تعاني من فقدان السيطرة على شهيتك.. ست نصائح للتحكم بكمية ونوعية وجباتك!!
قد يجد العديد من الأشخاص أنفسهم يواجهون شعوراً بفقدان التحكم في تناول الطعام في مراحل معينة من الحياة. بالنسبة للبعض، قد يظهر ذلك في صورة إفراط لا إرادي في تناول الطعام أو الأكل العاطفي، وبالنسبة لغيرهم، قد يتمثل في رغبةٍ بتناول أطعمة معينة بشراهة. قد تتجلى هذه الدوافع في اضطرابات صحية عقلية خطيرة مثل الشره المرضي العصبي أو اضطراب نهم الطعام، بالرغم من أنه ليس كل من يعانون من هذه الدوافع يستوفون معايير التشخيص بالإصابة باضطراب معين في الأكل.
وهناك العديد من الأسباب التي قد تجعلك تشعر بأنك تفقد التحكم في تناول الطعام، ويحتمل أن يتجاوز الأمر مجرد مسبب واحد مسؤول عن ذلك. فقد يكون هذا نتيجة لبيولوجيا الجسم، أو المشاعر، أو البيئة، والأرجح أن يكون نتيجة مزيج من العديد من هذه العوامل.
ونظراً لوجود مثل هذه الأسباب المختلفة، لا توجد أيضاً طريقة وحيدة للمساعدة في التصدي لهذا الشعور بفقدان السيطرة واتباع استراتيجيات متعددة يكون ضرورياً في الكثير من الأحيان. وفيما يلي ست نصائح عملية يؤيدها الخبراء ويمكنها مساعدتك إذا كنت تعاني من القلق المرتبط بتناول الطعام، أو تحديداً، ذلك الشعور المزعج بفقدان التحكم عندما يتعلق الأمر بماهيّة الطعام الذي تأكله.
- ابذل قصارى جهدك لتناول الطعام على نحوٍ منتظم
من الممكن أن يكون تخطي الوجبات أو تحديد أنواع الطعام من الأسباب التي تجعل البعض يميلون إلى فقدان التحكم في تناول الطعام. لذا فإن إحدى الوسائل الرئيسية لمقاومة هذا الشعور – برغم أن قول ذلك قد يكون أسهل من فعله بكثير – هي تناول القدر الكافي من الطعام الذي يجعلك تشعر بالشبع ويجعلك لا تفكر في الجوع بشكل مستمر.
تناول الطعام على نحوٍ منتظم هو جزء كبير من التغلب على فقدان السيطرة على تناول الطعام. عندما لا نتناول القدر الكافي من الطعام أو نتجنب أطعمة معينة، فإننا نبدأ في الشعور بالحرمان. واستجابةً لذلك، تسعى أجسادنا للطعام، خاصةً الأطعمة التي أخبرنا أنفسنا بأنها ممنوعة.
التحكم بالرغبة بالأكل
من الجيد ثلاث وجبات في اليوم إلى جانب وجبة خفيفة عند الشعور بالجوع. لكن تذكروا، يختلف ذلك بشدة من شخصٍ لآخر، وعلى الأرجح، ستكون المواعيد المحددة التي تجعل تناول الطعام “منتظماً” مختلفة من شخصٍ لآخر. والأكثر أهمية من تحديد عدد الوجبات أو الوجبات الخفيفة هو التأكد من تناول القدر الكافي من الطعام خلال اليوم بما لا يجعلك تعاني من آلام الجوع المتكررة. كما يمكن تناول كل شيء باعتدال ما لم يكن هناك ضوابط طبية.
وإذا سمحنا لأنفسنا بتناول الطعام الذي نشتهيه بشدة، فسوف نتمكن من مواصلة يومنا بدلاً من الانشغال بالتفكير في هذا الطعام. يشبه ذلك ما يُطلق عليه الأكل الحدسي، وهو نهج لا يحاول فيه الأشخاص التحكم في طعامهم ويركزون بدلاً من ذلك على الالتفات إلى مشاعر الجوع والرضا.
- تصدّ للحديث السلبي عن الطعام وأعد صياغته
إعادة صياغة الأفكار والمعتقدات غير المجدية هي خطوة شديدة الأهمية نحو حرية تناول الطعام. ينطوي ذلك غالباً على التخلي عن القواعد الصارمة المتعلقة بماهية الطعام وكميته ومتى ينبغي أن نتناوله، تلك القواعد التي تغذي مشاعر العجز إزاء الطعام.
عادة ما يكون الالتزام بقواعد الحمية الغذائية أمراً صعباً، لذلك فعندما نأكل شيئاً نعدّه محظوراً فإننا نشعر بأننا فاشلون. ثم نقول لأنفسنا “لقد خالفتُ هذه القاعدة، ربما من الأفضل أن أستمر في ذلك وأبدأُ بدايةً جديدة من الغد”.
- عالج مشاعرك بنفسك مباشرةً
إن السبب الآخر الذي قد يجعل الشخص يشعر بفقدان التحكم في تناول الطعام هو المشاعر الصعبة مثل التوتر أو الحزن. تعلم العديد منّا اللجوء إلى تناول الطعام بوصفه وسيلة للتعامل مع مشاعرنا. لهذا السبب قد يساعدنا منح أنفسنا لحظة للتوقف ومراجعة الذات حتى نتمكن من العمل على كشف السبب الأصلي لمشاعرنا بدلاً من اللجوء إلى الطعام بوصفه وسيلة لتخدير مشاعرنا أو الهروب منها.
مع أن بعض الدراسات أثبتت أن تناول الطعام للشعور بالسعادة لا يُعدُّ بالضرورة أمراً سيئاً وقد يكون بمثابة آلية تأقلم فعالة، من المهم أيضاً وضع وسائل بديلة للتحكم في عواطفنا. ومرة أخرى، هذه من الحالات التي يمكن أن يتدخل فيها المعالج النفسي لمساعدتك في فهم والتعامل مع الضغوط الكامنة في حياتك بطريقة يستمر مفعولها لوقت أطول.
لكن هناك أشياء يمكنك عملها بنفسك أيضاً. على سبيل المثال، يمكنك كتابة اليوميات لتكون طريقة لمراقبة الذات، أي تسجيل ورصد الأوقات التي تشعر فيها بفقدان التحكم والسلوكيات المرتبطة بذلك. قد يعزز ذلك الإدراك والشعور بالمسؤولية، إلى جانب أنه يمكن أن يحدد بدقة العوامل المحفزة المحتملة وأنماط شعورنا وسلوكنا. قد تتضمن الأشياء التي يمكنك تدوينها كيف كنت تشعر وما الذي أكلته وأين فعلت ذلك وما الذي كان يجري في ذلك الوقت. من خلال الاستفادة من مشاعرك وعواطفك -وهي عملية تُعرف بالتنظيم العاطفي- يمكنك منح مشاعرك الوقت والمساحة بدلاً من كبتها.
- افعل شيئاً تجده ممتعاً
إننا نلجأ غالباً إلى الطعام بوصفه مصدراً للمتعة، ولا سيّما إذا كنّا نضع قيوداً للطعام الذي نتناوله. وليس هناك شيء خاطئ بطبيعته في تناول الطعام بهدف المتعة أو استخدام الطعام أحياناً لرفع المعنويات. في الواقع، قد يكون الفرح والارتباط بالسعادة وغير ذلك من المشاعر الإيجابية جزءاً أساسياً في تكوين علاقة صحية مع الطعام. ومع ذلك، إذا كنت تعتقد أن تناول الطعام من أجل المتعة هو أحد الأسباب التي تجعلك تشعر بأنك تفقد التحكم في تناول الطعام، فقد يكون من المفيد وضع مصادر بديلة للمتعة وطرق للتصدي لمشاعر مثل الملل أو الإحباط.
إن الانخراط في نشاط آخر يمكن أن يحول تركيزك بعيداً عن الطعام. قد يكون من المفيد وجود بعض الإلهاءات المقصودة لمساعدتك في قطع وتخفيف الأفكار والعواطف المرهقة ذهنياً.
يمكن أن يتمثل ذلك في أنشطة مثل العزف على آلة موسيقية أو الاستحمام أو صنع عمل فني. في النهاية، قد تكون قادراً على اللجوء إلى مثل هذه الأنشطة من أجل الراحة أو المتعة في اللحظات التي شعرت فيها أنك ستفقد السيطرة أثناء سعيك لتناول الطعام للتغلب على تلك المشاعر.
- اطلب مساعدة الخبراء
التحذير الذي يجب وضعه في الحسبان هو أن هناك طائفة واسعة من الأسباب التي تجعل الناس يشعرون بفقدان التحكم في تناول الطعام، ولهذا فإن الاعتقاد بوجود نهج واحد يناسب الجميع هو أمر غير واقعي. ومع أخذ ذلك في الحسبان، من الضروري استشارة أحد الخبراء، إن أمكن، لتحديد الأسباب الكامنة وراء شعورك بفقدان السيطرة. يمكن أن يكون خبيراً في الصحة البدنية أو خبيراً في الصحة النفسية أو كليهما.
بالنسبة إلى الشخص الذي يكون الدافع الأساسي في تناوله للأكل يتعلق بمشاكل وظائف الأعضاء، فإن اقتراح التغييرات السلوكية والأنشطة قد لا يكون محبطاً للغاية فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم فقدان السيطرة على تناول الطعام، إضافةً إلى الاضطرابات المزاجية، ومشاكل الصحة الجسدية المرتبطة بالتوتر.
إذا كنت لا تعرف حقاً سبب شعورك بفقدان السيطرة على تناول الطعام، أو إذا كان الأمر جسدياً أكثر منه نفسياً، أو إذا كان ذلك تغييراً مفاجئاً بالنسبة لك، فربما يكون من المفيد أن تتوجه إلى طبيب الرعاية الصحية الأولية الخاص بك لاستبعاد الأسباب الجسدية. على سبيل المثال، يمكن أن تسبب حالات مثل مرض السكري (النوع الأول والثاني) وفرط نشاط الغدة الدرقية انفتاحاً ملحوظاً في الشهية.
- اختر شخصاً للتحدث معه عما تشعر به
مع أن البحث عن مساعدة معالج محترف قد يكون مفيداً بلا شك، قد لا يكون خياراً متاحاً لدى الجميع. هناك العديد من العوائق العامة التي تمنع بعض الأشخاص من تلقي رعاية الصحة النفسية التي يحتاجون إليها. لا يستطيع البعض تحمل تكاليف العلاج أو يفتقرون إلى التأمين اللازم لدفع ثمنه، بينما قد يواجه آخرون صعوبة في العثور على معالجين ذوي كفاءة من الناحية الثقافية. لكن التحدث عن أفكارنا وعواطفنا يمكن أن يكون مساعداً بشكل لا يصدق برغم أنه أمر شاق أيضاً.
كما أنه قد ثبت أن الدعم الاجتماعي الإيجابي يشجع التعافي من اضطرابات الأكل. حتى التصرف البسيط المتمثل في الاتصال بصديق وإجراء محادثة في تلك اللحظات التي تشعر فيها بالضغط قد يساعد في تخفيف حدة الأفكار المزعجة وتخفيف العبء العاطفي.
من المهم أن نتذكر أن اضطراب الأكل والأفكار المصاحبة له معقدة للغاية. يمكنك استكشاف استراتيجيات مختلفة للتأقلم قبل أن تعثر على الاستراتيجية المناسبة لك، ولا تكن قاسياً على نفسك. إذا كان لديك تاريخ طويل من الخلل الوظيفي المتعلق بالأكل والالتزام بقواعد الطعام، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت لإصلاح علاقتك بالطعام المشحونة بالتوتر. ولكن في كثير من الحالات يمكن أن تتعلم كيف تصبح منسجماً مرة أخرى مع جسمك وإشاراته الكيميائية الطبيعية، وتشعر تدريجياً بمزيد من القوة والثقة إزاء التحكم في تناول الطعام.