على وقع تقرير “دافوس” المسيس.. الحرب والحصار منعا سورية من المشاركة بالاختبارات
شكّك خبراء تربويون ومختصون في وزارة التربية بصحة التقييم الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس حول خروج سورية من التصنيف العالمي لجودة التعليم، إذ اعتبروا أن التقرير ينحى باتجاه السياسة أكثر من كونه تربويا، ولاسيما أن الدول التي خرجت من التصنيف تعرّضت لحروب وأزمات خانقة على كافة الأصعدة، إضافة إلى مؤامرات من دول تدّعي النزاهة وتحتضن المراصد والمنتديات لتجيّرها لمصالحها الخاصة.
“البعث” تابعت الموضوع من داخل وزارة التربية، حيث قلّل البعض من أهمية هكذا تقارير كونها غير مبنيّة على مؤشرات دقيقة تتجاهل ظروف الحرب الشرسة على سورية من اعتداءات واستهداف إرهابي للقطاع التربوي لم يشهدها العالم في أي دولة أخرى، فيما رأى آخرون أن ما صدر عن منتدى “دافوس” غير صحيح ولا يمتلك مقومات الدقة والدراسات الحقيقية، متهمين القائمين على هذا التقييم بالانحياز لدول معادية شاركت بالحرب ضد سورية.
واعتبر مدير مركز التقويم والقياس في وزارة التربية الدكتور رمضان درويش أن التقييم مجحف بحق سورية كونه يميل تجاه التسييس أكثر من التعليم، مؤكداً أن سورية حرمت من القيام باختبارات وطنية لدخول التقييم لاعتبارات عديدة، منها الحرب والحصار والضغوطات الخارجية والعمل من دول معادية لتدمير التعليم في سورية.
وكشف درويش عن دراسة تربوية قادمة من أجل النهوض بالواقع وتطبيق المعايير من خلال إجراءات واختبارات وطنية يتمّ التجهيز لها في الأعوام القادمة.
ورغم الجهود الكبيرة المبذولة في الميدان التربوي من إداريين ومدرسين تواجدوا في الصفوف رغم القذائف الإرهابية والاعتداءات، مدافعين عن رسالة العلم على حساب أرواحهم، لم تخفِ الخبيرة التربوية راغدة محمود ضرورة العمل أكثر في رفع سوية التعليم وتطوير المناهج وتطبيق الطرائق التدريسية الصحيحة، والانتقال من الدورات والورشات إلى الميدان، وتقديم الدعم اللامحدود للمعلم كونه الركيزة الأساسية في تطوير التعليم وتحسين جودته.
صحيحة ولكن..؟
ومع تلك الآراء التربوية، أكد مصدر مطلع في وزارة التربية خروج سورية من التصنيف وعدم دخولها سلم التقييم نتيجة عدم وجود اختبارات وطنية سنوية مطلوبة كوثائق رسمية تقدم لدخول التقييمات، مؤكداً أن الوزارة عملت قبل الحرب على تجهيز اختبارات وطنية لمدى جودة وإتقان القراءة والكتابة لعينات من الصفوف الدراسية، لكن الحرب الإرهابية استهدفت القطاع التربوي بكافة مفاصله والعمل على تدمير البنى التحتية وتخريب المدارس من أجل خروج التلاميذ من دائرة التعليم، مما أرخى بظلاله على سوية التعليم، ولاسيما أن الحكومة كان همّها عودة المدارس المدمرة وتأهيلها والمحافظة على التلاميذ من خلال جيش تربوي بقي في الميدان رغم هذا الاستهداف ليبقي المدارس تنبض بالحياة.
شروط واختبارات
وأشار المصدر إلى الحصار الجائر على سورية ومنعها من المشاركة في الاختبارات الوطنية “PISA” التي تُبنى على دراسة دولية تعقد كل 3 سنوات، تستهدف الطلبة في سن 15 سنة في الصفوف من السابع إلى الثاني عشر لقياس مدى اكتساب الطلبة للمعارف وللمهارات الضرورية للتفاعل مع المجتمع في جميع المجالات سواء في مجال معرفة العلوم أو معرفة الرياضيات أو معرفة القراءة.
ولفت المصدر إلى أحد الشروط المهمّة التي تؤخذ بعين الاعتبار في تقييم الجودة ألا وهو نسبة إنفاق الحكومة على التعليم، إذ أن نسبة ما ينفق في سورية على التعليم يتراوح بين 3 إلى 4% فقط من الموازنة العامة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة والأولويات الضرورية لحياة المواطنين في ظل هذا الحصار الاقتصادي.
مواكبة تطور
وزارة التربية لم تألُ جهداً خلال فترة سنوات الحرب لترميم القطاع التربوي بكافة أشكاله من ناحية اعتماد المنهاج “ب” للمنقطعين عن الدراسة وضمان إلحاقهم بالصفوف الدراسية لمواكبة زملائهم من خلال برنامج مكثف يعوض ما فاتهم، إضافة إلى تطوير المناهج ومواكبة الانفجار المعرفي في العالم والقيام بحملات مليونية من أجل عودة الأطفال للمدرسة، والحفاظ على امتحانات نزيهة وعادلة والاستمرار بمسابقات الأولمبياد ومدارس المتفوقين والتعاون مع المنظمات الدولية المختصة.
التربية إذاً مطالبة في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، وخاصة بعد الانتصار العسكري، أن تعيد ترتيب أوراقها التربوية وتسعى للنهوض بالواقع التعليمي وتحسين مستوى التدريس والمدرّس، وأن تكون خططها جاهزة للعودة بقوة إلى واجهة التعليم العالمي، ولاسيما مع وجود مبدعين ومميزين من خريجي المدارس السورية في كافة الاختصاصات في الخارج.
علي حسون