“التعليم العالي”: منتدى دافوس اقتصادي و ليس لتصنيف الجامعات.. وهناك فرق بين التصنيف والجودة
دمشق _ لينا عدره
بيّن الدكتور حسام عبد الرحمن مدير الجودة والاعتماد في وزارة التعليم العالي، في تصريحٍ خاص لـ”البعث”، موقف الوزارة من الجدل الذي أحدثه التقرير الصادر عن “منتدى دافوس” والمتعلق بخروج سورية من التصنيف العالمي لجودة التعليم، والذي – حسب ما أكد – يُحدث سنوياً اللغط نفسه، ما استدعى الرد والتوضيح، مبيناً أن بداية نشوء مؤسسات التصنيف العالمي للجامعات كانت على أساس تجاري، ما يلغي فكرة وجود ربط بين مسألتي “جودة التعليم والتصنيف”، بسبب اعتماد التصنيف على قياس أشياء كمية، لا تُعبر بالضرورة عن جودة التعليم تماماً، فحسب إحصائية أُجرِيت في عام 2016 موجودة في أعرق المجلات الأمريكية، هناك 16 ألف خريج من جامعة دمشق منهم أطباء يعملون في الولايات المتحدة الأمريكية، و8000 معظمهم أيضاً خريجي جامعة دمشق ما بين مهندس وطبيب في ألمانيا، ما يؤكد أن مسألة المستوى العلمي والبحثي لدينا ترقى لمكانة جيدة، مضيفاً أننا لا نعمل على استغلال التكنولوجيا والآليات الحديثة، فضلاً عن أن مجلاتنا غير موجودة على قواعد البيانات العالمية، ولم نحاول الاشتراك بمؤسسات تصنيف المجلات كـ “سكوبس” والتي تحتاج للكثير من الأموال.
وشدد على أن مسألة التصنيف لا تعكس بالضرورة مسألة الجودة، لأن التصنيف مسألة كمية، تركز على عدة معايير أساسية لها علاقة “بالتعليم والبحث العلمي ونسبة الأستاذ إلى الطالب”.
ويوضح الدكتور عبد الرحمن أن عدد مؤسسات التصنيف العالمي للجامعات 40 مؤسسة، أشهرها “شنغهاي والويب ماتريكس” الذي يصنف كل جامعاتنا، من خلال اتباعه لآلية تقوم على التركيز “بنسبة 50 بالمئة على الموقع الالكتروني وليس على جودة الجامعة، علماً أنه يركز أيضاً على مسألة البحث العلمي والنشر إضافةً إلى اعتماده على البيانات وعلى “سيماغو” الذي بدوره يعتمد بشكل أساسي على “سكوبس” وبالتالي _ يتابع عبد الرحمن _ أننا كلما نشرنا في سكوبس سيرتفع تصنيفنا على الويب ماتريكس، وانطلاقاً مما ذّكِر فإن مؤشر دافوس ليس مؤسسة تصنيف للجامعات، وإنما هو منتدى اقتصادي، فضلاً عن استخدامه لمعايير اقتصادية مغايرة لما تستخدمها مؤسسات التصنيف العالمي،
أما السبب الأساسي في عدم تواجدنا مع الدول التي صنفت خارج التصنيف كالعراق مثلاً – يتابع د. عبد الرحمن – فهو عدم توفر البيانات، خاصةً وأننا لم نتلق أي طلب من منتدى دافوس لتزويدهم بأية معلومات، وبالتالي عدم توفر معلومات كافية لديهم لدولة ما سيُخرِجها من التصنيف، والدليل كما أن دولة كالعراق هي خارج تصنيف مؤشر دافوس العالمي، علماً أنها تصرف على الجامعات والنشر مبالغ كبيرة جداً، لامتلاكها ناتجا قوميا من النفط الخام مرتفعا جداً يصل لحوالي 270 مليار دولار، و فيها حوالي 18 جامعة دخلت بالتايمز وQS وهي مواقع تصنيف عالية جداً، إضافة إلى أن مستوى تصنيف الجامعات العراقية أعلى من الجامعات الأردنية، التي صنفها مؤشر دافوس في مقدمة التصنيف، والأمر نفسه ينسحب على مصر التي صُنِفت في المرتبة الأخيرة على الرغم من أن جامعة القاهرة هي من بين أول 500 جامعة عالمياً، وأيضاً السعودية التي لم تصنف حسب المؤشر في المراتب الأولى، علماً أن أول ثلاث جامعات على مستوى الشرق الأوسط هي سعودية، إذاً عدم وجود جامعات لدولٍ كـالسعودية ومصر و العراق هو مؤشر أن دافوس لا يعتمد نفس المعايير التي تعتمدها مؤسسات تصنيف الجامعات، وبالتالي الأمر لا يتعدى كونه مسألة سياسية وإعلامية، لا نعلم ما الغاية منها.
ومن هنا يرى عبد الرحمن أن مصداقية هذا المنتدى لا تعني الكثير من الدول، موضحاً أن الوزارة تتابع معايير في الويب ماتريكس وتعمل على تطبيقها لتحسن تصنيف جامعاتنا، حيث تقوم الجامعات بوضع خطط استراتيجية لترتقي بتصنيفها، وهو ما مكَّن جامعة دمشق من تحقيق المرتبة 80 إقليمياً في تصنيف QS، مؤكداً ضرورة التدقيق بما يصل من أخبار وعدم تداولها، وتحويل الوهم إلى حقيقية زائفة، لأنه من غير المنطقي أن نقارن على سبيل المثال لا الحصر جامعة طرطوس مع جامعة هارفارد والتي تصل ميزانيتها لحوالي 41 مليار دولار سنوياً على حدَّ قوله.
ويذكِّر عبد الرحمن أن جامعاتنا هي ذات سياق اجتماعي معين تسعى نحو “المجانية والاستيعاب وليست ربحية”، على الرغم من أن البعض يقول أن المعايير المتبعة، في التصنيف هي معايير عالمية، ولكن ورغم ذلك يبقى لكل دولة سياقها الاجتماعي الخاص بها.
وأكد أن مديرية الجودة عملت على في السنوات السابقة على إصدار عشرة معايير تتعلق بالتعليم وجودة الجامعات، حيث تم إصدارها من مجلس التعليم، وإرفاقها بقرار لتصنيف جامعاتنا محلياً ووطنياً بناء على هذه المعايير، لذلك ما يهمنا اليوم حسب ما وضح عبد الرحمن هو الحصول على اعتماديات دولية، وهو ما سيرفع مستوى جودة التعليم ويفيد الطلاب، خاصةً وأننا نخرج سنوياً آلاف الطلاب، وانطلاقاً من أهمية الأمر تم منذ عدة أيام إصدار قانون يتعلق بإحداث الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية مرتبطة بوزارة التعليم العالي.
وفيما يخص الكليات الطبية، يبين عبد الرحمن أن الهيئة العالمية الخاصة بالتعليم الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، أعطت مهلة للكليات الطبية لغاية 2023 في سورية وغيرها من البلدان، مفادها أن أي كلية تمنح “شهادة طب” لم تحصل على “شهادة اعتمادية سواء وطنية أو عالمية”، لن يتمكن أيٍّ من خريجها من العمل في الغرب بشكلٍ عام، وتحديداً في “الولايات المتحدة الأمريكية وكندا” وهو ما سيشكل لاحقاً عائقاً أمام الطلاب الراغبين بالعمل في الخارج، وانطلاقاً من هذه الجزئية ولما لها من أهمية فإن مسألة إحداث الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية التي تم إحداثها مؤخراً من قبل الوزارة، من الممكن أن تحل هذه المسألة، ما سيحسن من جودة التعليم سواء الحكومي أو الخاص بالأمد المنظور، طبعاً كل ذلك بالتوازي مع مسألة التصنيف الوطني الذي تعمل عليه الوزارة أيضاً.