رؤية بورجيه في العلاقات الجزائرية الفرنسية
هيفاء علي
قدّم جاك ماري بورجيه، المراسل الحربي الفرنسي، والمناصر لقضايا الشرق الأوسط، تقييماته ومخاوفه بشأن العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتطورات الحالية بين البلدين، منتقداً القوة الاستعمارية السابقة من خلال الردّ بأن “فرنسا ترفض مواجهة ماضيها الاستعماري”. وكشف بورجيه النقاب عن القوة الاستعمارية السابقة في معرض لقاء أجرته معه مجلة “اكسبرسيون” الجزائرية، حيث لفت إلى أن فرنسا ترفض الاعتذار عن الإساءة التي مارستها ضد الجزائريين، ولهذا السبب الفرنسيون والجزائريون لا يستطيعون “المصالحة”.
وعليه، فإن العلاقات الفرنسية الجزائرية في تدهور مستمر، وما زاد هذا التدهور هو مطالبة بنيامين ستورا المؤرّخ الفرنسي في تقريره “مصالحة الذاكرة” الذي اعتبرته القيادة الجزائرية إهانة للجزائر، حيث كان الأجدى به اتخاذ موقف يقضي بأن تقدم باريس اعتذارها للشعب الجزائري عن ماضيها الاستعماري.
ورداً على سؤال يتعلق بتأثير “إسرائيل” على الموقف الفرنسي من الجزائر، أكد بورجيه أن حلم “إسرائيل” أن تكون على أبواب الجزائر، واستخدمت ملف الصحراء الغربية لهذه الغاية، ولهذا السبب لم تقلْ فرنسا كلمة واحدة في هذا الملف، وأضاف أن هذه الأرض ليست ملكاً لـ ترامب، والتي تنتظر الحصول على موطئ قدم في الجزائر العاصمة منذ سنوات طوال. ويجب ألا ننسى أبداً أن المحافظين الجدد شكلوا مشروع “هلال” من إيران إلى المغرب، ولكنه مني بفشل مدوٍ في العراق وسورية وليبيا.
وأشار بورجيه في ردّه على سؤال حول ماهية الطريقة الأكثر فعالية للقتال ومواجهة حروب الجيل الرابع، إلى أن هذا النوع من الحروب هو أداة اخترعها تجار الأسلحة لجعل الدول تنفق المزيد من الأموال على الميزانيات العسكرية. وهنا نتذكر رونالد ريغان و”حرب النجوم”. من ناحية أخرى، يبدو أن دول الناتو قد شنّت حرباً باردة جديدة يتمّ لعبها على الإنترنت وفي الدفاع المزعوم عن حقوق الإنسان.
وقد شهدت الجزائر الحلقة الفاضحة من مسلسل “من يقتل من؟” عندما شنّ تنظيم “داعش” الإرهابي عليها هجوماً بالمسيرات. وبالنسبة للصين، فإن واشنطن تحرك مسألة الأويغور لاستهداف بكين. وحول رأيه بما سُمّي “الربيع العربي”، وهل يعتبره أداة من قبل الغرب لإضعاف الدول ذات السيادة ووضع إستراتيجية الغزو الاستعماري، أكد بورجيه أن السلاح الآن هو السوق ونهب المواد الخام بمساعدة المتواطئين المحليين، مضيفاً أن “الربيع” المفترض كان فقط تطبيقاً لنظرية جين شارب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس، الذي اخترع الحرب “المتحضرة بدون أسلحة”، التي تمّ فيها اللجوء إلى التسمم والاستفزاز واستغلال الحركات الشعبية على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولفت بورجيه إلى أن العالم يشهد إعادة توزيع جديدة للبطاقات على مستوى الجغرافيا السياسية الدولية. وتساءل من يستطيع أن يتنبأ بمصير أفريقيا بتركيبة سكانها القوية التي تواجه الفقر، والاحتباس الحراري، والنهب الذي تتعرّض له؟.
الحرب “العالمية” غير مرجّحة، لأنها ستكون بمثابة انتحار للرأسمالية، ولكن مع الإستراتيجية الذكية والمال، يمكن أن يتحوّل اللون الأسود إلى اللون الأبيض، يختم بورجيه حديثه.