ارتفاعات متسارعة في أسعار المواد الغذائية.. وشلل عام للرقابة التموينية..!
عبد الرحمن جاويش
ظاهرة اللجوء إلى رفع الأسعار بشكل يومي وحتى لحظي، أصبحت الشغل الشاغل للتجار ضمن أروقة مستودعاتهم ومحالهم، وحتى المحال بيع المفرق بدأت ترفع أسعارها يوميا دون التقيد بنشرة الأسعار الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية.. وضع متشعب الصعوبات والتعقيد شكل أعباء إضافية على المواطن وخاصة من ذوي الدخل المحدود؛ هذا هو حديث الشارع اليوم: الأسعار وحالات الاستغلال والاحتكار في الأسواق، والمواطن هو من يدفع ثمن جشع التجار والاحتكار لرفع الأسعار، إذ لم تنج مادة أو سلعة من رفع السعر بشكل مبالغ فيه جداً، حتى الفواكه والخضار هي الأخرى، تشهد ارتفاعات يومية وغير منطقية، رغم أن أكثر أنواعها تُنتج محليا..!؟
فرض نفسه..!؟
واقع وأيَّا كانت الجهة التي ترفع الأسعار اليوم، فرض غلاء فاحشا، أسقط من يد المواطن أية قدرة على التعامل معه، ولم يعد يفيد أي شيء فيه، فالتعاطف والوعود والخطط الإستراتيجية الطويلة أو القصيرة الأمد، لم تتمكن حتى اللحظة من التخفيف من الواقع المعيشي المؤلم، في وقت ومرحلة أضحى المواطن الفقير بحاجة ماسة إلى توفر مواد وسلع وطبابة مجانية أو شبه مجانية..إلخ، تتناسب ودخله الشهري والسنوي..!
في المقابل، تركت المتابعة الميدانية التي يقوم بها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم، والتي تهدف لتلافي السلبيات الموجودة في حياة المواطن اليومية، أثرا مقبولا نوعا ما لدى بعض المواطنين، حيث يتم من خلال هذه الجولات الاطلاع على حالة الأسواق والأسعار على ارض الواقع وعكس الصورة المرسومة لدى الكثيرين، حيث تأكد العديد من الأخطاء أهمها: فلتان الأسواق، ورفع الأسعار المزاجي الذي يعتبره الكثيرون استغلالا واضحا، على عكس توجيهات الحكومة التي تتابع الوضع المعيشي دون اتخاذ قرارات تريح المواطن وتمكنه من تأمين احتياجاته الأساسية اليومية..!
غياب واضح
هذا الوضع المأزوم، وحسب الاقتصاديين، أدى إلى فجوات واسعة بين دخل الفرد وتحقيقه للمتطلبات اليومية من سلع وخدمات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها كونها احتياجات ضرورية.
أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، وفي توضيح خاص لـ “البعث”، أكد أن التلاعب بشكل يومي بالأسعار من قبل التجار بدون رقابة وغياب واضح للجهات التموينية، أثر على حركة الأسواق و تراجع القوة الشرائية، فبدا المواطن رويدا رويدا يستغني عن بعض الحاجات الأساسية، التي أصبحت تشكل عبئا كبير على دخله المتمثل بالراتب الذي لم يعد يصمد لأيام، في وقت تسجيل غياب واضح للجهات المعنية بإيجاد سياسات للتخفيف ما أمكن عن المواطن ذي الدخل المحدود.
ويرى بعض الاقتصاديين أنه من المفروض تفعيل الجهات التموينية لضبط الأسواق من خلال أجهزة رقابية شريفة من ذوي الضمائر، وهذا يتطلب من مديريات التموين تأدية دورها الحقيقي والفاعل في الأسواق وعدم الاكتفاء بجولة واحدة لضمان حق المواطن، وكبح جماح ارتفاع الأسعار، في ضوء تحكم التجار بتسعير المواد الأساسية، كما يرون أهمية وجود رؤية مشتركة في ظل ما وصلت إليه الحال من ارتفاعات مزاجية لأسعار المواد الغذائية المختلفة، إضافة لوجود رقابة صارمة على الأسواق من قبل فريق حكومي لا من التموين، يفرض وجود لوائح تسعير تعلق على المحلات يوميا، ولا يتسامح مع كل محل لم يتقيد بلوائح الأسعار التي تضعها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
جولة على الأسواق
“البعث ” في جولة لها على أسواق الخضار و الفواكه بدمشق وريفها، لاحظت أن الخضار شهدت قفزات متسارعة في أسعارها وخاصة ما يتعلق بمادة البطاطا حيث أشار بعض البائعين إلى أن سبب الارتفاع يعود إلى تأخر موسم البطاطا للعروة الخريفية، وأن زيادة أسعار الخضار والفواكه تعود إلى العرض والطلب في السوق، ناهيك عن ارتفاع تكلفة الإنتاج و أجور النقل، فقد سجل كلغ البطاطا سعرا وصل إلى 2700 ليرة وهو رقم قياسي حيث لم يصل سعر البطاطا بتاريخ الأسواق إلى ما وصل إليه حاليا، علما أن المادة تعتبر أساسية لدى اغلب الأسر، ولا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بأي مادة أخرى، في حين سجلت الفاصوليا الخضراء العريضة 6000 ليرة للكغ الواحد, والكوسا مابين 1600 – 1800 ليرة والخيار لم يكن أفضل حالا بل سجل 1600 ليرة، في حين بلغت الملوخية البلدية 5000 ليرة أما البندورة فقد فبلغت 800 ليرة والليمون الأخضر بـ 1000 ليرة للكغ، إما البامية البلدية فسعر الكغ 4500 ليرة، وبالنسبة للفواكه حدث ولا حرج، فأسعارها فلكية وأصبحت تشكل عبئا على مختلف الأسر رغم ضرورتها الغذائية، وأصبحت من الرفاهية ضمن قوائم المحظورات مثل الموز، وتأتي هذه الأسعار في وقت تلبي الزراعة السورية حاجة السوق المحلية على مدار العام وتقوم الدولة بتصدير كميات هائلة من الفواكه سنويا، أي أنه وبصريح العبارة : لا يوجد أي نقص في الخضار و الفواكه والإنتاج مستمر..!.
رأي التمويني ( كالعادة)..!
“البعث” استطلعت رأي مدير حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية الدكتور حسام نصر الله، فأكد – كالعادة – أن الأسواق تعتبر مضبوطة نوعا ما ولكن لم تصل إلى درجة الكمال، وأن مديريات التموين تتابع وضع الأسواق يوميا وتسطر أعدادا كبيرة من الضبوط وتتابع وضع الأسعار من خلال النشرات الصادرة عن الوزارة، وأن الوزارة تشدد على مديرياتها ضرورة الرقابة على المستوردين والمنتجين وتجار الجملة للمواد العلفية ولاسيما الذرة والصويا وتنظيم الضبوط اللازمة، إضافة لتشديدها الرقابة على بيع وتداول المواد الغذائية بالفعاليات التجارية التي تتعامل بها وتنظيم الضبوط اللازمة مع التركيز على تجار الجملة ونصف الجملة والمنتجين والمستوردين