المكتبات الجامعية مابين وفرة الكتب وندرة القراء؟
البعث الأسبوعية – محرر المحليات
عشرات المكتبات تتبع للكليات المختلفة في جامعة دمشق منها كلية الآداب والفنون الجميلة والاقتصاد والعلوم والطب والإعلام والشريعة،ومع ذلك فإن استطلاع آراء الطلاب يبين لنا أن قلةً فقط قصدوا هذه ،حتى أن بعضهم لم يسمع بوجودها..! وآخرون أكدوا لنا أنه لولا حلقات البحث لما فكروا بزيارتها ،حيث أن كثيرين يعتمدون على الإنترنت كمصدر أساسي وربما وحيد لإثراء معلوماتهم رغم أنه يفتقد إلى الدقة والمصداقية كمرجعٍ للبحث العلمي ،وبعضهم يعلل انصرافه عن المكتبات لاعتماده على مكتبة الأسد الوطنية حيث وفرة الكتب وتحديثها المستمر ونظام الفهرسة الدقيق الذي يتيح للباحث إيجاد ما يريده بيسر و سهولة إضافةً إلى الهدوء الذي لا يمكن إيجاده في مكتبات الجامعة.
ميادة طالبة حقوق تشتكي من أن مكتبة كليتها تحوي كتباً قديمة لا يتم تحديثها بشكل مستمر كما أن موضوعاتها قليلة التنوع ،أما منى (رياض أطفال) فتخالفها الرأي إذ تعتمد على المكتبة للحصول على المصادر والاطلاع على المعلومات التي يمكن أن تفيدها في دراستها ،و تقول : “لقد وجدت فيها كل ما احتاجه ،صحيح أن معظم الكتب قديمة إلا أنها قيمة للغاية ” .
المكتبة المركزية
إضافةً إلى المكتبات التي تخص كل كليةٍ على حدة ،تعد المكتبة المركزية الأكثر ثراءً وتنوعاً بموضوعاتها التي تغطي مختلف المجالات فالمكتبة المركزية في جامعة دمشق .
محمد (طالب دراسات قانونية ) وهو من بين الطلاب الذين يداومون على ارتياد المكتبة المركزية لأنها برأيه أفضل بكثير من غيرها من المكتبات ،أما طالبة الشريعة ندى فهي تحصل على الكتب التي تحتاجها من أصدقائها إذ تقول:”لم يسبق لي أن تعاملت مع أية مكتبة من قبل باستثناء مرةٍ واحدة استعرت فيها كتاباً تعذر تحصيله من أي مكان آخر “وتضيف :”لم تعد كليتنا تطلب حلقات بحث لذا قلت حاجتنا إلى المكتبة “.
لولا حلقات البحث
يكاد يكون بالإمكان الجزم بأن الطلاب الذين يقصدون المكتبات على قلتهم يبحثون بالدرجة الأولى عما يساعدهم على استكمال حلقات البحث أو مشاريع التخرج ،وأنهم قلما يقصدونها حباً للاطلاع على ما هو جديد و رفد معارفهم الجامعية ،وهنا قد يسأل سائل : ماذا لو تخلت الجامعة عن المطالبة بحلقات البحث ،هل ستجد هذه المكتبات من يرتادها أم ستصبح بما فيها من كتب ومراجع فريسة ً للغبار والإهمال؟
لماذا لا نقرأ؟
ظاهرة انحسار القراءة باتت أمرا ً معروفا ً في الدول العربية ،وهو أمر يمكن ملاحظته من خلال انخفاض النسخ المباعة من الكتب ومحدودية توزيع الصحف والمجلات (باستثناء صحافة الأزياء والجرائم و الإعلانات فهي مهما انخفضت تبقى مرتفعة إذا ما قورنت بغيرها ..! )و كذلك قلة المشتركين المسجلين في المكتبات والمراكز الثقافية ،و يكفي أن نعلم أنمعدل ما يقرؤه الفرد في الوطن العربي سنوياً هو ربع صفحة فقط مقارنة ً بمعدّل ما يقرؤه الأمريكي و هو 11 كتابا والبريطاني 8 كتب ،كما تشير الإحصاءات إلى أن كتابا ً واحداً يصدر لكل 12000 مواطن عربي في مقابل 500 لكل مواطن إنكليزي ..!
لا عجب إذن والحال كذلك أن تعاني المكتبات الجامعية من قلةٍ في أعداد مرتاديها .. فما الحل؟
بحثا ًعن حلول
كثيرةٌ هي الحلول التي يقترحها المهتمون لرفع سوية أداء المكتبات منها تحسين الخدمات المكتبية بتوفير أجهزة التصوير وإتاحة تقنيات الميكروفيلم و الميكروفيش ورفد المكتبات بكل جديد وربطها ببعضها البعض من خلال إنشاء فهارس موحدة تجمع كل المكتبات الجامعية السورية وتوظيف كادر مختص من خريجي المكتبات والمعلومات إضافةً إلى الصيانة الدورية لمحتويات المكتبة وتحديث الفهارس بشكلٍ مستمر.
لكن هذه الحلول جميعها تبقى عديمة الجدوى إذا لم يجد الطالب في نفسه حافزاً ذاتياً يدفعه إلى القراءة والبحث و الاطلاع وهذا مايقوده للتعمق والاستزادة من كل جديد في مجال اختصاصه و المجالات الأخرى ،فأي طالب جامعي ينبغي أن يكون بالدرجة الأولى قارئاً شغوفاً بالعلم لا مجرد متلقٍ سلبي يسلم دونما تفكير بكل ما يرد في مقرراته الجامعية ..!