الافراج عن المخازين النفطية الإستراتيجية.. هل هو حل حقيقي لأزمة الطاقة أم مناورة؟
سنان حسن
يتوالى إعلان عدد من الدول الإفراج عن جزء من مخزوناته الإحتياطية من النفط الخام لمواجهة الارتفاع المتسارع لأسعار الوقود حول العالم، ومعه ارتفاع تكاليف الانتاج بكل أنواعها، ولكن السؤال المطروح هل الخيار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جون بايدن بالفعل يهدف إلى خفض الأسعار كما يروج في البيانات الصادرة عن وزارات الخارجية والطاقة الأمريكية، أم أنه بالفعل هو مناورة جديدة من واشنطن للإيقاع بمنظمة أوبك والدول المنتجة للنفط غير المنضوية تحت مظلة المنظمة الدولية..
لاشك أن هناك أزمة طاقة عالمية أدت فيما أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في أوروبا في التاريخ الحديث، ولاسيما مع بدء موسم الشتاء وأجوائه الباردة، ولكن ما يثير الاستغراب أن الأزمة أُريد لها هذا العام أن تكون بضجة إعلامية كبيرة وتصريحات سياسية رنانة، مستغلين قضية اللاجئين على حدود بيلاروسيا بولندا، مع محاولات لواشنطن وناتو لافتعال أزمة بين روسيا وأوكرانيا وتظهيرها على أنها السبب في منع تدفق إيرادات الغاز الروسي إلى أوروبا متذرعين أن موسكو ومينسك تريدان ابتزاز واشنطن وحلفائها في الغرب وتهديد الاستقرار الأوروبي برمته كما يقول رئيس وزراء بولندا ” إنها أكبر عملية تهديد للاستقرار في أوروبا على في التاريخ الحديث”..
كذلك واشنطن لا تتوقف عن الترويج أنها بمجرد أن فتحت مخازينها الاستراتيجية قد تحسنت أسعار الطاقة وانخفض سعر برميل النفط على الرغم من أن خبراء يستبعدون أن “تقوم الخطوة بدفع أسعار النفط في الأسواق إلى الانخفاض، ويقولون إن الإجراء مؤقت متوقعين أن يؤدي ذلك على عكس الهدف إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار”. إذن الهدف من وراء كل البروباغندا هو تسعير سياسي لافتعال أزمة واتهام أطراف بعينها أنها المسؤولة عما يجري لتجريمها وشيطنتها، وهنا لا يظهر سوى روسيا في المشهد، ولكن ماذا تفعل موسكو إزاء ذلك؟.
تعلن روسيا على لسان مسؤوليها أنها ترفض رفضا ًتاماً استخدام الطاقة وسيلة للابتزاز السياسي وهذا ما أكده المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف رداً على تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان التي زعم فيها إن “روسيا تستخدم موارد الطاقة كسلاح سياسي” قائلاً : “روسيا لم تستخدم أبدا موارد الطاقة كسلاح للضغط السياسي، حتى في أصعب الأوقات لم توقف روسيا الإمدادات، مؤكدا ًأن هذا لم يحدث ولن يحدث”؟.
كما أن روسيا طالبت أوروبا مراراً أن تتخذ قرارها المستقل غير المرتبط بالارتهان للنزعة الأمريكية التي تريد إفتعال مشكل بين موسكو وبروكسل وحرمان دول أوروبا من استجرار الغاز الروسي خدمة لأجنداتها السياسية، ولكن حتى الآن الموقف الأوروبي مهزوز جداً وغير قادر على رفض اللاءات الأمريكية والدليل هو قيام الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الشركات المنفذة لمشروع نورد ستريم السيل الشمالي الروسي بعد تصديق الأمريكي على عقوبات مماثلة عليه. ما يعني أن كل ما يجري هو لعبة سياسية حصانها الأسود إمدادات الطاقة.. فهل تشهد المرحلة القادمة تطورات دراماتكية أخطر .. أم تعود الأمور إلى نصابها؟.