ترتيبات الإفراج عن الجوازات
علي بلال قاسم
يدرك الفكر الجمعي المحلي أن خطوة من قبيل الاستعداد لإصدار جواز سفر خلال يوم واحد مقابل 100 ألف ليرة، مهمة جداً في ظرفية مواسم السفر باتجاه كوات ومنافذ مديريات الهجرة والجوازات، حيث تزداد الطوابير ويتنامى الإقبال اليومي، ولاسيما مع وقوع إدارة القطاع في عوز استيراد المواد المطلوبة لاستصدار الجواز، إذ لطالما اعترفت وزارة الداخلية بوجود نقص ما استدعى ترتيبات جديدة، كانت وزارة الداخلية شفافة بشأنها عندما أوضحت بأن التأخير في منح وتجديد جوازات السفر يعود إلى أسباب (فنية خارجة عن إرادتها.
وإذا كان إقرار خدمة جواز السفر الفوري جاء تلبية لرغبات المواطنين، فإن كثافة ونوعية الإجراءات التي اعتمدت مؤخراً تشي بأن ثمة نوايا للبحث عن حلول ومخارج لأزمة تأمين مستلزمات الجوازات، وكان الأبرز في هذا السياق إنجاز المعاملات إلكترونيًا لدى المركز القنصلي الإلكتروني، اعتبارًا من الخميس الماضي، وقبلها في 18 من الشهر الحالي إعلان الوزارة إنشاء نافذة خاصة على موقعها الإلكتروني لتسجيل المواطنين المقيمين في دمشق وريفها على طلبات الحصول على جوازات السفر والاستعلام عنها، كخطوة أولى تمهيداً للتعميم لباقي المحافظات.
نعلم أن الشهور الطويلة الماضية منذ “فوران” موسم الهجرات “دولياً” شهدت أروقة فروع الهجرة والجوازات حالات من الفوضى وبعضاً من الفساد والتجاوزات ( غير المتحقق منها) لأنها جاءت على ألسن مواطنين ادعوا أنهم دفعوا رشاً وصلت لحدود مئات الآلاف للحصول على جواز سريع وفوري، عندما اشترط على طالب الجواز حجز تذكرة طيران، وهنا وصلت التكاليف حسب شاكين إلى مليون ليرة بالتمام والكمال.
ومع تعميم إدارة الهجرة والجوازات في وزارة الداخلية، باستنفار جميع العناصر المسؤولين عن تجهيز معاملات جواز السفر، لإنهاء طلبات الجوازات المتراكمة، كانت التوضيحات تقول بأن تكاليف الحصول على جواز السفر العادي للمقيمين داخل سورية 13 ألف ليرة سورية، في وقت أوضح الموقع الرسمي لوزارة الخارجية السورية والمغتربين، بأن السعر العادي لرسوم منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للسوريين ومن في حكمهم، الموجودين خارج سورية، بشكل فوري 800 دولار أمريكي، و300 دولار أمريكي ضمن نظام الدور العادي.
هي خطوات ولو جاءت متأخرة إلا أن الحقيقة واضحة لجهة أن هذه الخدمات تأتي لتبسيط إجراءات الحصول على الجوازات، وتخفيف الأعباء عن المواطنين، بعدما شهدت إدارة الهجرة والجوازات وفروعها في جميع المحافظات خلال الأشهر الماضية ازدحاما شديدا بسبب ظروف التأخير، إذ لم تقتصر الأزمة محلياً فقط، بل واجهت القنصليات كذلك الأمر.
بالعموم لا يمكن التعامي عن التحرك السريع الذي أبدته وزارة الداخلية لإنقاذ الموقف الفني والذي ظهر في حرج الإقبال الشديد في هذه الفترة ما سبب ضغطاً، ووقوع عمليات استغلال لحاجة بعض المواطنين، وما إعلان إدارة الهجرة والجوازات عن زيادة المدة اللازمة للحصول على جواز سفر العادي غير مستعجل لتصبح شهرا بدلا من 15 يوما، مع الحفاظ على التسعيرة دون زيادة، إلا تقليلا من فرص الفساد الذي يلهث المواطن ذو “الحاجة الرعناء” إليها قبل الموظف أحياناً.
هي ترتيبات تستدعي التذكير بما أعلنت وزارة الداخلية، في نيسان 2018، عن نيتها إصدار جواز سفر يحصل عليه المواطن من منزله إلكترونيا، عن طريق وسائل الاتصال المتوفرة، واعتبرت أن هذا الجواز بات مطلبا عالميا، ويحوي جواز السفر الإلكتروني بصمة الإصبع، وفي هذه الحالة يتم تسمية الجواز بـ “Biometric passport”، ويعد من الجيل الثاني لجوازات السفر الإلكترونية، ومع أهمية المشروع الذي لم يتم تنفيذه حتى اليوم، تبرز ضرورة تسريع تبنيه وتوطينه لتسير الجوازات على السكة الصحيحة بلا مشاهد الطوابير والاحتكاك المباشر الذي يفرخ الفساد.