العشوائيات في حلب.. مئات الأبنية آيلة للسقوط ولا حلول في الأفق..!
مجدداً نفتح ملف الأبنية المهددة بالانهيار والآيلة للسقوط في مدينة حلب نظراً لحساسية هذا الملف وخطورته والذي تسبب بوفاة وجرح العشرات من المواطنين خلال فترات سابقة .
لا شك أن المشكلة قديمة ومزمنة والمسؤولية جماعية وهي تحتاج إلى حلول جذرية تعيد تصويب هذا الملف لتجنيب المدينة المزيد من الانهيارات المفاجئة ووقف زهق أرواح المواطنين بالمجان، وقد يكون الحل الأمثل لهذه المعضلة، هو إزالة هذه العشوائيات نهائياً والانتقال إلى النظام المعماري الحديث والآمن ، وفق دراسات هندسية وإنشائية تراعي جغرافية المكان وحقوق قاطني هذه المناطق وتضمن السلامة العامة كأولوية .
حديث الأرقام
وفق آخر الإحصائيات بهذا الخصوص تشير الأرقام إلى أن هناك 23 منطقة مخالفات وعشوائيات تشغل %40 من مساحة مدينة حلب تضم أكثر من عشرة آلاف مبنى ويقطن فيها مئات الآلاف من العائلات، والكل يعلم أن هذه الأبنية الخطرة والتي تزيد عن خمسة طوابق مشيدة بشكل عشوائي وفوضوي وأساساتها هشة وضعيفة ولا تستند إلى الحد الأدنى من شروط السلامة العامة، وأغلبها تم ترخيصها وشرعنتها بقرارات ما يسمى ( حكم المحكمة ) عن طريق المحاكم و تخضع هذه لمعاملات الأسهم والبيع والشراء وغيرها، ما ثبت دعائم هذه المخالفات بشكل أكبر ووسع من رقعتها .
مراوحة في المكان
وعلى الرغم من تأكيد المهندس أحمد رحماني نائب رئيس مجلس المدينة بأن العمل في تنفيذ مشروع المخطط التنظيمي يسير بخطى متسارعة في مراحله الأولى والتي تشمل إنشاء البنية التحتية وفتح الشوارع واختيار بقع جديدة وإضافية بديلة وكافية لسنوات قادمة، نجد أن المشروع يراوح في المكان ومؤشرات التنفيذ متراجعة بالرغم من تحديد الأولويات ورصد الاعتمادات اللازمة لتنفيذ المشروع من قبل الحكومة وذلك قبل نحو أربعة أعوام من الآن.
ويرى المهندس رحماني أن ظروف العمل صعبة وهناك معوقات فنية وتقنية تتسبب في تراجع نسب التنفيذ ، ومع ذلك مجمل المشاريع الجاري تنفيذها ومنها المخطط التنظيمي تسير وفق ما هو مخطط لها وبشكل متوازن بالرغم من بعض الصعوبات، خاصة ما يتعلق منها بموضوع صرف الكشوفات المالية والمرتبط بتعقيدات إجراءات التعاقدات القانونية والمالية والتي تشكل أحد الأسباب في تأخر الصرف وعزوف الكثير من المتعهدين على التعاقد مع الجهات الحكومية.
هدر المال والجهد
تتباين الآراء حول الأداء الخدمي والجهود المبذولة من قبل مجلس المدينة وفرق عمله، ويرى البعض أن التركيز على تحسين الجانب الجمالي وإبقاء المضمون فارغاً يشكل أساس المشكلة ويهدر المال والجهد على السواء، ويتساءل البعض: ما الجدوى من صرف ملايين الليرات على تجميل وتحسين الساحات وبعض المحاور فيما ما تزال مشكلة المناطق العشوائية قائمة وتنذر بكوارث إنسانية ، بالإضافة إلى ما تعانيه معظم أحياء ومناطق حلب من مشكلات خدمية مزمنة ومستعصية؟؟!
غياب الجدية والارتجالية
الأهالي المتضررون من هذا الواقع غير المرضي يرون أن المشكلة تكمن في غياب الجدية والارتجالية بالعمل والتي تؤدي في المحصلة إلى التعثر في تنفيذ الخطط .
ويطالب الأهالي مجدداً بتوجيه البوصلة نحو الأحياء الأكثر تضرراً وإيلائها الاهتمام المطلوب من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية كأساس وركيزة للانطلاق نحو الأعمال الجمالية والكمالية في باقي الأماكن والمواقع، وهو ما يتطلب قراءة جديدة للمشهد الخدمي ووضع الخطط والبرامج ذات الجدوى وتنفيذ المشاريع الحيوية والإستراتيجية ولحظ الأحياء والمناطق المتضررة ضمن خطط العمل الخدمي وإيجاد الحلول السريعة والعاجلة لمجمل ما تعانيه من ظروف وأوضاع سيئة لناحية النظافة وتراكم الأنقاض ورداءة الشوارع والأرصفة والمستديرات وفوضى المرور والنقل وخطر الأبنية المتضررة، يضاف إليها المخالفات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة.
على وجه السرعة!
أمام هذا التراكم من الخطط والأعمال المتعثرة والمتوقفة ، وبالنظر إلى أعداد الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط والتي تنذر في كل لحظة بالموت المفاجئ ، ينبغي على مجلسي المحافظة والمدينة الشروع فوراً بوضع آلية جديدة تأخذ صفة – العاجل – تكون أكثر جدية والتزاماً وتسبق أولويات ترقيع الشوارع والأرصفة وتجميل الساحات واختصار الوقت ما أمكن لتسريع إنجاز مشاريع تنظيم هذه العشوائيات لتجنب المزيد من الكوارث المؤلمة كالتي حدثت قبل أيام قليلة وسابقاً، ونعتقد أن الحلول ممكنة في حال توفرت النوايا الصادقة، وهو ما نتمناه لمعالجة هذا الملف عاجلاً وليس آجلاً ، وذلك بمساعدة مجلس المدينة ومخاتير الأحياء إما بالتبليغ عن الأبنية المتصدعة أو إخلائها فالعملية هنا متكاملة بين المواطن والحكومة و البلدية لإيجاد حلول لتصحيح هذا الوضع الذي لا نبالغ بوصفه بالخطر والخطر جداً .
بالمختصر، المشكلة كبيرة وخطيرة جداً تحتاج إلى دراسة عميقة ومستفيضة و حلولاً سريعة و أكثر التزاماْ و جدية من قبل جميع المعنيين لتصويب هذا المسار والذي نعتقد أنه ورغم صعوبته كونه على صلة بالسلامة العامة وبحماية أرواح المواطنين قابل للحل في حال توفرت النوايا الصادقة ، وما نتماه أن يتم معالجة هذا الملف عاجلاً وليس آجلاً منعاً لحدوث أي فواجع إنسانية مؤلمة كالتي حدثت سابقاً، فهل من مجيب في القريب العاجل؟
معن الغادري