غريب، وهذا ما ذكرته إدارة المركز الوطني في مقدمة البروشور المرافق لمعرضها: “الشغف، الإصرار والاستمرار، ما يميز الفنانة أسماء فيومي التي لم تتوقف ريشتها بين تشكيلاتها الهوائية، وقسوة خطوطها، بين حساسيتها ونزق ألوانها، بين تعبيريتها وسطحها المجرد، بين وبين تنسج خطوطها تلك الأعين لتقف وتنتظر ما وراء تلك الوجوه.

سؤال يُطرح: ما معنى الكم الهائل من الأعين في جميع اللوحات ومنذ زمن طويل، والتقنيات ألا يمكن أن تتحرك لإعطائها روحاً جديدة حتى يلغى التكرار، وتصبح منسجمة مع الموضوع، كل ذلك موجود عند كبار الفنانين المعاصرين، لأن الموضوع متطلب لتقنية متنوعة ومتحركة حتى يتنفس اللون ويزول التكرار؟.

وقد ذكر الناقد سعد القاسم حول أهمية أعمال الفنانة: تشتغل أسماء فيومي ببراعة وخبرة كثيفة على خلق التناغم في ذروة التباين بين درجات اللون، وكذلك بين مجموعات الأزرق والأحمر والأبيض التي صارت تشغل مساحة أوسع في لوحتها ذات الخصوصية التعبيرية التي لم تفقد يوماً أصولها الواقعية مهما بدت من أصول مرمزة أو مخبأة في ثنايا الخطوط الصريحة، أو الألوان ذات الحيوية المدهشة، وذلك لأنها تمتلك في كل حالاتها وتحولاتها مناخاً محلياً قوياً متلاقياً مع مفاهيم عصره، وقدرة تعبيرية فائقة لفنانة استثنائية أوجدت لنفسها منذ منتصف الستينيات مكاناً مميزاً في المشهد التشكيلي السوري، لا بصفة ممثلة لفن تشكيلي أنثوي، بل كرمز من رموز هذا المشهد الذي لا يكتمل الحديث عنه إن أغفل اسمها منه.

المهم في هذا المعرض أنه لا مكان يتوفر لاستيعاب الكم الكبير من الأعمال التي ستعرض بهذه الطريقة الاحترافية سوى صالة المركز الوطني للفنون البصرية الذي نجحت إدارتها خلال أعوام في استضافة أكثر من معرض استعادي، وقدمت صاحب التجربة بطريقة تليق بقيمة بحثه الفني، ما يفتح الباب أمام السؤال عن طريقة العروض التي تقام في الصالات الخاصة، حيث المكان المحدود في المساحة، وهذا أمر طبيعي ومبرر، ولكن من غير المبرر طريقة رصف اللوحات على الجدار بطريقة مشوشة لا تناسب العمل التشكيلي.

أكسم طلاع