حتى لا تخسر السورية للتجارة “ماء وجهها”؟!
دمشق – علي بلال قاسم
تكفلت الأشهر الأربعة الماضية – منذ صدور قرار الشركة العامة لتعبئة المياه بحصرية بيع المياه المعدنية بالشركة السورية للتجارة وأختها في خندق التدخل الإيجابي المؤسسة الاجتماعية العسكرية – بتأكيد المؤكد أن زمن فتح الأبواب مشرعة للوكلاء واحتكاراتهم قد ولّى على أرضية أن الدولة أولى بمياهها غير المسموح للخاص الاستثمار فيها، وبالتالي ثمّة موجبات تقضي بسحب وإعادة الأرباح المتحققة من جيب التّجار الذين استغلوا هذه التجارة لعقود، وكان شعار “شريك المي لا يخسر” قاعدة أوصلت الطرف المسوّق إلى الغنى الفاحش من جيب الحكومة التي تنبّهت مؤخراً إلى أن مياهها تجري من تحت كراسي مسؤوليها بتواطؤ بعضهم، وإغفال آخرين، وبشفاعة القانون مع كل الأطراف!.
قد يرى كثيرون أن الملف انتقل من تحت دلف الخاص لتحت مزراب العام ممثلاً بالسورية للتجارة والاجتماعية العسكرية، ولكن المبرّر المنطقي للخطوة يصبّ في وعاء أن للدولة أدواتها القادرة والمقتدرة، وهنا تتجسّد ضمانة عائدية هوامش الربح كلها للخزينة “من العب للجيب”، وصولاً للهدف الأهم المتمثل وفق مسوغات المعنيين أنفسهم بأن وصول المياه للمستهلك بالسعر الرسمي واجب تمليه الآليات الجديدة لوزارة التجارة الداخلية، عندما تبنّت هذا النهج الرامي لتوطين “تجارة المياه” تسويقياً عبر البطاقة الذكية التي تقوّض فرص الاحتكار والمتاجرة والتلاعب بالأسعار بعيداً عن يد الدولة الطولى بدلالة “تأميم” القطاع ببعده الحكومي الغيور على الماء وشاربيه”.
لم تكن الخطوة عبر الأشهر السابقة بمنأى عن الانتقاد والشكوى لبعض الهفوات والثغرات التي تشوب أي تحوّل تكتيكي من هذا النوع، كان أبرزها غياب العبوات من كوات ومنافذ تواجدها القريبة من المستهلك من محال وأكشاك وحتى المطاعم والمقاهي، واختزالها بصالات السورية والاجتماعية العسكرية، ليترحم أحد الممتعضين على زمن المناهل والسبل المهجورة لتشرب الناس، ومع ذلك كان القرار وجاهياً في إضافة عنصر المياه إلى البطاقة الذكية، ومازال تنفيذه جارياً حتى اليوم بتفاصيل “اللا رسالة” أو تسجيل بجعبتين كبيرتين كل أسبوعين بسعر 3150 ليرة أو جعبة صغيرة كل أسبوعين بسعر 4200 ليرة.
والجديد الذي يظهر إصرار الحكومة على تبني الخيار هو طلب مجلس الوزراء من وزارة الصناعة زيادة الطاقة الإنتاجية في وحدات إنتاج المياه وتعظيم الكميات المخزنة لمنع الاحتكار وتلافي أي نقص بالمادة المعبأة، في إشارة للوزارة بأنه ممنوع أن تقع السورية للتجارة والاجتماعية العسكرية في زنقة النقص وإحراجهما أمام الرأي العام الذي يشكل أخطبوط التّجار جزءاً كبيراً من شريحة الشامتين والمنتظرين الحصول على تذكرة العودة للقبض على سوق مياه الشرب المعدنية، في وقت سرّبت مصادرنا في السورية للتجارة بأن ثمّة مذكرات وتقارير تمّ توجيهها لوزير التجارة الداخلية بأن هناك نقصاً يحصل بتزويد الصالات بعبوات المياه، ما حدا بالأخير لإبلاغ الحكومة التي بدورها أوصت وزير الصناعة بزيادة الطاقة الإنتاجية كما جاء في الاجتماع الأخير للمجلس.
وفي ميدان الإنتاج في وحدات التعبئة الأربع والمنتشرة على مساحة جغرافيا محافظات ريف دمشق “بقين وفيجة” وطرطوس “السن ودريكيش” تؤكد الإفادات الواردة من هناك أن هناك خططاً موضوعة لتخديم دعم إنتاج العديد من الخطوط التي تعاني من الوضع الفني الذي يحتاج لتأهيل وعمرة وصيانة الآلات، وهنا يمكن استحضار تعقيب وزير التجارة الداخلية على تعليقات رواد صفحات التواصل الاجتماعي “حيث ينشط الوزير” عندما قال: إن الوزارة لا تقرّر كمية المياه التي يشربها المواطن، لكن المسألة مرتبطة بالطاقة الإنتاجية – محور حديثنا عن وحدات التعبئة – إذ أن الضمانة لوصول تلك المادة لأوسع شريحة من دون احتكار التجار، هي بضخ المزيد والمزيد من الكميات للصالات.
وهنا حريّ التذكير بما صادقت عليه اللجنة الاقتصادية منذ أشهر من عقود توريد وتركيب وتشغيل خطوط إنتاج آلية متكاملة لتعبئة المياه الطبيعية في وحدات التعبئة ومنها بقين بقيمة 1،7 مليار ليرة، في وقت نشطت مكنة المباحثات والمفاوضات السورية الإيرانية لدخول شراكات عقدية تدعم الموقف الإنتاجي وتساعد في تحديث الخطوط والتجهيزات “خط الستانلس ستيل واستبدال آلات النفخ وإضافة مرحلة الفلترة الرملية”.
إذاً مع تحديد “عقدة النجار” المتمثلة بتحكم العامل الإنتاجي في وحدات المياه بآليات التوريد ومن ثم حجم المعروض والمتاح للبيع في الصالات، وفي ظل تدخل الحكومة، حريّ بأن نكون أمام كميات تفي وتفيض عن الطلب المتزايد الذي يعوّل على إدارات الصالات حسن التسويق بالشكل الذي يرتضيه الزبون دون غيره.